عقدت ست دول عربية اجتماعًا وزاريًا في العاصمة المصرية القاهرة، أعلنت خلاله رفضها القاطع لتهجير الفلسطينيين، داعيةً إلى تنفيذ حل الدولتين. لكن خلف العناوين البراقة التي صدّرها البيان الختامي، يبرز تساؤل جوهري: هل الهدف الحقيقي هو حماية الفلسطينيين، أم أن هناك أجندة خفية يجري تمريرها في ظل الزخم الإعلامي والسياسي؟
إجماع عربي أم موقف رمزي؟
بحسب البيان الصادر عن وزارة الخارجية المصرية، فقد ضم الاجتماع وزراء خارجية مصر، السعودية، الإمارات، قطر، الأردن، وفلسطين، إلى جانب أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط. وأكد المشاركون على ضرورة العمل مع الإدارة الأمريكية لتحقيق سلام شامل وفقًا لحل الدولتين، مع رفض أي انتهاكات لحقوق الفلسطينيين، سواء عبر الاستيطان، أو الإخلاء القسري، أو هدم المنازل، أو أي شكل من أشكال التهجير.
إلا أن التساؤل الذي يطرح نفسه هو مدى جدية هذه الدول في التصدي لهذه الممارسات الإسرائيلية، خصوصًا أن بعضها لم يتورع سابقًا عن تقديم أشكال مختلفة من الدعم للاحتلال، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. فهل يعكس هذا الاجتماع موقفًا حقيقيًا يمكن أن يؤثر على سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل، أم أنه مجرد موقف رمزي لا يخرج عن دائرة البيانات الدبلوماسية؟
هل يستجيب ترامب لهذا الاجتماع؟
رغم اللهجة القوية التي حملها البيان الختامي، فإن الواقع يشير إلى أن استجابة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهذه المطالب تبقى مستبعدة. فمنذ توليه السلطة، تبنّت إدارته سياسات منحازة بشكل صارخ لإسرائيل، بدءًا من الاعتراف بالقدس عاصمة لها، مرورًا بدعم التوسع الاستيطاني، وانتهاءً بتجاهل المطالب العربية بشأن الحقوق الفلسطينية.
كما أن طرح قضية التهجير في هذا التوقيت قد يكون جزءًا من تكتيك تفاوضي أمريكي وإسرائيلي يهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، دون تقديم أي التزامات حقيقية تجاه الفلسطينيين. وفي ظل غياب ضغوط دولية قوية، قد يبقى موقف واشنطن ثابتًا، ما لم تتغير المعادلات السياسية أو تنشأ مصالح تقتضي تغيير نهجها الحالي.
تمكين السلطة الفلسطينية في غزة.. الهدف الحقيقي؟
ورغم أن العنوان العريض للاجتماع كان رفض تهجير الفلسطينيين، إلا أن البيان المشترك احتوى على نقطة مثيرة للجدل، وهي الحديث عن تمكين السلطة الفلسطينية في غزة. وهنا يبرز تساؤل أكثر خطورة: هل الهدف الحقيقي لهذا الاجتماع هو حماية الفلسطينيين من التهجير، أم أن هناك مخططًا أعمق يتم التمهيد له؟
لا يمكن تجاهل حقيقة أن بعض الدول المشاركة في الاجتماع لم تتردد سابقًا في دعم الاحتلال خلال عدوانه على غزة، سواء عبر صمتها أو من خلال مواقف سياسية واقتصادية مكّنت إسرائيل من الاستمرار في حربها. وبالتالي، فإن رفض التهجير قد يكون مجرد غطاء إعلامي، في حين أن المخطط الأساسي قد يكون إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة كبديل للاحتلال، في خطوة قد تخدم إسرائيل أكثر مما تخدم الفلسطينيين أنفسهم.
في المحصلة، يبقى السؤال الأكبر مطروحًا: هل هذا الاجتماع خطوة جادة لحماية الحقوق الفلسطينية، أم مجرد جزء من لعبة سياسية كبرى يُراد منها تمرير ترتيبات جديدة تحت غطاء رفض التهجير؟
اضف تعليقا