استقبال فاتر يثير التساؤلات

في تطور لافت على الساحة السياسية الإقليمية، زار الرئيس السوري أحمد الشرع المملكة العربية السعودية، في خطوة حملت دلالات متناقضة بين التحولات في موقف الرياض تجاه الملف السوري، وطريقة الاستقبال التي رآها البعض أقرب إلى الإهانة منها إلى البروتوكول المعتاد في استقبال رؤساء الدول. 

فقد أظهرت مشاهد بثتها القنوات السعودية الرسمية استقبالًا متواضعًا للشرع، ما أثار تساؤلات حول مدى جدية الرياض في احتضانه كشريك سياسي، أم أن الأمر لا يتعدى كونه لقاءً براغماتيًا تحكمه الضرورات السياسية دون حفاوة دبلوماسية.

اللجان الإلكترونية السعودية.. ازدواجية في الخطاب؟

هذه الزيارة لم تكن الحدث الأبرز فحسب، بل إن الطريقة التي تعاطت بها وسائل الإعلام السعودية مع الشرع، مقارنة بمواقفها السابقة، تكشف عن تغير جذري أو ازدواجية في الخطاب السياسي. فاللجان الإلكترونية التي لطالما وصفت الشرع بـ”الإرهابي”، وعملت على تشويه صورته في منصات مثل العربية وإم بي سي، وجدت نفسها اليوم مضطرة للتعامل معه كرئيس دولة يزور المملكة بشكل رسمي. ورغم هذا التحول، إلا أن البرود الذي رافق الزيارة يشير إلى أن الرياض لم تغلق الباب بالكامل أمام علاقتها مع نظام بشار الأسد، بل ربما تحاول الموازنة بين الطرفين لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة من أي تسوية مقبلة في سوريا.

محاولة لإعادة التموقع أم رسالة مبطنة؟

السعودية، التي دعمت الأسد في السنوات الأخيرة بعد فترة من دعمها للثورة، تبدو اليوم في موقف يعكس إعادة تموضع دبلوماسي في ظل التحولات الإقليمية، لكن استقبال الشرع بهذه الطريقة الباهتة قد يحمل عدة رسائل، أبرزها أن الرياض لا تزال مترددة في المراهنة عليه كبديل قوي للأسد، أو أنها تسعى لإبقائه في مستوى سياسي معين دون منحه شرعية كاملة.

كما أن هذا الاستقبال قد يكون محاولة لحفظ التوازن في علاقاتها الإقليمية، خصوصًا مع الدول المؤثرة في الملف السوري مثل روسيا وإيران وتركيا. فبينما تحاول السعودية الظهور كفاعل سياسي في التسوية السورية، فإنها في الوقت ذاته لا تبدو مستعدة لمنح الشرع مساحة أكبر من مجرد لقاء رسمي لا يخرج عن إطار المجاملات السياسية.

ويبقى السؤال الأهم: هل تعكس هذه الزيارة تحولًا استراتيجيًا حقيقيًا في الموقف السعودي، أم أنها مجرد خطوة تكتيكية في ظل المتغيرات الإقليمية؟ وكيف ستعيد اللجان الإلكترونية صياغة خطابها تجاه الشرع بعد أن كانت تصفه بالإرهابي