بات الحلم الإسرائيلي الذي كان سابقاً نسجاً من الخيال، والمتمثل بالوصول إلى عمق المنطقة العربية والإسلامية، والتجذر فيها كحليف جديد ومقبول للأنظمة العربية بعيداً عن رأي شعوبها، يقترب من أرض الواقع ويبتعد كثيراً عن قصص الروايات والأحلام.

فالأبواب التي شرعها في وجه “إسرائيل”، وعلى وجه الخصوص بالسنوات الأخيرة، قادة دول عربية، على رأسها “السعودية والإمارات والبحرين”، فتحت شهية دولة الاحتلال التي تجاوزت مطامع التطبيع والعلاقات العلنية، حتى وصلت إلى الركض خلف حقوق تزعم أنها سُلبت منها منذ عصور.

الخطوات الإسرائيلية الجديدة التي تنوي اتخاذها بعد أن ضمنت نجاح دخولها من باب التطبيع العربي الكبير، كشف عن تفاصيلها القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، أحمد أبو حلبية، الذي أكد أن “أطماع إسرائيل ستتخطى الحدود والمعقول”.

وفي تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين”، قال أبو حلبية: إن “دولة الاحتلال تسعى الآن، من خلال علاقاتها مع المملكة العربية السعودية، إلى إعادة بعض اليهود للسكن مجدداً في الأراضي الحجازية بعد أن خرجوا منها في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم”.

استغلال التطبيع

وأضاف: “علِمنا أن وفداً يهودياً قد دخل السعودية خلال الفترة الماضية، ويحاول الآن تجهيز الظروف المناسبة لإعادة العيش في الأماكن التي تركوها، وتحديداً في المدينة المنورة”.

وأوضح القيادي في حركة “حماس”، أن بعض اليهود من نسل “خيبر وبني قينقاع” مقتنعون تماماً بأن العودة إلى الأماكن التي خرجوا منها في عهد الرسول محمد ضرورية، ويسعون من خلال جهودهم وتحركاتهم السرية إلى تحقيق هذا الحلم، في ظل التقارب الكبير الحاصل بين السعودية ودولة الاحتلال.

وزاد في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “اليهود يحاولون إعادة العيش والاستقرار من جديد داخل أراضي المملكة السعودية، مستغلين ما يدور من تطور جوهري وكبير في علاقات دولتهم مع الرياض”، معتبراً ذلك “مؤشراً خطيراً وتجاوزاً لجميع القيم وضوابط التعامل مع الكيان الإسرائيلي”.

حلم اليهود بالعودة للسعودية يقترب

ولفت أبو حلبية إلى أن اليهود “لم ولن يتوقفوا عند هذا الحد، بل سيطالبون الأنظمة العربية وعلى رأسها النظام السعودي، بتعويضات مالية كبيرة عما جرى لهم في العصور الماضية”.

وفي الـ7 من يناير الماضي، كشفت وسائل إعلام عبرية أن “تل أبيب” تُخطط لمطالبة إيران وسبع دول عربية أخرى بتعويضات عن ممتلكات وأصول “فقدها اليهود عندما تركوا ديارهم في تلك البلدان”، منذ الإعلان عن “قيام دولة إسرائيل” عام 1948.

وتصل المبالغ، التي ستطالب “إسرائيل” بردِّها، في كل من العراق والمغرب وسوريا ومصر واليمن وإيران وليبيا وتونس، إلى أكثر من 250 مليار دولار، وتقدّر الشبكة الدولية اليهودية عدد اليهود الذين خرجوا من 10 دول عربية بنحو 856 ألف يهودي؛ لكن المشروع الجديد يستثني الجزائر ولبنان من التعويضات.

وعملت الحكومة الإسرائيلية، السنة الماضية، بشراكة مع شركة محاسبة دولية، على إحصاء قيمة الممتلكات والأصول التي كان يملكها مئات الآلاف من اليهود بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي عام 2010، أصدرت قانوناً ينص على أن أي اتفاق سلام نهائي مع فلسطين يجب أن يعالج مسألة التعويضات المالية لليهود من الدول العربية وإيران، بعد إجبارهم على الرحيل، حسب زعمها.

وفي حالة نجاح الخطة الإسرائيلية، ستُوضع الأموال في صندوق دولي خاص لحساب “إسرائيل”، ويشرف على حصر “ممتلكات اليهود العرب” وزارة المساواة الاجتماعية بالتعاون مع المجلس القومي الإسرائيلي.


تاريخ أسود

وبالعودة إلى تصريحات القيادي “أبو حلبية”، رأى الكاتب والمحلل السياسي ثبات العمور أن السعودية ستوفر وتدفع كل التعويضات التي ستطلبها منها “إسرائيل” عما جرى لليهود داخل المملكة.

العمور أوضح لـ”الخليج أونلاين”، أن هذا الأمر لن يعيق السعودية عن الوصول إلى هدفها الأكبر بتطبيع علاقات سياسية واقتصادية وأمنية كاملة مع دولة الاحتلال، وما ستطلبه الأخيرة سيُلبى فوراً.

وعن قضية عودة اليهود للعيش في السعودية، لفت المحلل السياسي إلى أن السعودية فتحت رسمياً أبوابها للإسرائيليين، بعد أن قررت بشكل علنيٍّ، السماح لفلسطيني الداخل المحتل عام 1948 بدخول أراضيها للعمرة والحج، لكن الخفي في هذا القرار هو أن السعودية باتت أرضاً مفتوحة لكل جواز سفر إسرائيلي.

واعتبر أن السعودية تخطت كل الخطوط الحمراء مع دولة الاحتلال، واختارت بدل أن تكون رأس حربة وسنداً قوياً في الدفاع عن فلسطين السعيَ لتصفية قضيتها، متوقعاً أن تشهد المرحلة المقبلة حضوراً إسرائيلياً علنياً في معظم المدن السعودية.

وتأكيداً لتطوُّر العلاقات السياسية والدينية بين الرياض و”تل أبيب”، ولأول مرة وجهت رابطة العالم الإسلامي، في مايو الماضي، دعوة رسمية إلى وفد يهودي، لزيارة المملكة في يناير من العام 2020.

الجدير ذكره أن العلاقات العربية مع دولة الاحتلال قد تطورت في الشهور الأخيرة، وعلى وجه الخصوص مع السعودية، والتي تُوّجت بزيارات متبادلة واتفاقيات وصفقات عسكرية، كان أبرزها شراء الرياض منظومة “القبة الحديدية” الدفاعية العسكرية من “تل أبيب”، وفق ما كشفه “الخليج أونلاين” مؤخراً.

وتعيش العلاقات السعودية-الإسرائيلية أفضل أيامها في التاريخ؛ إذ أعرب رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت، في مقابلة مع صحيفة “إيلاف” السعودية، عن استعداد “إسرائيل” لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الجانب السعودي بهدف التصدّي لنفوذ إيران.

وشهد عام 2018 سلسلة زيارات ولقاءات تطبيعية بين “إسرائيل” والسعودية في مجالات عدة، إذ كشفت وسائل إعلام عبرية عن زيارة اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس المخابرات السعودي المقال، دولة الاحتلال عدة مرات في مناسبات مختلفة، وفق ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.

ويستعد صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، منذ أشهر، لكشف خطة للسلام بين دولة الاحتلال “الإسرائيلي” والفلسطينيين، يقول الفلسطينيون إن هدفها هو الاستيلاء على حقوقهم، ومن المنتظر أن تُدعم الخطة اقتصادياً في مؤتمر مرتقب بالبحرين، بتمويلات يقدمها حلفاء واشنطن من دول في الخليج تجمعها مع “إسرائيل” والولايات المتحدة خصومة مع إيران.