أعربت صحيفة “واشنطن بوست” عن خشيتها من أن يلحق السودان بدول الربيع العربي التي نجحت في إسقاط الرجل القوي، غير أنها فشلت في إبعاد حلفائه عن الحكم.

جاء ذلك في تقرير للصحيفة، اليوم السبت، عقب التوصل إلى اتفاق بين قادة المعارضة السودانية والجيش؛ ينص على إجراء انتخابات جديدة خلال فترة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر.

وأضافت: “يشعر الكثيرون بالقلق من إمكانية أن يعمد الجيش وقادته المتورطون بجرائم إلى نقل السلطة لحكم مدني؛ ما يعني أن السودان قد يلحق بدول الربيع العربي التي خرجت بثورات شعبية عام 2011 ونجحت بالإطاحة بالرجل الأول في النظام، غير أن حلفاءه واصلوا الحكم بطرق شتى من بعده”.

وتابعت: “في السودان، وتحديداً في أبريل الماضي، نجحت الاحتجاجات الشعبية في الإطاحة بحكم الرئيس عمر البشير، بعد نحو ثلاثة عقود من وجوده على رأس السلطة، كان خلالها نموذجاً للزعيم الاستبدادي، حيث عملت حكومته على قمع الحقوق المدنية، وشنت حملات عنيفة ضد الأقليات العرقية”.

وقالت الصحيفة أيضاً: “كان البشير آخر زعيم عربي يُجبر على التخلي عن السلطة بفعل الاحتجاجات الشعبية التي نادت بالحرية والديمقراطية، فمنذ اندلاع ثورات الربيع العربي نجح المتظاهرون في إسقاط قادة تونس ومصر وليبيا واليمن، ومؤخراً الجزائر”.

لكن بعد الإطاحة بعمر البشير، تقول “واشنطن بوست”، تعلم العسكر درساً مهماً في فترة ما بعد الربيع العربي؛ “وهو التدخل للحفاظ على الثورة”، وتحت هذه الحجة تصادر بشكل كامل.

واستطردت تقول: “في مصر مثلاً، استُبدل بالحكم الديمقراطي الذي جاءت به الثورة حكومة قمعية مدعومة من الجيش، وفي ليبيا واليمن ما تزال النزاعات التي تقودها شخصيات محسوبة على النظام السابق مشتعلة، وحتى في تونس، نجح المتطلعون للماضي الاستبدادي في إحكام سيطرتهم على البلاد”.

وعلى الرغم من أن الاتفاق في السودان نص على عدم السماح للمتورطين بأعمال عنف في الدخول للحكومة، فإن الصحيفة الأمريكية قالت إن من المستبعد أن يُحقّق ذلك في ظل وجود غالبية القادة العسكريين ممن لديهم سجلات إجرامية؛ كمحمد حمدان (حميدتي)، الذي يعتبر القائد الفعلي للمجلس العسكري في السودان.

وبحسب “ذي واشنطن بوست” فإن “الكثيرين يرون حميدتي امتداداً لحكم عمر البشير؛ إذ عمد إلى قمع الاحتجاجات منذ تنحي البشير، بينها واحدة من أكثر المجازر عنفاً، عندما قُتل ما لا يقل عن 100 متظاهر”.

فضلاً عن هذا، تقول الصحيفة، فإن حميدتي متهم بجرائم سابقة في دارفور عندما كان يقود مليشيا الجنجويد سيئة السمعة، التي قيل إنها قتلت الآلاف من أهالي دارفور.

ويقول خالد مصطفى مدني، أستاذ مشارك في جامعة ماكجيل، للصحيفة: “إن الاتفاق كان سبباً للتفاؤل بالنظر إلى وحدة المعارضة والوعد بإجراء تحقيق مستقل في أعمال القتل الجماعي، الشهر الماضي، والقلق الحقيقي بشأن حميدتي في أوروبا والولايات المتحدة”.

مع ذلك، يضيف مدني: “إن القلق هو أن شخصيات النظام قد تكون قادرة على استخدام تكتيكات التأخير أو محاولة تقسيم المعارضة المدنية واختيارها قبل التسليم المخطط له”.

وأضاف: “في هذا المنعطف فإن دور المجتمع الدولي مهم للغاية”، لافتاً النظر إلى أنه “في حال عمد القادة العسكريون السودانيون إلى تأخير الإصلاح فسوف يتبعون النمط المعمول به في بلدان الربيع العربي الأخرى؛ حيث تمكن المطلعون على النظام من التشبث بالسلطة، وفي بعض الحالات يوقفون محاولات الإصلاح الديمقراطي”.