ترجمة عن تحقيق خاص أجرته الصحفية هيدي بلاك لمجلة “ذا نيويوركر”

في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، توجهت رئيسة تشيلي السابقة ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت إلى باريس، تحديدًا فندق بوتيكي، للقاء الشيخة لطيفة بنت محمد آل مكتوم. اللقاء كان سريًا في البداية، وحسب ما قالت باشيليت، فإن أول ما سألته للأميرة “هل أنت بخير؟ هل أنت في وعيك وحاضرة الذهن؟

كان الهدف من الاجتماع الإعلان عن نهاية مرحلة وبداية أخرى، نهاية الفترة التي كانت فيها لطيفة رهينة لدى والدها، وبداية مرحلة جديدة من الحرية، أو هكذا رُوج له. قبل عامين من هذا اللقاء، وضعت لطيفة خطة جريئة للفرار من والدها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي ورئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالفعل هربت على متن زورق و”جيت سكي” إلى يخت كان ينتظرها، ولكن تم القبض عليها بعد أسبوع من قبل قوات الكوماندوز داخل المحيط الهندي، وسُجنت بأوامر مباشرة من والدها في فيلا تخضع لحراسة مشددة في دبي.

وبعد أن أصبحت أخبار القبض على لطيفة علنية، حاول الشيخ محمد تصوير ابنته على أنها شابة “مضطربة نفسيًا”، تم التلاعب بها وإقناعها بالهرب، لكنها “الآن أصبحت آمنة وفي رعاية أسرتها المحبة”.

لكن أنصار لطيفة نشروا مقاطع فيديو سجلتها الأميرة سرًا، تتهم والدها بتعذيب وسجن وقتل من يعصيه، وخاصة النساء، وقالت في الفيديو “أنا رهينة… لقد تحولت هذه الفيلا إلى سجن”.

الشيخ محمد نفى بشدة هذه الادعاءات، ولكن مع انتشار القصة، دعت الأمم المتحدة دولة الإمارات العربية المتحدة، لتقديم دليل على أن الأميرة لا تزال على قيد الحياة، وبعد أشهر من الطلب، تم تحديد لقاء بين لطيفة وباشيليت.

اللقاء أثبت أن لطيفة لم تكن على قيد الحياة فحسب؛ بل إنها خارج دبي أيضًا، بمفردها في غرفة فندق مع كبير مسؤولي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. ما حدث بين باشيليت ولطيفة في باريس لم يُكشف عنه من قبل، لكن النتيجة كانت انتصارًا للشيخ محمد.

بعد انتهاء الاجتماع، نشرت الأمم المتحدة صورة للمرأتين، معلنة أن اللقاء تم بناء على طلب لطيفة، وأنها “أبلغت المفوضة السامية بأنها بخير وأعربت عن رغبتها في احترام خصوصيتها”، وصدر بيان باسم لطيفة جاء فيه أنها التقت باشيليت “لتأكيد حقها في حياة خاصة”، ولإثبات أنها “تعيش كما تشاء”.

ومع ذلك، عندما أجريت حوارًا مع باشيليت، قالت إن اللقاء ليس كما انتشر في الإعلام، بل كان الاجتماع في الواقع نتاج مفاوضات خاصة طويلة بين باشيليت ومسؤولين في وزارة الخارجية الإماراتية، واعترفت بأنه ليس لديها طريقة للتأكد من أن الأميرة لم تحضر تحت الإكراه.

وقالت باشيليت: “إنها تخبرنا أنها بخير، وأنها سعيدة بحياتها، وأنها ارتكبت أخطاء في الماضي”، “لكن، بالطبع، تسأل نفسك، هل هذا صحيح تمامًا؟ أم أنها رأت في النهاية أن الخيار الوحيد هي أن تخضع لترديد رواية والدها؟

في شهر مايو/أيار الماضي، وفي تقرير استند إلى آلاف الرسائل والتسجيلات الخاصة، ذكرت كيف خاطرت لطيفة وشقيقتها شمسة وغيرهما من نساء العائلة المالكة بحياتهم للهروب من وحشية الشيخ محمد بن راشد. تقريبًا أمضت لطيفة نصف عمرها وهي تحاول الفرار من والدها؛ لقد عانت من الضرب الوحشي خلال فترة سجن طويلة بعد محاولتها الأولى الفاشلة في سن المراهقة.

“لست على استعداد للخضوع لمزيد من سنوات التعذيب واليأس والمعاملة المهينة كأنني لست بشر “، هذا ما أعلنته لطيفة قبل الشروع في هروبها الثاني في فبراير/شباط 2018.

وفي عشرات الرسائل التي أرسلتها سرًا إلى مؤيديها بعد القبض عليها، تحدثت لطيفة تعرضها للمضايقات المستمرة من قبل الشرطة الإماراتية التي تحرسها، وقالت في أحد مقاطع الفيديو: “لأنني لم أسمح لهم بتحطيمي، فأنا أعاقب…. لن أستسلم أبدًا”.

لم يكن لقاء باشيليت مع لطيفة المرة الأولى التي يتم فيها إشراك شخصية رفيعة المستوى في الأمم المتحدة في جهود الإمارات العربية المتحدة لتهدئة المخاوف بشأن لطيفة، إذ أنه بعد عدة أشهر من المرة الثانية لاعتقالها، تحديدًا في ديسمبر/كانون الأول 2018، اضطرت لطيفة إلى التقاط صور مع المفوضية السابقة لحقوق الإنسان، الرئيسة الأيرلندية السابقة ماري روبنسون، وبعد هذا اللقاء يُقال إنه تم إطلاق سراحها كدليل على أنها كانت آمنة “في المنزل تعيش مع عائلتها.”

بعد ذلك، أجرت روبنسون مقابلة مع بي بي سي قالت فيها إن لطيفة تعاني من أمراض “نفسية وعقلية”، وفي فبراير/شباط 2021، تراجعت عن هذه الادعاءات وقالت إنها تعرضت “لخداع فظيع” من قبل العائلة المالكة في دبي، وبعد تسعة أشهر تم ترتيب اللقاء مع باشيليت.

 

يُتبع>>