في تطور ميداني جديد يعكس استمرار التوتر والتصعيد في قطاع غزة، أعلنت مصادر عسكرية إسرائيلية مقتل جندي من قوات الاحتلال في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، وذلك في ظل العمليات العسكرية المتواصلة التي ينفذها جيش الاحتلال في أنحاء غزة، وتزامنا مع الهجمات التي تشنها إسرائيل ضد أهداف في إيران منذ فجر يوم الجمعة.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي لم يكشف تفاصيل دقيقة عن ظروف مقتل الجندي، فإن تقارير ميدانية تفيد بوقوع اشتباكات عنيفة بين قوات الاحتلال ومقاتلي المقاومة الفلسطينية، التي تواصل التصدي ببسالة لمحاولات التوغل في المناطق الجنوبية من القطاع، خاصة خان يونس ورفح، حيث تعتبر هذه المناطق من المعاقل الرئيسية لكتائب القسام وسرايا القدس.
إطلاق 4 صواريخ من غزة
وفي سياق متصل، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن 4 صواريخ أُطلقت من قطاع غزة منذ صباح اليوم باتجاه مستوطنات ما يعرف بـ”غلاف غزة”، حيث سقطت في مناطق مفتوحة دون تسجيل إصابات أو أضرار مادية تُذكر. ويُرجح أن تكون هذه الصواريخ ردا رمزيا على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة، وخصوصا مقتل الجندي في خان يونس.
وقد تبنّت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عمليات القصف، مؤكدة في بيان مقتضب أنها استهدفت مواقع عسكرية في الغلاف بصواريخ من عيار ثقيل، “ردًا على مجازر الاحتلال واستهداف المدنيين الأبرياء”.
الجيش الإسرائيلي يؤكد استمرار العمليات
من جانبه، أكد المتحدث باسم جيش الاحتلال أن العمليات العسكرية في قطاع غزة مستمرة بلا هوادة، مشيرًا إلى أن الجيش يعمل على “تطهير” ما تبقى من جيوب المقاومة، ويستخدم كافة الوسائل الجوية والبرية لضمان “تحقيق أهداف الحملة العسكرية”.
غير أن الواقع الميداني يكشف عكس ذلك. فبعد أكثر من ثمانية أشهر على بدء الحرب الإسرائيلية، لا تزال المقاومة الفلسطينية قادرة على تنفيذ عمليات نوعية، وتوجيه ضربات موجعة، كما أنها تحافظ على تماسكها رغم الظروف القاسية التي يعاني منها القطاع المحاصر والمدمر.
بسالة المقاومة في وجه الاحتلال
على الرغم من التفوق العسكري الهائل لإسرائيل والدعم السياسي واللوجستي الغربي غير المحدود، فإن المقاومة الفلسطينية تواصل إثبات قدرتها على إرباك العدو والتصدي له بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك الكمائن الأرضية، والعبوات الناسفة، والهجمات الصاروخية.
ويؤكد المراقبون أن مشهد مقتل جندي في خان يونس وإطلاق الصواريخ من غزة، رغم الحصار الكامل وانهيار البنية التحتية، يبعث برسالة واضحة مفادها أن “غزة لم تُكسر”، وأن إرادة القتال لدى الفلسطينيين لا تزال حية، مدفوعة بعدالة قضيتهم وإيمانهم بالحرية والكرامة.
الأبعاد السياسية والعسكرية
يأتي هذا التصعيد في وقت حساس تشن فيه إسرائيل هجمات في العمق الإيراني، في إطار محاولة لخلط الأوراق وتوسيع نطاق المواجهة، مما يثير تساؤلات عن دوافع هذا التوقيت: هل تحاول تل أبيب التهرب من مأزق غزة الداخلي؟ أم أنها تسعى إلى خلق حالة حرب إقليمية تنقذ قيادتها من أزماتها السياسية؟
في المقابل، فإن المقاومة الفلسطينية تدرك تمامًا أن الاحتلال يسعى إلى إنهاكها واستنزافها، ولذلك تعتمد استراتيجية “الرد المتوازن”، حيث توازن بين حماية الشعب في ظل كارثة إنسانية، وبين توجيه ضربات مدروسة ترفع كلفة الاحتلال وتمنعه من تحقيق نصر سياسي أو عسكري.
حرب إبادة وتجاهل للشرعية الدولية
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربًا شاملة على قطاع غزة وصفت بأنها “إبادة جماعية” بكل المقاييس. فقد أسفرت الهجمات المتواصلة عن استشهاد أكثر من 183 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض، وآلاف الأسر التي شُردت قسرًا، ودمار طال البنية التحتية، والمرافق الطبية، والمدارس، والمساجد، والكنائس.
وفي ظل هذا الدمار، تستمر إسرائيل في انتهاكها للقانون الدولي وأوامر محكمة العدل الدولية التي طالبتها مرارًا بوقف العدوان، لكن تل أبيب تتصرف وكأنها فوق القانون، محتمية بالدعم السياسي والعسكري غير المحدود من الولايات المتحدة والدول الغربية.
صمود غزة.. رغم الجراح
ورغم كل المآسي، فإن قطاع غزة لم يركع، ولا تزال المقاومة تقاتل دفاعًا عن شعبها وأرضها، في ملحمة تاريخية يعجز التاريخ عن وصفها. فأن تُطلق الصواريخ من مدينة محاصرة، يتضور سكانها جوعًا، وتفتقر لأبسط مقومات الحياة، فذلك إنجاز عسكري ومعنوي بحد ذاته، يثبت أن المحتل لا يستطيع إخضاع شعب مؤمن بحقه.
ختامًا، فإن مقتل الجندي الإسرائيلي اليوم، وإطلاق الصواريخ من غزة، هما فصلان صغيران من قصة كبرى عنوانها “صمود في وجه الإبادة”، ومقاومة لا تزال تكتب تاريخها بدماء الشهداء، رغم الحصار والدمار، ودعم الأعداء.
اقرأ أيضًا : “ضربة مرعبة وموجّهة للاحتلال”.. دفعة صواريخ إيرانية جديدة تضرب تل أبيب وتخلّف دماراً واسعاً
اضف تعليقا