بشكل سريع، وفي نفس اليوم الذي بدأت وانتهت فيه المحاولة الانقلابية الفاشلة في السودان، 21 من شهر سبتمبر/ أيلول 2021، أعلن وزير الدفاع السوداني الفريق ركن، ياسين إبراهيم، أن قائد المحاولة الانقلابية هو اللواء ركن، عبد الباقي الحسن عثمان بكراوي، ومعه 22 ضابطًا آخرون برتب مختلفة وعدد من ضباط الصف والجنود. 

وأضاف وزير الدفاع أن “التحريات والتحقيقات الأولية للمحاولة الانقلابية أشارت إلى أن الهدف منها كان الاستيلاء على السلطة وتقويض النظام الحالي للفترة الانتقالية وتمت السيطرة الكاملة على المحاولة والقبض على كل المشاركين الذين وردت أسماؤهم في التحقيقات”.

ووفق إذاعة مونت كارلو الدولية، فإن بكراوي شغل العديد من المناصب في الجيش السوداني في عهد الرئيس السابق، عمر البشير. كما أنه، حسب المصدر ذاته، كان عضوًا في حزب المؤتمر الوطني مع الرئيس المعزول عمر البشير. لكن آخرون يؤكدون أنه ليس من كوادر الإسلاميين في الجيش.

وتخرج بكراوي من الكلية الحربية السودانية عام 1967 ثم نال ماجستير العلوم العسكرية بكلية القادة والأركان عام 1981، ثم ماجستير العلوم العسكرية من ماليزيا في عام 1983، وزمالة أكاديمية السودان للعلوم الإدارية عام 1987. وقد شارك في حرب العبور سنة 1973.

كذلك، نقلت شبكة “الطابية” السودانية أن بكراوي تجمعه صلة مصاهرة بالقيادي في حزب البعث القريب من مجلس شركاء الفترة الانتقالية، كمال بولاد. هذا بجانب كونه زميلًا لعبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني الحالي والقائد العام للقوات المسلحة، الذي كان وقتها قائدًا لكتيبة مشاة مستقلة في عمليات بحر الجبل في الفترة من 2001 إلى 2002.

كما أضافت الشبكة أنه في عام 2016، تمت ترقية بكراوي  إلى رتبة “عميد” وتعيينه قائدًا للواء مشاة مستقل في النيل الأبيض، وكان له دور في تأمين الحدود مع جنوب السودان، وظل بالنيل الأبيض، حتى أواخر عام 2018، عندما قامت القيادة بنقله للعاصمة الخرطوم.

ثم بعد ذلك، تم نقل بكراوي إلى سلاح المدرعات في الجيش السوداني، وبالتحديد في فبراير 2019، ليصبح قائد ثاني للسلاح مع اللواء نصر الدين عبد الفتاح. 

 

خلافات مع حميدتي

وتشير المصادر إلى نشوب خلافات بين بكراوي ومحمد حمدان دقلو، نائب رئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع. فبعد إذاعة بيان الإطاحة بنظام الرئيس السابق، عمر البشير، تمركزت وحدات من قوات الدعم السريع حول سلاح المدرعات، فيما يبدو أنه للسيطرة على أي تحرك. إلا أن بكراوي رفض أي محاولة لوجود هذه القوات حول سلاح المدرعات وأجبرهم على عدم التعسكر إلى جوارها. وهدد بكراوي حينها باستخدام القوة حال لم تنسحب قوات الدعم السريع، الأمر الذي أجبر الأخيرة على الانسحاب من محيط مقر سلاح المدرعات.

وكان من الواضح أن بكراوي -الذي تتهمه الحكومة بقيادة محاولة الانقلاب الفاشلة- يعارض “تغول” قوات الدعم السريع، التي يقودها حميدتي، على مهام الجيش النظامي السوداني. ولذلك، بث بكراوي تسجيلًا صوتيًا، حين كان القائد الثاني في سلاح المدرعات، انتقد فيه قوات الدعم السريع وقائدها حميدتي، ونشر هذا التسجيل على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أسبوعين من فض اعتصام القيادة العامّة.

وتقول شبكة “الطابية” السودانية إن بكراوي قرر نشر هذا التسجيل، بعد أن سجل موقفه كتابة ورفعه للقيادة العامة، ولم يجد تجاوبًا منها. وعلى إثر ذلك، تمت إحالة بكراوي للتحقيق في فبراير 2020 وإيقافه بعد محاكمة، كانت التهمة الأساسية فيها هي “الإساءة” لحميدتي.

 

ترقية بعد المحاكمة! 

لكن الغريب أنه تمت ترقية بكراوي بعد المحاكمة. وعن هذا يتحدث ضابط رفيع في الجيش زاملَ اللواء عبد الباقي بكراوي، قائد المحاولة الانقلابية، لشبكة الجزيرة نت، حيث يقول إنه “عندما سمع بتورطه في المحاولة الانقلابية لم يستبعد ذلك، نسبة لامتلاكه الطموح فضلًا عن اتسام شخصيته بالانفعال والمواجهة”.

وحول المحاكمة، يقول المصدر العسكري السوداني إنه “لاحقًا شكلت محاكمة لبكراوي لكنها لم تحاكمه بشكل واضح، ثم استحق ترقية، وتمت ترقيته رغم أنه -وفقًا للوائح- كان يجب البت في محكمته قبل الترقية”. وتابع: “يبدو أن متخذ القرار لم يكن حريصًا على إحالته للتقاعد، بل كان حريصًا على ترقيته لرتبة اللواء”.

 

شركاء “بكراوي” في محاولة الانقلاب

ولا زالت التحقيقات مستمرة حول المحاولة الانقلابية، لكن وفق المعلومات المتوفرة حتى الآن، فإنه قد شارك في الانقلاب لواء و4 ضباط برتبة عميد و6 برتبة عقيد و2 برتبة مقدم و3 برتبة رائد و3 برتبة نقيب و2 برتبة ملازم أول، إلى جانب ضابط متقاعد واحد برتبة العقيد.

وتلك هي أسماؤهم: اللواء عبد الباقي بكراوي، والعميد إبراهيم المنصوري، والعميد ماهر علي حسن، والعميد خالد الصادق، والعميد عبد الحليم جبريل. وهؤلاء العمداء الأربعة هم من الدفعة 41 بالكلية الحربية التي أشرف على تخرجها عمر البشير.

كذلك شارك في الانقلاب العقيد بشرى عبد الرحمن، والعقيد ذكي عبد الله خير الله، والعقيد عامر هجو، والعقيد يس محمد مصطفى، والعقيد عصام الدين عبد الله أحمد، والعقيد مصعب الحسن، والمقدم مأمون عبد القادر، والمقدم بشير إبراهيم حامد، والرائد مصطفى قمر، والرائد علي فتح الرحمن علي الأمين، والرائد عامر العبيد، والنقيب محمد مختار، والنقيب عصام الدين التوم، والنقيب أيمن محمود عبد الله الحاج، والملازم أول مصعب أبو بكر الحاج، والملازم أول محمد المودودي، والعقيد المتقاعد عماد أبو ديس.

بجانب هذه الأسماء، فإن هناك شكوكًا حول تورط بعض المدنيين في هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة، إلا أن إتلاف خلية الانقلاب شرائح اتصالات مخصصة للضباط الانقلابيين قبل توقيفهم، يصعب من مهمة الأجهزة الأمنية السودانية في معرفة كل الأسماء التي شاركت في الانقلاب أو خططت له.