يبدو أن قرار دولة جيبوتي بطرد دولة الإمارات العربية المتحدة من ميناء “دوراليه”، أعطى إشارة خضراء لحكومات إفريقية أخرى على اتخاذ خطوة مماثلة ضد شركة “موانئ دبي”.

الخطوة الإفريقية الجديدة، كشفها تقرير لموقع الجزيرة نت، اليوم “السبت” 24 فبراير؛ حيث أشار إلي أن أرض الصومال يمكن أن تتخذ قرارا مماثلا في إنهاء الاتفاق مع موانيء دبي.

ونقل التقرير عن مسؤولين جيبوتيين، قولهم إن جمهورية أرض الصومال قد تحذو حذو جيبوتي في إنهاء الاتفاق بينها وبين موانئ جبل على، لأنه كان مجحفا للغاية حسب السلطة الجديدة لأرض الصومال، التي تفاجأت بهذه الاتفاقية ولا تعرف كيف تتعامل معها، لأن الحكومة لا تحصل إلا 35% فقط من الأرباح، فضلا عن نسبة 19% من حصة شركة ميناء جبل علي، أعطتها الشركة لأثيوبيا.

أسباب أخرى

ولكن يبدو أن القرار الجيبوتي، ليس الدافع الوحيد، فالحكومة الصومالية، تتهم نظيرتها الإماراتية بـ”انتهاك القانون الدولي”، عبر إبرامها اتفاقًا مع حكومة “أرض الصومال”، غير المعترف بها دولياً، لتطوير ميناء بربرة وإدارته لمدة 30 عاماً، باستثمارات تصل إلى 442 مليون دولار.

المدقق العام التابع للحكومة الفيدرالية في “مقديشو”، “نور فرح”، قال في تصريح صحفي، له “السبت” 17 فبراير الجاري، إن حكومته ستتقدم بشكوى رسمية ضد الإمارات، متهما إياها بـ”انتهاك القانون الدولي”، حسب هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.

عداء العالم

فقد تودّدت دولة “الإمارات” إلى منافس الصومال الإقليمي، منطقة “أرض الصومال” (أو صوماليلاند) المستقلة، ففي مايو 2016، فازت “شركة موانئ دبي العالمية” بعقدٍ مدته ثلاثين عاماً لإدارة ميناء بربرة وتوسيعه ليصبح مركزاً إقليمياً للخدمات اللوجستية، الأمر الذي أدّى إلى كسر احتكار جيبوتي الظاهري القائم على الشحن الإثيوبي عبر “محطة حاويات دوراليه”، وذلك من خلال التطوير المشترك لـ “ممرّ بربرة” كطريقٍ لوجستي بديل قامت به “أرض الصومال” وإثيوبيا.

اتفاق الإمارات مع “أرض الصومال” لتطوير ميناء بربرة، بقيمة 442 مليون دولار، الذي كان يُستخدم بشكل أساسي لتصدير الماشية لمنطقة الشرق الأوسط، يعتبر بمثابة “عدم احترام صارخ” للقانون الدولي.

فمن المعروف أن جمهورية أرض الصومال أعلنت انفصالها عن باقي أراضي الصومال عام 1991، لكن المجتمع الدولي لا يعترف بها كدولة مستقلة.

فالاتفاق الإماراتي مع الدولة غير المعترف بها دوليا يأتي استكمالاً لمساعي أبوظبي في تمديد أذرعها داخل دول القرن الإفريقي.

واشتدت حدة التدخلات الإماراتية في الشؤون الداخلية للصومال في أعقاب أزمة الخليج التي اندلعت في يونيو 2017، وذلك عندما دعت الإمارات الصومال للانضمام إلى مقاطعة قطر، ظانةً أن القرار الصومالي سيكون أسيراً في يدها بمجرد توفير سيولة مالية لشراء ذمم الصوماليين، بيد أن الرئيس الصومالي، “محمد عبد الله فرماجو”، قرر البقاء محايداً ودعا إلى حل النزاع بين الأشقاء عبر الحوار.

انزعاج إفريقي

ويبدو أن الدول الإفريقية ستدعم قرار الصومال وجيبوتي بـ”قوة” ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، ولعل ذلك كان واضحا في قمة الاتحاد الإفريقي، الـ37  التي عقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الشهر الماضي.

فالدول الإفريقية، كانت أعربت عن قلقها البالغ من تدخل الإمارات في شؤون عدد من بلدان القارة السمراء؛ حيث هدّدت دول عدة برفع شكوى ضد “أبوظبي” بسبب تدخلها في شؤون الصومال وإريتريا.

ففي هذا الصدد، كانت دورية “مغرب كونفيدنشيال”، الاستخبارية الفرنسية كشفت أن الإمارات موّلت حملة موسى بيهي عبدي، الرئيس الجديد لما تسمى بجمهورية أرض الصومال غير المعترف بها دوليًا، وأنها تنتظر المكافأة على هذا التمويل بالبدء في إنشاء قاعدتها العسكرية بمدينة بربرة الصومالية الأمر الذي رفضته الحكومة الشرعية في الصومال.

صفعة ثانية قوية

قرار جيبوتي، قبل يومين بإنهاء عقد الامتياز الممنوح لموانئ دبي العالمية لتشغيل محطة “دوراليه” للحاويات، “من جانب واحد وبأثر فوري”، والذي يقف أمام خطط دبي لإحكام السيطرة على موانئ القرن الإفريقي- يعد صفعة قوية في وجه الإمارات.

ويبدو أن خطة الإمارات لن تسير وفق ما يشتهي حكام هذه الدولة، التي تتطلع إلى توسيع مساحة نفوذها ما بين اليمن وشرق إفريقيا، على البحرين الأحمر والعربي، والتي تُعزّز، حضورها في تلك المنطقة على نحو غير مسبوق، عبر سيطرتها على ميناء بربرة في “أرض الصومال” (جمهورية معلنة من جانب واحد)، بعد ضمها ميناء عصب في إريتريا إلى مظلتها.

ويعتبر ميناء بربرة البحري من أقدم وأوسع الموانئ البحرية في الصومال ويعود إلى عهد الاستعمار البريطاني، لكن تم بناء الميناء بشكله الحالي عام ١٩٦٩؛ حيث يشكل العمود الفقري لاقتصاد الصومال، وشريان حيوي لاقتصاديات منطقة القرن الإفريقي باعتباره من أهم ميناء موانئهم لتصدير  المواشي إلى دول الخليج العربي وشمال إفريقيا عبر البحر الأحمر، وممر للبضائع المختلفة المستودرة من الأسواق الإقليمية والعالمية.