على طريق شرم الشيخ، تلك المدينة الساحلية المليئة بالمنتجعات الفاخرة والشواطئ الجذابة بالقرب من الطرف الجنوبي لشبه جزيرة سيناء، يضع العمال المصريون اللمسات الأخيرة بشأن الاستعدادات لقمة المناخ السابعة والعشرين التابعة للأمم المتحدة لمؤتمر الأمم المتحدة COP27 .

حافلات جديدة متلألئة جاهزة للتنقل على الطرق السريعة الموسعة التي تتقاطع مع المناظر الطبيعية الصحراوية، وتحيط بها ممرات جديدة لامعة ناعمة مزينة بأقواس منحوتة، ومن المقرر أن تتزين هذه الأماكن بالألواح الشمسية المتلألئة التابعة لشركة لها علاقات مع الجيش المصري، بالإضافة إلى افتتاح مركز تسوق جديد.

على الجانب الآخر من المشهد، توجد تقنيات مراقبة جديدة، لدرجة أن اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، تباهى مؤخرًا في تصريحات للتليفزيون المحلي قائلًا إنه سيتم تفتيش أي زائر يدخل برًا من بوابة المدينة، وأضاف أن 500 سيارة أجرة بيضاء مخصصة لنقل الحاضرين خلال المؤتمر ستزود بكاميرات داخلية متصلة جميعها بـ “مرصد أمني” محلي لمراقبة كل ما يحدث داخل “السيارات”.

القيادات الأمنية في المحافظة نوهوا أنه سيسمج بمساحة للنشطاء للتجمع والتظاهر أثناء القمة، ولكن فقط في منطقة مبنية لهذا الغرض بالقرب من طريق سريع وبعيدًا عن مركز المؤتمرات أو أي مناطق مأهولة بالسكان أو تحتوي على أي مظهر حيوي.

صور منطقة الاحتجاج المخصصة تُظهر صفًا من الكبائن المطلية باللون الأبيض بين صف من أشجار النخيل وموقف للسيارات، ولم يتضح ما إذا كان سيُسمح للمتظاهرين بالانتشار بين المساحات الشاسعة المفتوحة، أو سيُجبرون على التجمع بجوار الكبائن.

وحول منطقة الاحتجاجات، قال فودة “المكان أنيق للغاية ونظيف جدًا… توجد مقاهي ومطاعم في المنطقة المخصصة للتظاهر”، مشددًا على أنه “لن يسمح بدخول أحد دون ستجيل مُسبق”.

وأضاف فودة أن السلطات المصرية شيدت منطقة الاحتجاج استجابة لسلسلة من الدعوات من دبلوماسيين غربيين قلقين من منع المظاهرات في Cop27، والذين تصاعدت مخاوفهم بسبب حظر الاحتجاج العام القائم منذ ما يقرب من عقد من الزمان.

من جانبه، قال حسين باعومي من منظمة العفو الدولية: “قد يكون هذا أكثر شرطي يخضع لمراقبة شديدة في تاريخ المؤتمر”، في إشارة لمنطقة الاحتجاجات المخصصة.

وسخر باعومي من طريقة الحكومة المصرية في التعامل مع فكرة الاحتجاجات، مضيفًا “إنها مسرحية… إنهم لا يريدون السماح بالحق في الاحتجاج أو حرية التجمع، لكنهم يريدون أن يظهروا كما لو كانوا كذلك… هذا تعريف السيسي للاحتجاج – تذهب إلى مكان وتسجل وتحتج لمدة ساعة حيث لا يمكن لأحد رؤيتك، وبعد ذلك يضعك أمام الكاميرا حيث يمكن للسلطات أن ترى ما إذا قلت شيئًا لا يعجبهم… هذا تصرف دولة لا تريد السماح بحرية التجمع، لكنها كذلك لا تقبل أن يُقال عنها إنها تحظر التجمع”.

بالنسبة للعديد من المراقبين، فإن اختيار الحكومة المصرية لعقد قمة Cop27 في منتجع بعيد عن عاصمة التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة تقف وراءه أسباب أعمق من المناظر الطبيعية الخلابة، فشرم الشيخ بالنسبة للحكومة المصرية منطقة آمنة بعيدة عن المواطنين، وبالتالي لن تضطر إلى حدوث أي مواجهات بين الشخصيات والمسؤولين الزائرين وبين الشعب وعليه رؤية الوجه الحقيقي للبلاد.

المدينة التي بُنيت لهذا الغرض والممتدة بين البحر وخلفية من سلاسل الجبال التي تشبه المناظر الطبيعية للقمر لا تحتوي على ميدان مركزي أو أي ساحات أو أماكن يمكن أن يتجمع فيها الناس في مجموعات كبيرة، حتى لو سمح القانون بذلك، في المقابل، تربط الطرق السريعة الطويلة والمسطحة شبكة من المنتجعات الفاخرة، المخصصة لزيارة السياح أو النخبة المصرية للاسترخاء على شواطئ البحر الأحمر، لذلك تُعد شرم الشيخ نقطة مثالية للمراقبة المكثفة لأي شخص يحضر القمة.

قال باعومي: “شرم الشيخ منتجع أحلام يمكن للحكومة فيه استبعاد غالبية المصريين، واستثمار مبالغ ضخمة من الموارد لضمان أن كل شيء تحت المراقبة وسيطرتهم… إنه يخبرنا ما هو المجتمع المثالي بالنسبة للرئاسة المصرية والقيادة، في نظرهم: المجتمع السعيد هو المجتمع الذي لا يخلو من الشعب الحقيقي”.

ستمتد مراقبة الحاضرين في Cop27 أيضًا إلى مراقبة عالمهم الافتراضي، عبر تطبيق أنشأته الحكومة المصرية ليكون بمثابة دليل لمرافق المؤتمرات.

حول ذلك قال حسام بهجت من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في تغريدة على تويتر: “يمكنك تنزيل تطبيق Cop27 الرسمي على الهاتف المحمول، ولكن يجب عليك تقديم اسمك بالكامل وعنوان بريدك الإلكتروني ورقم هاتفك المحمول والجنسية ورقم جواز السفر”.

وحول ذلك أضاف باعومي أن المتخصصين في التكنولوجيا العاملين في منظمة العفو الدولية راجعوا التطبيق وأبلغوا عن مخاوف بشأن المراقبة، وذلك بسبب قدرته على الوصول إلى كاميرا المستخدم، والميكروفون، وبيانات الموقع ، والبلوتوث.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا