العدسة – ياسين وجدي:

إنه ليس تقريرا لمحقق ، ولكن يبدو أنه سيكون تقريرا للمصير.

يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الفترة الماضية الإفلات من عواقب تقرير المحقق الأمريكي البارز روبرت مولر وضعوط الكونجرس بقيادة الديمقراطيين بشأن السعودية ، فيما تكشف مؤشرات جديدة أنه سيكون ضحية له مالم يبادر هو بخطوة.

هذه الخطوة وفق ما هو مرصود من مؤشرات هي ضرب إيران ، ليضرب عصفورين بحجر واحد كي يتمكن ترامب من انقاذ نفسه وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهو ما نتوقف عنده فلم يعد شعار “أمريكا أولا” ذات جدوى بعدما حل محله شعار “ترامب وبن سلمان أولا ”

تقرير مصير !

أنباء متواترة خاصة في الساعات الأخيرة باتت أشبه بتسريب للقرار القادم والذي يتشكل مضمونه في عبارات تؤكد أن تقرير روبرت مولر سيدمّر “ترامب” سياسيا .

 

 

المغرد السعودي الشهير “مجتهد” ربط بين قرارالرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ بسحب القوات الأمريكية من سوريا  والذي فاجأ كبار مستشاريه للأمن القومي، والقادة العسكريين الأمريكيين على الأرض وصدم أعضاء الكونغرس بتقرير المحقق روبرت مولر حول التدخل الروسي و الخارجي في حملة الانتخابات الرئاسية، التي أوصلت ترامب إلى البيت الأبيض.

مجتهد الذي يعرف عن صدق توقعاته وقوة معلوماته قال في تغريدة مثيرة للاهتمام :” تقرير مولر يقترب من نهايته ودلت التسريبات الأخيرة على أنه مليء بالأدلة على إدانة ترمب ويبدو أن ترمب متأكد أنه سيؤدي لعزله ثم المحاكمة بالخيانة”.

وفي ذات طريق “مجتهد”، جاء التحذير من قلب مؤيدي “ترامب”، حيث حذر محامٍ أميركي مرموق درج على الدفاع عن دونالد ترامب يدعى “ألان ديرشوفيتز “، من أن تقرير المحقق الخاص روبرت مولر ستكون له تداعيات سياسية وخيمة على رئيس الولايات المتحدة مضيفا أن التقرير سيرسم صورة مدمرة للغاية عن ترامب.

 

 

ووفقا لمجلة نيوزويك الأميركية فقد رجح فرانك فيغلويزي، الذي عمل مع مولر في مكتب التحقيقات الفيدرالي ، أن “مولر” سيخرج العالم عن قصة رئيس فاسد من خلال لوائح الاتهام”.

وأدى تحقيق مولر حتى الآن إلى إقرار اثنين من مساعدي ترامب، هما مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين والعضو في حملته الانتخابية جورج بابادوبلوس، بالذنب بالكذب على ضباط مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) في التحقيقات، ووجهت اتهامات لاثنين آخرين هما مدير حملة ترامب السابق بول مانافورت ومساعده ريتشارد جيتس لكنهما قالا إنهما غير مذنبين.

ضرب ايران !

التحليلات التى اثارت المخاوف بشكل كبير ، كانت ما ذهب إليه “مجتهد” ، وأكدت وسائل الإعلام الأمريكية أن ترامب لم يبلغ وزارة الدفاع بقرار الانسحاب ثم جاءت استقالة وزير الدفاع لتعطي مؤشر آخر على احتمال عزم ترمب على ضرب إيران خاصة أن “مجتهد” قد أشار إلى أن العقبة الأخيرة أمام ضرب إيران هو وزير الدفاع وأنه سيستقيل إن فكر ترمب بذلك، موضحا أن “جيم ماتيس ” شعر برغبة ترامب بشن هذه الحرب فحاول إقناعه أن ثمن الحرب مع إيران هو القضاء على كل مصالح أمريكا في المنطقة، وحين أحس أن النية قوية لدى ترامب توسل إليه أن يشجعه على الاستقالة إن قرر شن هذه الحرب حتى لا يكون شريكا في دمار مصالح امريكا في العالم، وهو المتوقع .

 

 

ويرحج “مجتهد” أن يكون قرار ضرب إيران طوق النجاة الوحيد لترامب، وذلك بإدخال أمريكا في حرب كبيرة يستطيع خلالها إلغاء التحقيق وطرد مولر بمبرر الحرب موضحا أن قرار حصار إيران ثم توفير استثناءات لإيران للتعامل مع دول كثيرة حتى لا تتأثر بالحصار مبررا لترامب كي يقول إن إيران لم تتأدب بالحصار ولا بد من ضربة تقضي على برامجها النووية والصاروخية التي يزعم فريقه أنها لم تتوقف.

 

تعهد الديموقراطيين كذلك بحسب “مجتهد” بفتح تحقيق في علاقة ترمب المالية الشخصية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد انطلاق الكونجرس الجديد بأغلبية ديموقراطية، وهو أمر لن يقل خطورة عن تحقيقات مولر وستكون حرب مع إيران كذلك طوق النجاة الوحيد مما يزيد من احتمالات لجوء ترمب لها لإنقاذ نفسه وإنقاذ ابن سلمان، وما يعزز ذلك اتصالات “كوشنر” مع ابن سلمان الأخيرة فيها شيء من هذا القبيل، مؤكدا أنه على كل حال فإن كان الاحتمال واردا فإنه طبقا لحسابات العسكريين ليس من المتوقع أن تحصل ضربة إلا بعد منتصف يناير أو بداية فبراير.

 

 

 

عسكريا ، يبدو أن الرغبة السريعة لتشكيل “ناتو عربي” قبيل سحب القوات الأمريكية المفاجيء من سوريا ، يهدف لتوحيد القوة العسكرية في مواجهة قوة ايران العسكرية ، ويرى الكاتب العربي الكبير عبد الباري عطوان أن “النِّاتو العَربيّ السنيّ” انطلق سياسيا من حوار المنامة الأخير ، وان التمهيد له جرى بتصعيد التطبيع مع الكيان الصهيوني لتسهيل انضمام الكيان المحتل إلى التحالف مع الاسراع بحل الازمة القطرية بهدف انشاء منظومة اقليمية عربية صهيونية كبديل للجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي .

مسؤولون أمريكيون وعرب بحسب وكالة ” روتيرز” أكدوا خطة إدارة الرئيس دونالد ترامب في مواجهة ايران من باب تشكيل تحالف أمني وسياسي جديد مع دول الخليج العربية ومصر والأردن بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة، ونقلت الوكالة عنهم أن البيت الأبيض يريد تعزيز التعاون مع تلك البلدان بخصوص الدفاع الصاروخي، والتدريب العسكري، ومكافحة الإرهاب، وقضايا أخرى مثل دعم العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية.

الحرب باتت قدرا محتوما فيما يبدو ، وهذا ما توقعه باحثون استراتيجون ومنهم  الخبير في السياسة الأميركية والعلاقات الأطلسية البروفيسور جوزيف برامل حيث توقع في مارس الماضي أن تشن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حربا على إيران بمشاركة الكيان الصهيوني ودعم محتمل من السعودية على خلفية تصاعد التوتر بين الجانبين بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الموقع بين الدول الكبرى وطهران عام 2015.

 

 

 

 

الخبير الألماني البارز صدق نبواءاته التي أطلقها في أبريل ، حيث توقع إلغاء الرئيس الأميركي الاتفاق النووي مع إيران، من أجل التمهيد لتوجيه ضربات جوية إلى طهران لمنعها من تطوير قدراتها النووية، معتبرا أن سحب ترامب المتوقع لقواته من سوريا يهدف لإبعادها عن الاستهداف حال تنفيذ الضربات الجوية ضد إيران، وهو ما يعزز الاحتمالات بصورة كبيرة خاصة أن  الهجوم سيكون مفيدا للرئيس الأميركي داخليا، وفي تحقيق أهداف للولايات المتحدة بصراعها الجيوإستراتيجي مع الصين، بحسب الخبير الإستراتيجي الألماني الذي صرح بأنه لو كان محل إيران لاستعد لما سيقع من دون تعويل على روسيا التي ستستفيد من الهجوم العسكري الأميركي.

استراليا بحسب تقارير اعلامية ستساعد ن عبر المواقع الدفاعية السرية على أراضيها ، وكشف مصدر في الحكومة الأسترالية عن أن الولايات المتحدة جاهزة لضرب المواقع النووية في إيران والتي سيساعد العسكريون الأستراليون على تحديدها حيث يوجد في شمال أستراليا موقع دفاعي سري، متاح لممثلي الخدمات الخاصة الأمريكية والبريطانية والأسترالية والكندية والنيوزيلندية، وسيستخدم هذا الموقع بالتحديد لضرب إيران.

ماذا قد يحدث؟!

وفق سيناريو الضربة المتوقعة ، فقد كشفت حرب كلامية في وقت سابق بين ايران والولايات المتحدة الأمريكية ملامح لها.

ترامب قال في تغريدة سابقة وجهها إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني: “إياك أبدا أن تهدد الولايات المتحدة مرة أخرى وإلا فستواجه عواقب لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ” فيما استبق روحاني الحديث العدائي لترامب بقوله :” إن الحرب مع إيران هي : أم الحروب”.

مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، هدد بأنه إذا فعلت إيران أي شيء سلبي فستدفع ثمنا لم تدفع مثله من قبل على الإطلاق سوى قلة من الدول فيما هدد قادة الحرس الثوري الإيراني بتدمير القواعد العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط واستهداف الكيان الصهيوني في غضون دقائق من تعرضهم لهجوم.