مع اقتراب زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط منتصف مايو/أيار، تكشف التقارير العبرية عن تصعيد دبلوماسي أمريكي غير مسبوق للضغط على إسرائيل من أجل إبرام اتفاق وقف إطلاق نار مع حركة حماس في غزة.

صحيفة هآرتس نقلت عن مصدر مطلع أن إدارة ترامب تُمارس ضغوطًا “شديدة” على تل أبيب، مع تحذيرات صريحة: إما الاتفاق.. أو تُتركون وحدكم.

هذا التحول في لهجة واشنطن يفتح باب الأسئلة حول حدود الدعم الأمريكي غير المشروط، ويطرح مشهداً جديداً مفاده أن مراوغات نتنياهو باتت تُعرقل مشروعاً أمريكياً أكبر: تتويج ترامب “صانع سلام” قبل الانتخابات الأمريكية.

 ترامب يلوّح بالعصا: “إن لم تلحقوا بالقطار.. سنترككم خلفه”

في لهجة لا تخلو من التهديد، حذّر مسؤول أمريكي رفيع – خلال اجتماع مع عائلات الأسرى الإسرائيليين – من أن “إسرائيل فاتها القطار”، مؤكداً أن الإدارة الأمريكية “لن تنتظر على الرصيف”، في إشارة إلى فقدان الصبر مع مماطلة حكومة نتنياهو.

وقال المسؤول: “إذا كان ثمن تأخير إنهاء الحرب قد دُفع سابقاً، فالثمن الآن سيكون أثقل، ليس فقط على الأسرى بل على إسرائيل كلها”.

 الأسرى الإسرائيليون.. ورقة ضغط أمريكية داخلية

واشنطن تحوّل قضية الجنود الأسرى من عبء على حكومة الاحتلال إلى سلاح تفاوضي ضدها. فالمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أبلغ العائلات صراحة أن “استمرار الضغط العسكري يُعرّض حياة الأسرى للخطر”، في تناقض مباشر مع سياسة نتنياهو.

الأهم، أن الرسائل بدأت تنتقل من الغرف المغلقة إلى الإعلام، في ما يبدو إخراجاً متعمداً للخلافات الأمريكية-الإسرائيلية إلى العلن، وربما خطوة أولى نحو إعادة ضبط التحالف التقليدي وفق معادلة جديدة.

 مؤشرات على أزمة ثقة: ترامب يُلوّح بالعقاب

التوتر لم يعد دبلوماسياً فقط. فوفق صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن ترامب “سئم” من نتنياهو، وبدأ يشك بأنه يتلاعب بالإدارة الأمريكية، ما دفعه إلى قطع الاتصالات المباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بحسب تقارير عبرية متطابقة.

إلغاء وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث زيارته إلى إسرائيل هذا الأسبوع، ورفض مكتب وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي التعليق، يعكسان توترًا متصاعدًا في العمق الاستراتيجي بين الجانبين.

 صفقة سياسية على حساب الدم

الهدف الأميركي لا يخفى: هدنة قبل 13 مايو، موعد زيارة ترامب للخليج، تشمل السعودية وقطر والإمارات.

يريد ترامب أن يدخل إلى المنطقة كصانع سلام لا كداعم لحرب دامية، خاصة وأن صور المجازر في غزة باتت تملأ الشاشات، ومطالبات الداخل الأمريكي بالوقف الفوري للحرب تتصاعد.

تسعى واشنطن لتحويل غزة إلى ورقة دبلوماسية رابحة قبيل الانتخابات، وتعتقد أن حسم ملف الأسرى واتفاق الهدنة سيمنح ترامب رصيدًا سياسيًا عالميًا وربما فرصة للفوز بجائزة نوبل للسلام، وفق ما نقلته يديعوت أحرونوت.

هل باتت إسرائيل عبئًا انتخابيًا على واشنطن؟

التساؤلات تتصاعد داخل الدوائر السياسية والإعلامية الأمريكية حول ما إذا كانت إسرائيل باتت تعرقل مصالح أمريكا الاستراتيجية في المنطقة، بدلاً من تعزيزها.

رفض نتنياهو السير وفق “رؤية واشنطن”، وتحويل الحرب إلى ورقة داخلية إسرائيلية، يهددان بتقويض الهدف الأميركي الأكبر: إعادة تطبيع الاستقرار دون تكلفة سياسية على إدارة ترامب.

التحول في موقف واشنطن تجاه الحرب على غزة ليس نابعًا من “الرحمة”، بل من حسابات سياسية دقيقة مرتبطة بزيارة ترامب والمشهد الانتخابي الأمريكي.

والضغط على إسرائيل لتوقيع هدنة قبل منتصف مايو يعبّر عن نقطة انعطاف استراتيجية: دعم أمريكا لحرب نتنياهو لم يعد مجانياً… والمماطلة هذه المرة قد تكلف تل أبيب أكثر مما تتوقع.

اقرأ أيضا: الغارديان: بريطانيا مستمرة في تصدير الأسلحة لإسرائيل رغم تعليق التراخيص وتواطؤ حكومي في تغطية الجرائم بغزة