أبرم زعماء الاتحاد الأوروبي صفقة بقيمة 7.4 مليار يورو (6.3 مليار جنيه استرليني) مع مصر بحجة المساعدة في تعزيز اقتصاد البلاد المتعثر، وفي محاولة لتحقيق الاستقرار في المنطقة “المضطربة” وتجنب أزمة هجرة أخرى في أوروبا، حسبما أفادت تصريحات المسؤولين الأوروبيين.
وحسب مصادر مطلعة، تتضمن الشراكة الإستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ومصر، والتي تبلغ مدتها ثلاث سنوات، 5 مليار يورو في شكل قروض ميسرة لدعم التغيرات الاقتصادية، و1.8 مليار يورو لدعم استثمارات القطاع الخاص، و600 مليون يورو في شكل منح، بما في ذلك 200 مليون يورو لإدارة الهجرة.
اللافت للنظر أن هذا الاتفاق يأتي بعد أيام قليلة من اتهام أعضاء في البرلمان الأوروبي للاتحاد الأوروبي بـ”تمويل الطغاة” نتيجة لاتفاق مماثل مع تونس العام الماضي.
حول الصفقة قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إن ستة من زعماء الاتحاد الأوروبي قاموا بالرحلة إلى القاهرة يوم الأحد بعد “عمل دبلوماسي مكثف وفعال” بين الاتحاد الأوروبي ومصر في الأشهر القليلة الماضية، وحسب المصادر فإن اللقاء جمع رؤساء وزراء اليونان والنمسا وقبرص وبلجيكا وإيطاليا ورئيسية المفوضية الأوروبية مع عبد الفتاح السيسي رئيس مصر.
فيما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، التي ترأست الوفد، إن الاتفاق يؤكد “الموقع الاستراتيجي” لمصر في “منطقة مضطربة للغاية” و”الدور الحيوي” الذي تلعبه في “استقرار المنطقة”.
كانت هذه هي التصريحات المعلنة من قبل الزعماء الأوروبيين حول الهدف الظاهري من الاتفاق، فيما أكد خبراء ومحللون أن بنود الصفقة التي لم تظهر للعلن تنص على استقبال مصر للنازحين الفلسطينيين من غزة والإبقاء عليهم في مصر، لضمان عدم نزوحهم إلى أوروبا وتجنب “خلق أزمة” هجرة في أوروبا.
يعد الاتفاق الذي مدته ثلاث سنوات جزءًا من أحدث محاولة للكتلة لمنع الأشخاص من عبور البحر الأبيض المتوسط، ولكنه أوسع نطاقًا بكثير من الاتفاق المثير للجدل الذي أبرم العام الماضي مع تونس بقيمة 150 مليون يورو.
وأثنت ميلوني على السيسي لدور مصر إلى جانب الولايات المتحدة وقطر في مواصلة الجهود لإنهاء الحرب في غزة، وتطرقت أيضًا إلى الهجرة، وهي قضية سياسية مهمة على المستوى المحلي.
وقالت إن أفضل طريقة يمكن لشمال العالم من خلالها إقناع الناس في الجنوب العالمي بعدم الهجرة إلى أوروبا ليس فقط تفكيك عصابات تهريب البشر، بل “إعادة تأكيد حقوقهم” في القارة الأفريقية والمساعدة في تطوير اقتصاداتهم، وأضافت: “هذا بالضبط ما نفعله اليوم”.
من جانبه، استغل رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو هذه المناسبة للضغط على إسرائيل، وقال إن “الوضع الحالي في غزة غير مقبول”، مضيفا أن محكمة العدل الدولية أصدرت بالفعل حكما مؤقتا يطالب إسرائيل بزيادة وصول المساعدات الإنسانية، وأضاف: “ما رأيناه على أرض الواقع هو عكس ذلك”.
وحسب محللين فإن الدول الأوروبية فضلت منح مصر هذا المبلغ وإبرام هذه الاتفاقية على تقديم حلول فعلية للقضاء على أسباب الفساد والقمع التي تضر باقتصاد الدول في الشرق الأوسط، وخاصة مصر، والتي تدفع الشباب للهجرة، أو حتى تقديم حلول فعالة لإنهاء معاناة الفلسطينيين بدلًا من تسهيل تهجيرهم من أراضيهم وتوطينهم في بلد مجاور.
وتشعر الحكومات الأوروبية منذ فترة طويلة بالقلق بشأن خطر عدم الاستقرار في مصر التي يبلغ عدد سكانها 106 ملايين نسمة، وقد دفعت الشدائد الاقتصادية والفقر أعداداً متزايدة إلى مغادرة البلاد في السنوات الأخيرة، كما تشعر اليونان وإيطاليا بالقلق بشكل خاص بشأن خطر حدوث أزمة مهاجرين أخرى من غزة ومصر، التي تستضيف حوالي 9 ملايينمهاجر، بما في ذلك 4 ملايين من السودان و1.5 مليون سوري، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.
في تصريح لمنظمة هيومان رايتس ووتش انتقد الصفقة، جاء في بيان “هذه الصفقة هي مكافئة لزعيم مستبد… منذ أن تولى السيسي السلطة في انقلاب عام 2013 وأصبح رئيسًا في عام 2014، فإن حكوماته حكمت مصر بقبضة من حديد، وقمعت المعارضة، وسجنت المنتقدين، وخنقت وسائل الإعلام والمجتمع المدني… والآن تتم مكافأة هذا القمع والاستبداد بدعم جديد من الاتحاد الأوروبي”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا