في مشهد صادم فجّر موجة غضب واسعة في الأوساط الإسلامية حول العالم، نشر وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث صورة له من قاعدة “بيرل هاربور” في جزر هاواي، ظهر فيها بوشم واضح على ذراعه مكتوب عليه باللغة العربية كلمة “كافر”، إلى جانب وشوم أخرى تحمل رموزًا وعبارات من الحروب الصليبية، أبرزها الشعار اللاتيني “Deus Vult” والذي يعني “إرادة الله”، وهو الشعار الذي تبنّته الحملة الصليبية الأولى عام 1096. 

لم يكن المشهد مجرد خطأ فردي أو تصرف عابر، بل إعلان فجّ عن عداء أيديولوجي مستحكم تجاه الإسلام والمسلمين، من قلب أعلى مؤسسة عسكرية في الولايات المتحدة.

وشم “كافر”.. عنصرية بلا أقنعة من رأس البنتاغون

يُعدّ ظهور وزير الدفاع الأميركي الجديد، بيت هيجسيث، بوشم باللغة العربية يحمل كلمة “كافر” — وهو مصطلح يحمل دلالة دينية مهينة حين يُستخدم لوصف المسلمين من قبل أعدائهم — تصرفًا استفزازيًا مدروسًا، يعكس رؤية أيديولوجية عدائية لم تَعُد تُخفى خلف شعارات الديمقراطية والحرية. 

وإذا أضفنا إلى ذلك وشومًا أخرى باللغة اللاتينية من زمن الحروب الصليبية، مثل “Deus Vult”، وصليب القدس — وهو شعار ارتبط بالمقاتلين الصليبيين الذين اجتاحوا الشرق الإسلامي وقتلوا سكانه واحتلوا مدنه — يتضح أن الأمر يتجاوز الجانب الشخصي ليصل إلى خطاب رمزي متكامل يشجّع على الكراهية والتحريض.

هذه الرموز ليست مجرد وشوم عابرة على جسد مسؤول، بل رسائل مقصودة موجهة إلى الداخل الأميركي والخارج الإسلامي. فبيت هيجسيث، الذي تربطه علاقة وثيقة بالرئيس السابق دونالد ترامب، ليس شخصية عادية. 

بل هو رأس الهرم العسكري الأميركي، ومنصبه يتيح له التأثير في قرارات الحرب والسلم حول العالم، خصوصًا في الشرق الأوسط، حيث يتواجد آلاف الجنود الأميركيين.

من ميادين الحروب إلى استوديوهات التحريض

تاريخ هيجسيث يكشف عن جذور هذا العداء السافر، فقد خدم سابقًا كضابط مشاة في الحرس الوطني الأميركي في العراق وأفغانستان، وخرج من هذه التجربة بنزعة واضحة معادية للمسلمين. 

ولم يلبث أن انتقل من ميدان القتال إلى الإعلام، حين انضم عام 2014 إلى قناة “فوكس نيوز” اليمينية المتطرفة، التي تحوّلت إلى منصة شبه رسمية للرئيس دونالد ترامب، وتحديدًا تياره الشعبوي القومي المعادي للمهاجرين وللإسلام.

في عام 2017، قال هيجسيث خلال ظهوره على قناة فوكس: “إذا كنتم أيها المسلمون لا تريدون أن تُصوَّروا بطريقة سلبية، فلا تحرقوا الناس أحياءً ولا تفجّروا القنابل”

هذا التصريح الذي يحمل تجريمًا جماعيًا لمسلمي العالم لم يُقابل حينها بأي رد فعل رسمي، بل زاد من حضوره الإعلامي ومكانته لدى أوساط المحافظين الجدد، حتى عيّنه ترامب في خطوة مثيرة للجدل وزيرًا للدفاع، متجاهلًا اعتراضات مؤسسات سياسية وأمنية كانت تخشى من سياسات شخصية بهذا التطرّف.

تحوّل استراتيجي في الخطاب الأميركي.. عودة “العدو الإسلامي”

يعكس تصرّف هيجسيث — سواء من خلال وشومه أو خطابه الإعلامي — تحولًا استراتيجيًا في ملامح المؤسسة العسكرية الأميركية، التي باتت تُدار بعقلية أيديولوجية لا تخجل من إعلان عدائها الصريح للمسلمين.

ولأول مرة، تتجلى قيادة كاملة على رأس وزارة الدفاع الأميركية، تُظهر بغضها للمسلمين بدون أقنعة، في مشهد يعيد إلى الأذهان ذكريات الاحتلال الأوروبي لبلادنا تحت راية الصليب.

إن رمزية الوشم ليست سطحية، فـ”Deus Vult”، وصليب القدس، و”كافر”، كلها شعارات لها امتداد تاريخي مع مجازر ارتُكبت ضد المسلمين، بدءًا من القدس في الحملة الصليبية الأولى، وصولًا إلى الاحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان. 

واليوم، حين يرفع وزير الدفاع الأميركي هذه الشعارات على جسده، فهو يوجه رسائل مباشرة إلى العالم الإسلامي بأن “العدو” عاد بثوبه العسكري من جديد، وأن المؤسسة التي تدير القوة الأكثر تسليحًا في العالم باتت تمارس العداء العقائدي جهارًا.

هل آن أوان اليقظة الإسلامية؟

بينما تُصدر واشنطن تصريحات عن الحريات الدينية وحقوق الإنسان، يظهر رأس مؤسستها العسكرية بوشم “كافر” وشعارات صليبية على جسده، ويعلن عن هويته الفكرية المعادية دون مواربة. 

لم يعد في الأمر حياء أو تمويه، بل هو إعلان رسمي لعودة الاستعمار، لا بالسفن، بل بالدبابات والصواريخ والطائرات، بقيادة رجال يحنّون إلى أيام مجد أجدادهم المحتلين.

لقد أصبح جليًا أن على العالم الإسلامي أن يُعيد النظر في رؤيته للدور الأميركي، فالمسألة لم تعد خلافًا سياسيًا، بل صراعًا ثقافيًا وقيميًا وعقائديًا. 

وهيجسيث، بشعاراته المرسومة، ليس مجرد وزير، بل هو تجسيد لعقيدة حرب قديمة تتجدّد بأدوات جديدة، ويبدو أن الوقت قد حان لتكون الشعوب الإسلامية على قدر هذا التحدي الحضاري والوجودي.

اقرأ أيضًا : عملية مزدوجة تهز شمال فلسطين المحتلة: مقتل إسرائيلي وإصابة آخر في حيفا وسط تصاعد عمليات المقاومة