بعد سنوات من التدمير والجوع والمرض بسبب الحرب، ها هي كارثة جديدة تضرب اليمن بعد إعلان مانحي المساعدات تخفيضهم للمبالغ الممنوحة، لتندفع اليمن نحو الهاوية بخطى ثابتة وسريعة.
وكان المانحون الدوليون قد تعهدوا خلال المؤتمر الذي استضافته الرياض بتقديم مساعدات إنسانية لليمن بقيمة 1.35 مليار دولار، وهي قيمة أقل بكثير من القيمة التي حددتها الأمم المتحدة (2.4 مليار دولار)، وقالت إنها ضرورية لسحب بلد مزقته سنوات الحرب والجوع والمرض من حافة كارثة أخرى.
في تعليقه على نتائج المؤتمر الذي استضافته السعودية الثلاثاء، قال مارك لوكوك، منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ في الأمم المتحدة “إنها نتائج تنم عن فظاظة المانحين… لا يمكننا أن نشعر بالارتياح إلى ما توصلنا إليه اليوم”، وأشار إلى أن الأموال التي تم الإعلان عن منحها لم يتم دفعها بعد، بل تظل مجرد وعود.
أرجع المحللون تراجع التمويل هذا العام إلى مخاوف المانحين من أن الحوثيين – الجماعة المسلحة المدعومة من إيران والتي تسيطر على شمال اليمن – يتدخلون في كيفية توزيع المساعدات الموزعة في أراضيهم وأحياناً كثيرة يحولون دون وصولها إلى الجهات اللازمة.
من ناحيتهم، حذر مسؤولو الأمم المتحدة من أنه بدون المزيد من التبرعات، سيتأثر نحو 400 مستشفى ومركز رعاية صحية، وسيتعين عليهم تقليل الخدمات المتوفرة، وهو أمر غير محمود خاصة في ظل تصاعد جائحة كورونا في البلاد.
وقالت السيدة غراندي إن حصص الغذاء قد تم تخفيضها بالفعل، ولن تتمكن من تلبية احتياجات نحو 8.5 مليون يمني يعانون من المجاعة، بالإضافة إلى أن 10 آلاف عامل في الرعاية الصحية فقدوا مدفوعات الأمم المتحدة التي بالنسبة للكثير منهم تعد مصدر الدخل الوحيد.
منذ أن بدأت الحرب قبل خمس سنوات، وتصاعدت الأمور بين الحوثيين وبين الحكومة المدعومة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، عانى اليمنيون بصورة كبيرة: غارات جوية شرسة وعشوائية تستهدف المستشفيات والمدارس من قبل التحالف العسكري بقيادة السعودية باستخدام أسلحة أمريكية الصنع، تفشي وباء الكوليرا، وخطر المجاعة الدائم، نظام الرعاية الصحية المتهالك، وأخيراً وباء كورونا.
قال لوكوك في مناشدته للمانحين: “اليمنيون أنفسهم يقولون إن الأمور أسوأ اليوم من أي وقت في تاريخهم الحديث”، متسائلاً “ما إذا كان العالم مستعدًا لمشاهدة اليمن وهي تسقط إلى الهاوية”.
الأمور في اليمن تزداد سوءً، والاستجابة الحكومية لتصاعد انتشار الفيروس غير كافية، فعلى الرغم من أن وفيات
Covid-19 يبدو أنها تتكاثر بسرعة في اليمن، فإن السلطات لا تقم بعمل مسحات وفحوصات لازمة للحد من انتشاره.
مع تفشي الوباء، أعلنت المملكة العربية السعودية، التي ضخت عشرات المليارات من الدولارات في الحرب، وقف إطلاق النار من جانب واحد في اليمن في أوائل أبريل/نيسان، لكن ذلك لم يمنع استمرار النزاع، حيث لم يتوقف التحالف من إلقاء القنابل، ويواصل الحوثيون شن هجمات وتقاتل جماعة انفصالية الحكومة المعترف بها دوليًا للسيطرة على الجنوب.
من جانبها، حثت منظمات الإغاثة جميع الأطراف يوم الثلاثاء على التفاوض بشأن إنهاء الحرب، وهو الأمل الحقيقي الوحيد لحل الأزمات الإنسانية العديدة في اليمن.
منتقدون للسعودية قالوا إن الثروة التي أنفقتها على مساعدة اليمن، بما في ذلك 500 مليون دولار تعهدت بها يوم الثلاثاء، تعني القليل إذا استمرت في قصف المدنيين وحظر الإمدادات من الوصول إلى أراضي الحوثيين.
جان إيغلاند، الأمين العام لمجلس الإغاثة النرويجي وهي منظمة مساعدة تعمل في اليمن، حث المانحين على إعادة النظر في الأرقام الممنوحة وزيادتها، حيث قال “الملايين من اليمنيين يعيشون الآن في برميل مزدوج من المجاعة ووباء عالمي”، وتابع بأن”المال وحده لا يكفي… هذه التعهدات لا تساوي الكثير إذا كان الناس ما زالوا يفرون من القنابل وإطلاق النار واستهداف مستشفياتهم”.
يُذكر أنه قبل المؤتمر المُشار إليه بيوم واحد، صرح المتحدث باسم التحالف بقيادة السعودية، العقيد تركي المالكي، بأن السعوديين اعترضوا غارتين من طائرات الحوثيين بدون طيار تستهدف أهدافا مدنية عبر الحدود في المملكة العربية السعودية.
وفي المقابل، وتحديداً يوم الثلاثاء، بعد فترة وجيزة من فوز المملكة العربية السعودية باستضافتها لمؤتمر المانحين في سلسلة من البيانات الإخبارية، قال الحوثيون إن السعودية شنت عدة غارات جوية على أراضيها
.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا