تعرضت سفينة “الضمير” التابعة لتحالف “أسطول الحرية” – فجر الجمعة 2 مايو/أيار 2025– لقصف مباشر بطائرات مسيّرة أثناء إبحارها في المياه الدولية قبالة سواحل مالطا. السفينة كانت في طريقها إلى القطاع المحاصر، تحمل مساعدات إنسانية وناشطين من 21 دولة ضمن مهمة تهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي وإيصال الإغاثة العاجلة. القصف استهدف مقدمة السفينة مرتين، ما تسبب في اندلاع حريق واسع وحدوث ثغرات كبيرة في هيكلها، الأمر الذي أدى إلى توقف المولد الكهربائي بالكامل وجعل السفينة في حالة خطرة مهددة بالغرق.

صور نشرتها منظمة “أسطول الحرية” أظهرت ألسنة اللهب تشتعل في السفينة وانفجارين عنيفين. المنظمة أكدت أن الهجوم نفذته طائرات مسيّرة إسرائيلية، وأن العملية تمت عند الساعة 00:23 بتوقيت مالطا، في وقت كانت فيه السفينة لا تزال في المياه الدولية. الهجوم استهدف سفينة مدنية غير مسلحة تحمل على متنها مساعدات وأشخاصًا عزلًا، ما يشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، وعدوانًا متعمدًا ضد كل من يسعى لإغاثة المحاصرين في غزة.

السلطات المالطية أعلنت أن 12 من طاقم السفينة وأربعة ركاب مدنيين تم تأكيد سلامتهم، وأن سفينة قطر تم توجيهها لمساعدتها. السفينة كانت متجهة إلى نقطة قرب مالطا لنقل عدد من النشطاء، من بينهم الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، التي أكدت في تصريحات لرويترز أنها كانت في مالطا وتستعد للصعود على متن السفينة، معتبرة الهجوم الإسرائيلي عملًا عدوانيًا يستهدف منع أي محاولة لفتح ممر إنساني لغزة أو إيصال المساعدات إلى سكانها المحاصرين.

التحالف المنظم للمهمة أشار إلى أن العملية كانت سرية لتفادي التخريب أو التعرض لها قبل الوصول، لكن رغم ذلك لم تسلم من الهجوم. التحالف دعا إلى استدعاء السفراء الإسرائيليين للمساءلة والمحاسبة عن هذه الجريمة التي تضاف إلى سلسلة انتهاكات إسرائيل بحق المدنيين وجهود الإغاثة الإنسانية. وزارة الخارجية التركية دانت الهجوم بأشد العبارات، مؤكدة وجود مواطنين أتراك على متن السفينة، وتعهدت ببذل كل الجهود لكشف ملابسات الحادث ومحاسبة المسؤولين عنه.

هذا الهجوم يعيد إلى الأذهان جريمة عام 2010 حين اقتحمت القوات الإسرائيلية سفينة مافي مرمرة التركية وقتلت عشرة ناشطين وأصابت العشرات. لكنه يأتي في سياق أكثر دموية، مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة وتشديد الحصار وتجويع السكان وحرمانهم من كل مقومات الحياة. آلاف القتلى المدنيين سقطوا منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، وأكثر من 52 ألف ضحية حتى الآن، بحسب وزارة الصحة في غزة، وسط تقارير مؤكدة من الأمم المتحدة والصليب الأحمر عن اقتراب القطاع من مجاعة كارثية.

من جانبها، أعلنت منظمة الصليب الأحمر الدولي أنها لن تتمكن من مواصلة برامجها في غزة ما لم يُسمح فورًا بإدخال الغذاء والدواء والمستلزمات الحيوية. مراكز التغذية والمطابخ المجانية توقفت عن العمل، والمرافق الصحية تحتضر. أدوية الأمراض المزمنة مثل السرطان والسكري وضغط الدم أصبحت غير متوفرة، والطواقم الطبية مجبرة على اختيار من يستحق العلاج ومن يُترك للموت.

وبمنتهى الوقاحة، واصل الاحتلال الإسرائيلي تبرير حصاره وتجويعه لغزة بذريعة أن حماس تستولي على المساعدات. لكن الهيئات الإغاثية نفت أي استيلاء على الإمدادات في الأشهر الأخيرة، فيما تتحدث وسائل إعلام إسرائيلية عن خطط لتوزيع الطعام عن طريق شركات خاصة بإشراف الجيش الإسرائيلي وبشروط أمنية صارمة، وهي خطة وصفتها منظمات حقوقية بأنها غير قابلة للتطبيق وتنتهك القانون الدولي.

الهجوم على سفينة “الضمير” ليس حادثًا عرضيًا. هو جزء من جريمة ممنهجة، وجزء من حملة متعمدة لمنع أي شكل من أشكال التضامن مع سكان غزة، حتى لو كان ذلك عن طريق إيصال الغذاء والدواء. إنه إعلان واضح أن إسرائيل لا تريد شهودًا على جريمتها، ولا ممرًا إنسانيًا يُخفف من وطأة المجاعة التي صنعتها بيدها.