منذ وصول السيسي إلى الحكم قبل حوالي 7 سنوات، والنظام الاستبدادي في مصر يقوم باعتقال المعارضين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان والمحامين المؤيدين للديمقراطية واحتجازهم في ظروف مأساوية بتهم ملفقة.

الممارسات القمعية للنظام المصري ضد مواطنيه أثارت إدانات دولية واسعة، ومع ذلك، لم يتراجع خطوة واحدة ولم يتوقف، بل استمر في شن حرب وحشية بلا هوادة ضد النقاد وأصحاب الآراء المختلفة عنه، ضارباً بكافة المواثيق والمعاهدات عرض الحائط.

ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية، والمقرر عقدها بعد حوالي أسبوعين، بدأ النواب الديمقراطيون في الكونجرس بتوجيه تحذيراتهم لعبد الفتاح السيسي بأن انتهاكات حقوق الإنسان لن يتم التسامح معها إذا فاز جو بايدن بالرئاسة الشهر المقبل.

في رسالة تم إرسالها الاثنين الجاري للرئاسة المصرية، حث 56 مشرعاً في الكونغرس السيسي على إطلاق سراح “المعتقلين ظلماً”، وقد تم إرفاق تفاصيل عشرات الحالات التي تعاني من ظروف احتجاز بشعة وإهمال طبي تتضاعف خطورته في ظل انتشار كوفيد -19 في السجون المصرية

يقول المشرعون في الرسالة التي حصلت صحيفة واشنطن بوست على نسخة منها: “هؤلاء الأشخاص ما كان ينبغي سجنهم في المقام الأول”.

يأتي تحذير الديموقراطيين للسيسي لأن إدارة ترامب كانت تلتزم الصمت أغلب الأحيان بشأن الانتهاكات المصاحبة لحكم السيسي، بل وصفه ترامب ذات مرة بأنه “الديكتاتور المفضل” لديه، كما صرح في أكثر من مرة أن ما يقوم به نظام السيسي هو شأن داخلي، وأن الأهم هو البحث عن شراكات تقوم على المصالح والقيم المشتركة لتعزيز التعاون بين البلدين.

اعتبر النشطاء والحقوقيون أن النهج الذي اتبعه ترامب في التعامل مع الشأن المصري شجع السيسي على زيادة قمعه.

في تعليقه على الرسالة، قال النائب رو خانا (ديمقراطي من كاليفورنيا)، “أعتقد أن هناك مؤشرًا واضحًا على أنه عندما تتغير الإدارة سيكون هناك نهج مختلف تمامًا للسياسة الخارجية، لا سيما فيما يتعلق بالشرق الأوسط”، وتابع “هذا يعني أن علاقتنا مع مصر سيتم إعادة تقييمها من منظور حقوق الإنسان، وستُعطى حقوق الإنسان الأولوية مرة أخرى.”

وأضاف خانا أن المحرك الأساسي لتلك الرسالة هو تزايد وحشية الحملة المصرية على النشطاء المؤيدين للديمقراطية والمعارضين خلال الأسابيع الأخيرة، حيث تم اعتقال أكثر من 900 شخص منذ 20 سبتمبر/أيلول في أعقاب احتجاجات شعبية مناهضة للسيسي انتشرت في جميع أنحاء البلاد، خرجت للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية المزرية التي يعاني منها المواطنون خاصة بعد جائحة فيروس كورونا، وبعد القرارات الحكومية بتغريم السكان هدم المنازل في المناطق الفقيرة بدعوى التنمية.

في رسالتهم، تحدث المشرعون عن أكثر من 20 ناشطا ومحاميا ومعارضا سياسيا وصحفيا قالوا إنهم تعرضوا للاعتقال التعسفي، كما أشاروا إلى أن العديد من المواطنين الأمريكيين المعتقلين في مصر، داعين السلطات المصرية إلى إطلاق سراحهم.

كما طالب المشرعون بمحاكمة علنية عادلة أو إطلاق سراح خالد حسن، سائق سيارة ليموزين مصري أمريكي من نيويورك معتقل منذ يناير/كانون الثاني 2018 بتهم الانضمام إلى تنظيمات إرهابية، دون تقديم أدلة على ذلك.

المشرعون أشاروا في رسالتهم أيضاً إلى ما تعرضت له عائلة الناشط المصري/أمريكي محمد سلطان، وهو معتقل سابق وناشط يقيم الآن في شمال فيرجينيا، حيث تعرضوا للاعتقال في محاولة للضغط على سلطان لإسقاط دعوى قضائية رفعها ضد مسؤول مصري كبير اتهمه بالقيام بدور في سجنه وتعذيبه، وعلق المشرعون على هذا قائلاً إن “أخذ الرهائن غير قانوني وغير مقبول تحت أي ظرف من الظروف”.

وأدان المشرعون حالات الوفاة المأساوية التي تعرض لها المعتقل المخرج المصري شادي حبش والمواطن الأمريكي مصطفى قاسم في السجن، حيث توفي قاسم، وهو مريض بالسكري، في يناير/كانون الثاني متأثراً بنوبة قلبية واضحة بعد أن أمضى أكثر من ست سنوات في السجن.

حث المشرعون حكومة السيسي على إطلاق سراح السجناء “قبل أن يصبح سجنهم غير المشروع حكماً بالإعدام بسبب جائحة فيروس كورونا”. وأشاروا إلى إصابة الصحفي المعروف محمد منير بالفيروس أثناء تواجده في الحبس الاحتياطي، والذي توفي لاحقًا في أحد مستشفيات القاهرة بعد الإفراج عنه متأثراً بإصابته بالفيروس.

ولفت المشرعون إلى التكدس الذي تعاني منه الزنازين المصرية، حيث قالوا “من المؤكد الآن أن الاكتظاظ الشديد وسوء النظافة وعدم الحصول على الرعاية الصحية الملائمة في السجون المصري يعرض صحة وحياة جميع المعتقلين للخطر”، مضيفين “يتفاقم هذا الخطر الآن بعد ظهور تقارير جديدة عن حالات كوفيد -19 بين العاملين في السجون والمحتجزين”.

من جانبهم، رحب نشطاء حقوق الإنسان برسالة المشرعين إلى السيسي ووصفوه بأنه نصر لحقوق الإنسان.
محمد سلطان، الذي يدير مبادرة الحرية، وهي مجموعة مناصرة للمعتقلين قال معلقاً على الرسالة: “إن الدعوة المستمرة لجماعات حقوق الإنسان في السنوات القليلة الماضية تؤتي ثمارها”، “هناك شعور متزايد بأن العلاقة الثنائية بحاجة إلى إعادة تقييم، خاصة وأن نظام السيسي يزداد توحشاً”.

وأضاف “سلطان” أن الرسالة تشير إلى النغمة التي سيتبناها الكونغرس المقبل، وهي “الدفاع عن قضايا السجناء السياسيين والعمل على تحسين وضع حقوق الإنسان المزري في مصر”.

في سياق متصل، وصف خانا الرسالة بأنها “خطوة أولى مهمة”، وشبهها بجهود الكونجرس للضغط على السعودية لوقف مشاركتها في الحرب في اليمن، حيث بدأ ذلك أيضًا برسائل ثم تصاعد إلى قرارات وقوانين وقيود على مبيعات الأسلحة وأشكال الدعم الأمريكية الأخرى.

ونوه المشرع أنه من المحتمل أن يتم قطع أو تجميد 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية التي تتلقاها مصر سنويًا – في حال استمر النظام المصري في ارتكاب تلك الفظاعات، وهي عصا استخدمتها الإدارات السابقة كوسيلة للضغط من أجل إصلاحات ديمقراطية.

واختتم “خانا” حديثه قائلاً “يجب أن يكون هذا تحذيرًا واضحًا للحكومة المصرية بأنها بحاجة إلى تغيير أساليبها”، “ليس المقصود أن تكون الإجراءات عقابية كخطوة أولى… ولكن إذا استمر عدم إحراز أي تقدم، فسيتعين على الكونجرس النظر في جميع الخيارات المتاحة”.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا