قوبلت الأنباء الأخيرة بأن محمد بن سلمان -ولي العهد السعودي- ينوي السفر إلى لندن يوم الأحد لتقديم التعازي في وفاة الملكة إليزابيث الثانية بموجة إدانات واسعة من قبل نشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان، على رأسهم التركية خديجة جنكيز، خطيبة الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي، الذي قُتل على يد عملاء تابعين للنظام السعودي.
ووصفت جنكيز هذه الزيارة بأنها ستكون “وصمة عار” في تاريخ العائلة المالكة البريطانية، مؤكدة أن بن سلمان يستغل هذا الحدث من أجل الحصول تلميع صورته والحصول على “شرعية” لممارساته.
وأضافت جنكيز أنها تتمنى أن يتم القبض على الأمير محمد بتهمة القتل عند وصوله لندن، لكنها ” متأكدة للأسف أن المملكة المتحدة ستتجاهل هذه المطالب وستغض الطرف عن انتهاكات الملك المستقبلي للملكة العربية السعودية”.
وحسب مصدر مقرب من القصر الملكي، فإن محمد بن سلمان سوف يسافر إلى المملكة المتحدة لتقديم تعازي مملكته إلى العائلة المالكة البريطانية، على الرغم من عدم وجود تأكيد أو معلومات حول ما إذا كان سيحضر مراسم الجنازة في دير وستمنستر.
تتزايد الانتقادات الحقوقية لأي تعاون مع ولي العهد السعودي منذ اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، خاصة بعد نتائج التقرير الاستخباراتي الأمريكي عام 2021 والتي خلصت إلى أن العملية برمتها تمت بموافقة مباشرة من محمد بن سلمان.
وحسب التقرير، فإن النتائج استندت إلى عدة عوامل، أبرزها “سيطرة ولي العهد على صنع القرار في المملكة…. والمشاركة المباشرة لمستشار رئيسي وأعضاء من الحرس الشخصي للأمير…. ودعمه بشكل عام لاستخدام الإجراءات العنيفة لإسكات المعارضين مثل خاشقجي”.
من جانبها، شددت جنكيز على أنه “لا ينبغي السماح لولي العهد بجزء من هذا الحداد وألا يُسمح له بتلطيخ ذكرى الملكة، واستغلال الحدث لتلميع صورته”.
المعارضون السعوديون في المنفى شاركوا جنكيز غضبها من هذه الأنباء، إذ قال عبد الله العودة -باحث سعودي مقيم في واشنطن- إن رحلة الأمير محمد جاءت في الوقت تتخذ المملكة العربية السعودية إجراءات صارمة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في الداخل، بما في ذلك اعتقال طالبة دكتوراه تبلغ من العمر 34 عامًا في جامعة ليدز تدعى سلمى الشهاب، والتي تم اعتقالها في رحلة إجازة إلى الوطن وحكم عليه بالسجن لمدة 34 عامًا لاستخدامه موقع تويتر.
وأضاف العودة “نتيجة عملية إعادة التأهيل التي وفرها الغرب لمحمد بن سلمان، وإنهاء المقاطعة الدبلوماسية التي كانت مفروضة عليه بسبب قضية خاشقجي، أصبح بن سلمان أكثر جرأة في السفر حول العالم دون خجل أو خوف من ملاحقة” مشيرًا إلى زيارات بوريس جونسون وجو بايدن إلى المملكة.
كانت شبكة CNN العربية هي أول من نشر أنباء تخطيط محمد بن سلمان للندن، وحسب تقريرها، فإن ولي العهد لن يحضر الجنازة، بالرغم من ذلك رأى عبد الله العودة -نجل الداعية المعتقل سلمان العودة- أنه إن صحت هذه المعلومة، فإنها تعكس غرور ولي العهد ليس إلا، إذ أنه “لا يريد أن يتواجد في مكان لا يكون فيه في المقدمة”.
وأوضح العودة “إذا حضر الجنازة ربما يضطر للجلوس خلف شخصيات أخرى بارزة”، “لكن محمد بن سلمان يريد الاعتراف الكامل بسلطته وأن يتواجد في الصف الأول… إنه يهتم كثيرا بهذه الأمور ولا يريد أن يتعرض للإذلال “.
في سياق متصل، قال الناشط البحريني سيد أحمد الوداعي، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية ومقره المملكة المتحدة: “يجب على الطغاة المستبدين ألا يستغلوا وفاة الملكة كفرصة لمحاولة تلميع صورتهم في وقت تستمر فيه حملاتهم القمعية ضد المعارضين في بلادهم”.
من جانبها، قالت أنييس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، التي حققت سابقًا في مقتل خاشقجي والتي يُزعم أن حياتها تعرضت للتهديد من قبل مسؤول سعودي كبير، إن عزم الأمير محمد على السفر للندن أعاد إلى الذهن مقتل صحفي الواشنطن بوست، والذي “حُرمت أسرته من حق دفنه بالتكريم الذي يستحقه”.
تأتي زيارة ولي العهد في وقت لا تتوقف فيه التقارير التي تفيد تعرض منتقدي المملكة الذين يعيشون في الخارج للمراقبة والتهديدات من قبل السلطات السعودية.
يُذكر أن قاض بريطاني حكم الشهر الماضي بقبول دعوى ضد المملكة رفعها معارض سعودي استُهدف ببرامج تجسس، في قرار تم الترحيب به باعتباره سابقة.
وكان الناشط السعودي غانم المصارير الدوسري، وهو كاتب ساخر بارز مُنح حق اللجوء في المملكة المتحدة، قد رفع دعوى ضد السلطات السعودية يتهمها فيها بأنها تقف وراء محاولة باختراق هاتفه، وكذلك وراء تعرضه لاعتداء جسدي في لندن في عام 2018 على يد عملاء للمملكة.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا