مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تتزايد الدعوات والمطالبات داخل مصر للإفراج عن معتقلي الرأي، في ظل واقع إنساني قاسٍ يعيشه آلاف الأسر المصرية التي فقدت أبناءها في السجون دون محاكمات عادلة. بينما يعاني المعتقلون من ظروف احتجاز سيئة، يواجه أهاليهم رحلة يومية مؤلمة بين أروقة السجون، في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة. ومع تصاعد الأصوات المنادية بالإفراج عن المعتقلين، تطفو على السطح ازدواجية المعايير والانتقائية في التعامل مع حقوق الإنسان، وسط حالة من القمع المتزايد وتفاقم المعاناة النفسية والاجتماعية، التي أدت إلى مآسي كبرى، كانتحار المعتقلين السابقين بسبب آثار التعذيب والانتهاكات.
دعوات للعفو.. هل يستجيب السيسي؟
في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع، ناشد المحامي الحقوقي وعضو لجنة العفو الرئاسي، طارق العوضي، عبد الفتاح السيسي، إصدار عفو عن سجناء الرأي بمناسبة شهر رمضان. في نداء عاطفي، قال العوضي:
🔹 “مع اقتراب شهر الرحمة والمغفرة، أناشد السيسي أن يمد يده بالعفو والرحمة إلى الأسر المصرية التي تعيش على أمل اللقاء”.
🔹 “خلف بوابات السجون، هناك أمهات مكلومات وزوجات صابرات وأطفال حرموا من أبسط حقوقهم، فقط لأن آباءهم تجرأوا على التعبير عن آرائهم”.
🔹 “الزيارات أصبحت معاناة يومية، حيث يقفن تحت الشمس الحارقة أو البرد القارس فقط لرؤية أبنائهن لبضع دقائق”.
25 صحفيًا قابعون في السجون.. نداء نقيب الصحفيين
في السياق ذاته، أطلق نقيب الصحفيين المصريين، خالد البلشي، نداءً جديدًا للإفراج عن 25 صحفيًا معتقلًا، مشيرًا إلى أن “مقاعدهم شاغرة على موائد الإفطار، وعائلاتهم تنتظر عودتهم”.
🔹 “هناك 25 صحفيًا في السجون، بينهم 15 امتدت فترات حبسهم الاحتياطي أكثر من عامين، وبعضهم تجاوزت فترات اعتقالهم 5 سنوات كاملة”.
🔹 “قضية الحبس ليست مجرد أرقام، بل هي قصص إنسانية مؤلمة لأسر تدفع الثمن”.
🔹 “قانون الإجراءات الجنائية ينص على أن الحد الأقصى للحبس الاحتياطي لا يتجاوز عامين، ولكن هناك من تجاوزت فترات احتجازهم 7 سنوات دون محاكمة”.
الانتحار بسبب القهر.. مأساة مصطفى محمد
في ظل هذه المآسي، برزت قصة الشاب مصطفى محمد، الذي أنهى حياته في بث مباشر، بعد معاناة طويلة من الاعتقال والانتهاكات النفسية والجسدية.
🔹 مصطفى كان شابًا بسيطًا، ذو ملامح بشوشة وتدين شعبي بسيط، لكنه تعرض للاعتقال بتهمة الانتماء إلى “داعش” دون أي دليل، فقط بسبب لحيته ومظهره الديني.
🔹 خضع للإخفاء القسري لمدة 37 يومًا، تعرض خلالها لصنوف التعذيب في أقبية الأمن الوطني، قبل أن يُفرج عنه بعد 18 شهرًا من الاعتقال، دون أي تهمة مثبتة.
🔹 بعد الإفراج عنه، وجد نفسه غارقًا في الديون، مطاردًا من الدائنين، والأهم من ذلك، محاصرًا بآثار الصدمة النفسية التي تعرض لها داخل السجن.
🔹 في بث مباشر، قال مصطفى “حسبنا الله ونعم الوكيل” قبل أن يتناول حبوب الغلة السامة، لينهي حياته هربًا من القهر والمعاناة التي لحقت به بعد خروجه من المعتقل.
ازدواجية المعايير.. الإفراج المشروط مقابل الولاء؟
في الوقت الذي يتحدث فيه الإعلام المصري عن ضرورة تقوية الجبهة الداخلية، تتزايد التساؤلات حول معايير العفو الرئاسي، التي يبدو أنها تعتمد على الولاء السياسي أكثر من كونها خطوة نحو المصالحة الوطنية.
🔹 على الرغم من إفراج السلطات عن بعض المعتقلين، إلا أن الغالبية العظمى لا تزال تواجه انتقائية في التعامل مع الإفراجات، حيث يتم إطلاق سراح شخصيات مقبولة لدى النظام، بينما يستمر احتجاز المعارضين الفعليين.
🔹 كما أن قرارات العفو الرئاسي غالبًا ما تأتي مشروطة، بإجبار المفرج عنهم على الصمت السياسي وعدم العودة إلى النشاط الحقوقي أو الإعلامي، وهو ما يجعلها مجرد أداة سياسية وليس قرارًا إنسانيًا بحتًا.
هل يستجيب النظام؟ أم أن المعاناة ستستمر؟
مع ارتفاع أصوات المناشدات، يظل السؤال: هل سيتخذ النظام المصري خطوة حقيقية نحو إنهاء مأساة آلاف الأسر المصرية، أم أن الإفراجات ستظل مجرد قرارات انتقائية تخدم أجندة سياسية؟
في ظل تصاعد الضغوط الحقوقية والإعلامية، يبقى الأمل لدى الكثيرين في أن يكون رمضان هذا العام شهر الفرج، وليس استمرارًا لمآسي الاعتقال والانتهاكات. لكن مع استمرار ممارسات القمع، يبدو أن المشهد في مصر لا يزال محكومًا بالمعادلات الأمنية أكثر من أي وقت مضى.
اضف تعليقا