مقال نُشر في الواشنطن بوست بواسطة عبد الله العودة – مدير منظمة DAWN- وجون هرش هو مدير البرامج في DAWN

 

في أوائل عام 2020، قبل تفشي وباء كورونا، نظمت وكالة Vice Media -سراً- مهرجاناً موسيقيًا ضخمًا في المملكة العربية السعودية، في الظروف العادية، فإن حدث مثل هذا سيكون بمثابة صفقة العمر لأي شركة إعلامية، لكن Vice حاولت بشتى الطرق إخفاء تورطها.

وفقًا لصحيفة الغارديان، التي نقلت خبر المهرجان، حجبت Vice اسمها من الظهور في الحدث وطلبت من المقاولين الذين عملوا في المهرجان من خلال شركة Virtue، وهي وكالة تسويق إبداعي تابعة لـ Vice ، توقيع اتفاقيات عدم إفشاء، ليظل اسمها بعيداً عن الأضواء.

ما السبب وراء التمسك بالسرية؟ …. ربما كان الخوف من العار!

عام 2018، أعلنت Vice أنها ستوقف جميع الأعمال في المملكة العربية السعودية بعد جريمة القتل الوحشية التي تعرض لها الكاتب والمعارض السياسي جمال خاشقجي، كاتب العمود في واشنطن بوست.

ولكن الآن، بعد ثلاث سنوات، ومقابل 20 مليون دولار، يبدو أن الشركة أصبحت أكثر استعدادًا للمساعدة في تبييض الصورة المشوهة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حيث ستستأنف Vice -سراً- العمل مع الحكومة السعودية، وفقاً لمصادر مطلعة، والذي أكدوا أن الشركة ستقوم بفتح مكتب بهدوء في الرياض في أبريل/نيسان المقبل، وهو أمر يتجاوز النفاق بالنسبة لشركة إعلامية اكتسبت جمهورًا ونفوذًا من خلال الإبلاغ عن الاضطرابات المدنية والفساد السياسي.

أثارت وكالة Vice مخاوف عديدة لدى الموظفين لديها بشأن العمل مع الحكومة السعودية لعدة سنوات، والذين في المقابل تلقوا فقط “تصريحات فارغة وأعذارًا مثيرة للشفقة” للحصول على مبرر لهذه الصفقات، وفقًا لتصريح أحد الموظفين.

منذ مقتل خاشقجي المروع في القنصلية السعودية في اسطنبول وتقطيع أوصاله، كافحت الحكومة السعودية لإعادة تأهيل سمعتها المدمرة، ينطبق هذا بشكل خاص على محمد بن سلمان، الذي أكدت وكالات المخابرات الأمريكية أنه من المحتمل بصورة قوية أن يكون قد أمر بقتل خاشقجي.

لكن الطلب المتزايد على النفط والتحول القوي نحو الثقافة والموسيقى من خلال الحفلات الموسيقية التي تضم شخصيات كبيرة ومهرجانات الأفلام والأحداث الرياضية البارزة ساعدوا محمد بن سلمان على استعادة مستوى معين من القبول لدى المجتمع الدولي.

قدم مشاهير مثل جاستن بيبر حفلات في المملكة العربية السعودية، على الرغم من المناشدات والدعوات الحقوقية لاستخدام “أدائهم” لإثارة مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، ولفت الانتباه لما يحدث من انتهاكات.

كل الدلائل تشير إلى استمرار الحكومة السعودية في هذه الاستراتيجية (التبييض)، حيث أعلنت [الحكومة] مؤخرًا عن خطط لزيادة هذه الأحداث بنسبة 600٪ في عام 2022، لذلك ربما لا تكون هذه هي المرة الأخيرة التي تعمل فيها Vice مع الحكومة السعودية، حيث أبرمت أيضًا صفقة لإنتاج أفلام ترويجية للبلاد أثناء عملها مجموعة الأبحاث والتسويق السعودية التي لها علاقات وثيقة مع الحكومة السعودية وروابط مع صحيفتَيّ ذا إندبندنت وإيڤننغ ستاندرد.

لذلك يستمر تبييض محمد بن سلمان والحكومة السعودية، حيث تعول تلك الشركات على الناس الذين ينسون جريمة مروعة ارتكبت ضد صحفي معارض، جريمته أنه- مثله مثل العديد من النشطاء السعوديين الآخرين المسجونين والمضطهدين حاليًا- قاتل فقط من أجل حرية التعبير.

هذه التصرفات تخون الكثير من السعوديين الذين يتوقون إلى التحدث بحرية من أجل العدالة والسلام – وخاصة أولئك الشباب السعوديين الذين تطمع بهم شركة Vice الإعلامية.

عندما يجرؤ الشباب السعودي على القيام بحملة من أجل حقوق الإنسان، أو يجرؤون على الانخراط في انتقاد سياسي أو يجرؤون على التعبير عن آراء تتعارض مع نظام محمد بن سلمان القمعي، فإنهم يواجهون اضطهادًا وحشيًا من قبل الدولة.

لكن الآن لديهم عدو جديد: شركة إعلامية غربية ثرية ومستعدة لشرعنة ممارسات النظام والتعتيم على جرائمه وانتهاكاته.

بالنسبة لعبد الله العودة، هذه المسألة شخصية للغاية، والده الشيخ سلمان العودة، المعتقل منذ عام 2017، يواجه عقوبة الإعدام المحتملة لدعوته إلى السلام على تويتر، كما منعت السلطات السعودية 19 فردا من عائلته من مغادرة البلاد، ويستمر المسؤولون السعوديون في مضايقته في مقر إقامته في الولايات المتحدة.

لكن بالنسبة لشركات مثل Vice، فإن العمل هو العمل دون أي اعتبارات أخرى، وحين يتعلق الأمر بتبييض محمد بن سلمان وحكومته المستبدة، فإن الأعمال قيد الازدهار، كأن الوكالة قالت: “لقد أخذنا الملايين لتحسين صورة الدكتاتور السفاح”.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا