تصاعدت حدة المواجهات في السودان، حيث أعلن الجيش السوداني تحقيق تقدم استراتيجي في وسط الخرطوم، بينما تواصل قوات الدعم السريع قصفها المدفعي على أم درمان، مما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا المدنيين.

وفي الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة، تتجه أصابع الاتهام نحو الإمارات لدورها المزعوم في تأجيج النزاع عبر دعمها لقوات الدعم السريع بالأسلحة والتمويل، مما يعقد فرص التوصل إلى حل سياسي للأزمة.

الجيش السوداني يعزز مواقعه في الخرطوم ويطوّق الدعم السريع

أعلن الجيش السوداني، اليوم الثلاثاء، عن تحقيق تقدم عسكري جديد في قلب الخرطوم، حيث سيطر على مواقع استراتيجية كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وذلك في إطار حملة موسعة لاستعادة السيطرة على العاصمة بعد أشهر من المعارك العنيفة. 

ووفقًا للناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، العميد ركن نبيل عبد الله علي، فإن “قوات سلاح المدرعات تقدمت من جسر الحرية باتجاه وسط الخرطوم، وتمكنت من السيطرة على مواقع كانت تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع، إضافة إلى تطهير مستشفى الشعب التعليمي من العناصر المسلحة”.

ويعزز الجيش السوداني هيمنته العسكرية تدريجيًا في ولاية الخرطوم التي تتكون من ثلاث مدن رئيسية، حيث يسيطر بالكامل على مدينة بحري، ومعظم أنحاء أم درمان، بينما تتقلص مساحة نفوذ الدعم السريع في الخرطوم، حيث يحكم قبضته على بعض الأحياء الشرقية والجنوبية فقط.

وتأتي هذه التطورات بعد أسابيع من المكاسب الميدانية التي حققها الجيش في ولايات الجزيرة والنيل الأبيض وشمال كردفان والنيل الأزرق، مما يشير إلى تراجع نفوذ الدعم السريع على الصعيد الوطني.

قصف مدفعي دموي في أم درمان وتصاعد الأزمة الإنسانية

في الوقت الذي يحقق فيه الجيش تقدمًا على الأرض، واصلت قوات الدعم السريع هجماتها العشوائية على الأحياء السكنية في أم درمان، حيث أفادت وزارة الصحة السودانية بمقتل 10 مدنيين وإصابة آخرين في قصف مدفعي مكثف استهدف مناطق الثورة، وخاصة الحارتين الثامنة والعاشرة. 

وتعد هذه الهجمات امتدادًا لسلسلة من القصف العشوائي الذي أسفر، أمس الاثنين، عن مقتل 4 مدنيين وإصابة 30 آخرين.

وتشير التقارير إلى أن هذا القصف يأتي كرد فعل على تراجع الدعم السريع في العاصمة، حيث يسعى لخلق حالة من الفوضى والضغط على الجيش عبر استهداف المدنيين.

وفي هذا السياق، أفادت غرف الطوارئ المحلية بوقوع انتهاكات جسيمة على يد قوات الدعم السريع، تضمنت عمليات اختطاف لأكثر من 70 مدنيًا، بينهم 12 متطوعًا، إضافة إلى تسجيل حالات اغتصاب وسوء تغذية متزايدة أدت إلى وفاة 7 أطفال في مارس/آذار الجاري.

دور الإمارات في تأجيج الصراع.. تمويل وتسليح الدعم السريع

في ظل استمرار الحرب المدمرة، توجهت أصابع الاتهام نحو الإمارات لدورها في تأجيج الصراع من خلال تقديم الدعم المالي واللوجستي لقوات الدعم السريع. 

وتشير تقارير استخباراتية إلى أن أبوظبي قامت بإرسال شحنات أسلحة ومعدات عسكرية إلى الدعم السريع، مما مكنه من الصمود أمام الجيش السوداني لفترة أطول.

ووفقًا لتحقيقات صحفية غربية، فقد استقبلت قوات الدعم السريع طائرات محملة بالأسلحة عبر مسارات غير رسمية، وتم تهريب هذه المعدات عبر ليبيا وتشاد وصولًا إلى الأراضي السودانية. 

كما تتهم مصادر عسكرية الإمارات بتوفير دعم مالي ضخم لقائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مما سمح له بتمويل عملياته العسكرية واستقطاب المزيد من المقاتلين المرتزقة من دول الجوار.

ويرى محللون أن الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع يندرج ضمن مساعي أبوظبي لتعزيز نفوذها في المنطقة، خاصة أن السودان يُعد بوابة استراتيجية للقرن الإفريقي، كما أن الإمارات تمتلك مصالح اقتصادية كبيرة في السودان، لا سيما في قطاعات التعدين والزراعة والموانئ. 

ومن خلال دعم حميدتي، تسعى أبوظبي إلى تأمين موطئ قدم لها في السودان، على غرار تدخلاتها في اليمن وليبيا.

حرب طويلة الأمد ومصير مجهول للسودان

منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني والدعم السريع في أبريل/نيسان 2023، أودت الحرب بحياة أكثر من 20 ألف شخص، وفق إحصاءات الأمم المتحدة، بينما تشير دراسات بحثية إلى أن العدد قد يصل إلى 130 ألف قتيل. 

كما أدت الحرب إلى نزوح نحو 15 مليون شخص، مما جعل السودان يشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وفي ظل استمرار التدخلات الخارجية، وخاصة الدور الإماراتي في دعم قوات الدعم السريع، تبقى فرص إنهاء الصراع ضعيفة، حيث تسعى الأطراف المتناحرة إلى حسم المعركة عسكريًا بدلًا من التفاوض على تسوية سياسية. 

ويبقى السودان في مهب الريح بين حرب طويلة الأمد، وتدخلات إقليمية تعقد المشهد، فيما يدفع المدنيون الثمن الأكبر لهذا النزاع الدامي.

اقرأ أيضًا : لإمارات.. العرّاب الخفي لاستئناف الحرب على غزة ودعم الاحتلال في كل الساحات