من المقابر الجماعية إلى تفخيخ ألعاب الأطفال والمنازل، تتكشف يوما بعد يوم جرائم جديدة تضاف إلى سجل جرائم الحرب التي تركتبها ميليشيات الانقلابي خليفة حفتر في ليبيا. 

وبعد الهزائم العسكرية الكبيرة والخسائر الفادحة التي تكبدها حفتر، يبدو أنه لجأ إلى الانتقام من أهالي المدن التي انسحب منها، فعمد إلى زرع الألغام وتفخيخ المنازل مما أسفر عن مقتل العشرات من الأهالي العائدين إلي منازلهم.

وكانت حكومة الوفاق الليبية قد أعلنت عن اكتشافها لمقابر جماعية تحوي عشرات الجثث لمدنيين وعسكريين قتلتهم ميليشيات حفتر في مدينة ترهونة التي كانت تسيطر عليها قبل أن تنسحب منها تحت ضربات قوات حكومة الوفاق.

مقابر جماعية

وأعلنت قوات حكومة الوفاق الليبية، العثور على 3 مقابر جماعية جديدة في مدينة ترهونة ومحيطها، جنوب شرق العاصمة طرابلس، بعد تحريرها من قوات حفتر.

وتضاف المقابر الثلاث الجديدة، إلى 8 أخرى عثر عليها الجيش بترهونة خلال الأيام القليلة الماضية، ليرتفع العدد إلى 11 مقبرة جماعية في المناطق كانت تسيطر عليها مليشيا حفتر.

وقال المركز الإعلامي لعملية بركان الغضب التابعة للجيش، في بيان على فيسبوك، إنه تم العثور على تلك المقابر في منطقتي المشروع الزراعي بترهونة، وسوق الخميس إمسيحل العوته، القريبة من المدينة، وأضاف أن اللجنة المكلفة من وزارة العدل، وضعت علامات تحذير من الاقتراب من تلك المقابر وأغلقتها، تمهيدا لاستخراج الجثامين وفق الأسس المتعارف عليها.

من جانبه، أكد عضو المجلس الرئاسي الليبي ووزير التعليم بحكومة الوفاق محمد عماري زايد، أن المقابر الجماعية للمدنيين المكتشفة في ترهونة (جنوبي العاصمة طرابلس) هي “جريمة تمثل حقيقة مشروع الانقلابيين في ليبيا”.

وأضاف: “إن مايحدث في كل ساعة في ترهونة من اكتشاف لمقابر جماعية للمدنيين من الشيوخ والأطفال والنساء هي جريمة حرب مكتملة الأركان، تضاف لجرائم حرب حفتر السابقة في بنغازي و قنفوذة و درنة و مرزق”. 

واعتبر “عماري” أن مقابر ترهونة تمثل “فضيحة سياسية و انحرافا أخلاقيا للذين لا يزالون يهرولون في اتجاه المجرم حفتر في محاولة لإنقاذه من يد العدالة التي تلاحقه كل يوم بسب عظيم جرمه و ما ارتكبه طيلة السنوات الماضية”، مؤكدا أن “مصيرهم مصير كل مجرمي الحرب الذين ارتكبوا المجازر في البوسنة و كوسوفا، الذين ظلت المقابر الجماعية شاهدا عليهم على مر التاريخ”.

جثث متفحمة

وفي جريمة أخري لا تقل بشاعة عن سابقتها أعلنت حكومة الوفاق الليبية، العثور على حاوية مليئة بالجثث المتفحمة في منطقة قصر بن غشير جنوب العاصمة طرابلس.

ونشر المركز الإعلامي لعملية “بركان الغضب” على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر حاوية مليئة بالجثث المتفحمة، وأكد أن الفيديو يظهر ويؤكد “استمرار وحشية جرائم ميليشيات حفتر الإرهابية”، دون الإشارة إلى أعداد الضحايا أو تفاصيل أخرى.

وكشف أبو راوي البوزيدي، المدير العام لمستشفى ترهونة، النقاب عن العثور على ما يقارب 200 جثة عقب انسحاب مليشيات حفتر من ترهونة في المستشفى ومراكز صحية تابعة له، من بينها جثث متحللة وُضعت في ظروف غير ملائمة وأخرى مودعة في الثلاجات منذ زمن طويل، مشددا على أن الجثث وُضعت في أكياس تؤكد ملابسهم أنهم مدنيون وعسكريون، وعلى أجسادهم علامات التعذيب وأخرى عليها آثار الرصاص.

من جانبه قال موسى النعاجي، الناشط المدني من ترهونة، أن العدد أكبر من ذلك بضعفه، مشيراً إلى أن عمليات البحث عن مقابر جماعية لا تزال مستمرة، وأوضح أن السلطات المحلية في المدينة وجهت نداءها إلى الأهالي للإبلاغ عن أي دليل يشير إلى وجود جثث أو مقابر جماعية، ولا سيما في المساحات المفتوحة والمزارع.

وتابع: “لقد وثقنا برفقة السلطات المحلية حالات مروعة، من بينها جثث ملقاة في الآبار السوداء والآبار المهجورة، في محاولة لإخفاء الجرائم، واللافت أنها مواقع محاذية لمقارّ مليشيات الكانيات، ما يؤكد صلة المليشيات بالجرائم.

زراعة الموت

وبعد تقدم قوات الوفاق باتجاه مدينة سرت الساحلية ، لجأ حفتر إلي زرع الألغام داخل منازل مدينة سرت (شمال وسط) وخارجها، لـ”عرقلة تقدم قوات الجيش”، وهو ذات الأسلوب الذي استخدمه حفتر سابقاً في تفخيخ المنازل بالمناطق المحررة في العاصمة طرابلس، وكذلك في مدينة ترهونة، قبل مغادرتها، وهو ما أدانته الأمم المتحدة وقوى دولية.

وكتب المتحدث باسم غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة العميد الهادي دراه، على الصفحة الرسمية للغرفة في “فيسبوك”، إن “مصادرنا من داخل مدينة سرت تؤكد قيام المرتزقة الروس بزرع الألغام داخل منازل المدينة وخارجها، إضافة إلى تلغيم منطقة غرب سرت بالكامل لعرقلة تقدم قوات عملية دروب النصر (تابعة للجيش) واتهامها بالقيام بهذا الفعل الجبان”.

ورصدت إحصائية المركز الليبي للأعمال المتعلقة بالألغام ومخلفات الحروب، إصابة 86 شخصا نتيجة الألغام جنوب طرابلس نتج عنه وفاة 31 بين مواطنين وعاملين على إزالة الألغام تابعين لوزارتي الداخلية والدفاع بحكومة الوفاق الوطني وذلك خلال الفترة من 22 مايو إلى 10 يونيو 2020، وأوضح المركز أن الضحايا تراوحت أعمارهم بين 8 أعوام و 65 عام، مضيفة أنهم يتلقون ما معدله 50 بلاغ يومي عن الألغام.

وقال المتحدث باسم ادارة الهندسة العسكرية بالجيش الليبي العقيد مهندس “عمر الرطب” في تصريحات لإعلام محلي، إن الألغام التي وجدت حتى الآن جنوب طرابلس روسية الصنع، ومنها  ألغام ( كلايمور 50 –  “كلايمور 90 – قافز 42 – Mon 100- Mon 100 ) مضيفا أن هذه الألغام مستوردة حديثا لليبيا، وأن التقنية التي وضعت بها تؤكد أن من زرعها متخصصون أجانب وليسوا ليبيين.

من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع التركية، إطلاق قواتها أعمال إزالة ألغام وعبوات ناسفة زرعتها مليشيا الانقلابي خليفة حفتر في ليبيا، وأوضحت أنه “مع تحرير المناطق التي كان يحتلها الجنرال الانقلابي حفتر، بدأت مرة أخرى أعمال إزالة الألغام التي زرعتها مليشياته”.

وأضاف البيان: “مع تحرير المناطق التي كان يحتلها الجنرال الانقلابي حفتر، وبهدف منع تعرض المدنيين الأبرياء للأذى، وتسهيل عودتهم بأمان إلى منازلهم، بدأ خبراء التخلص من القنابل، وفرق تدمير الألغام والكشف عن المتفجرات اليدوية لدى القوات المسلحة التركية، في أعمال إزالة المتفجرات والألغام المزروعة من قبل قوات الانقلابي حفتر، وإعادة الحياة إلى طبيعتها”.

اقرأ أيضاً: مقابر جماعية لضحايا حفتر .. اكتشاف 4 مقابر جديدة في ترهونة