على مدار الأسابيع الأخيرة شهد البرلمان الأوروبي أزمة كبيرة بعد نشر ادعاءات -بطريقة أو بأخرى- عن وجود علاقات مشبوهة بين نواب بالبرلمان وبين جهات حكومية قطرية تسعى للتأثير على السياسية الداخلية لدول الاتحاد الأوروبي.

وسائل الإعلام الغربية والأوساط السياسية في الأوروبية أطلقوا على هذه الادعاءات “Qatargate” أو: فضيحة قطر داخل البرلمان الأوروبي، إذ تعرض عدد من البرلمانيين للاعتقال ومصادرة هواتفهم المحمولة وبعض متعلقاتهم الشخصية وتفتيش منازلهم بعد ورود بلاغات تفيد بوجود هذه العلاقات المشبوهة.

انفجار هذه الأزمة في ذلك التوقيت الذي كانت تستضيف فيه قطر كأس العالم يراه البعض أنه ليس من قبيل المصادفة، بل أشار بعض المحللون والخبراء بأصابع الشك تجاه المنافس التقليدي للدولة الخليجية الصغيرة: دولة الإمارات، مرجحين أنها من اختلق هذه الأزمة ويقف وكلاؤها وراء البلاغات الواردة ضد هؤلاء النواب.

وفقًا للموقع الإخباري الإيطالي الشهير Dagospia  فإن للإمارات يد في كل هذا بل ربما هي من دبرت الأمر برمته منذ البداية، إذ يقول الموقع إنطحنون بن زايد آل نهيان، الرئيس الفعلي لأجهزة المخابرات في أبو ظبي، هو الذي نقل كل شيء إلى بلجيكا، مما أدى إلى حدوث الإعصار الذي اجتاح البرلمان الأوروبي.

الشيخ طحنون يُعد وكلاء أبو ظبي أمام العالم لفترة طويلة، ولا يقل دوره عن دور شقيقه الرئيس الثالث لدولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان، طحنون مسؤول عن تنفيذ المهام ومحمد هو صانع القرار الأساسي داخل وخارج البلاد.

تعتبر هذه التقارير منطقية لأن وسائل الإعلام نشرت عدة مرات حول كيفية قيادة أبو ظبي لعمليات مختلفة ضد دولة قطر على مدار العقد الماضي، أبرزها الهجوم الإعلامي الشرس الذي استهدف قطر لتنظيم كأس عالم 2022، وحملات التشويه الأخرى التي لم تتوقف الإمارات عن شنها ضد قطر على جميع الأصعدة.

يتمتع محمد بن زايد بعلاقات قوية مع الجانب الأمريكي سواء على مستوى الإدارة أو الأشخاص، أقامها هو ووكلاؤه على مر السنين، ومن بين هؤلاء شخصيات مؤثرة لدى المخابرات الأمريكية.

من هؤلاء رجل الأعمال اللبناني الأمريكي ومستشار محمد بن زايد جورج نادر؛ ورئيس لجنة تنصيب ترامب توم باراك، الذي استفادت مشاريعه العقارية بشكل كبير من صفقات الدولة الخليجية.

يشمل وكلاء أبو ظبي كذلك كبار المحاربين القدامى المتقاعدين في المخابرات الأمريكية مثل ريتشارد كلارك، الذي أشرف على تحقيقات 11 سبتمبر في ذلك الوقت أمام المشرعين والأساتذة وجماعات الضغط مثل جاسم محمد من ECCI ألمانيا.

وحسب بعض التقارير الإعلامية فإنه بنسبة كبيرة فضيحة البرلمان الأوروبي الأخيرة مدبرة من قبل الإمارات التي وجدت تحقيقات استقصائية أخرى أنها أنفقت مبالغ ضخمة على مستوى العالم لبسط نفوذها السياسي وتحقيق مصالحها بغض النظر عن مصالح الاتحاد الأوروبي.

في شهر مايو/أيار من هذا العام، بعد الكشف عن تسهيل الإمارات دخول أموال الأوليغارشية الروسية إلى داخل رغم العقوبات الدولية المفروضة عليهم وكذلك وجود كبار رجال الأعمال والمسؤولين الفاسدين ضمن كبار المستثمرين العقاريين في الإمارات العربية المتحدة، اقترح أعضاء البرلمان الأوروبي أن تُدرج الإمارات العربية المتحدة في القائمة السوداء مثل كوريا الشمالية وبوركينا فاسو وإيران.

أثار تحقيق Dubai Uncovered ، استنادًا إلى تسريب عام 2020 من قبل مركز دراسات الدفاع المتقدمة (C4ADS) إلى سوق الإسكان في دبي، دعوات من السياسيين في الاتحاد الأوروبي لاتخاذ تدابير أكثر صرامة لمكافحة غسيل الأموال في الإمارات.

من بين الفضائح التي كشفها تقرير Dubai Uncovered ، وجود فيلات وشقق فاخرة في دبي مملوكة لمهربي المخدرات والمسؤولين الفاسدين حول العالم.

في هذا السياق يقول السيد فيربير، وهو نائب رئيس اللجنة الفرعية البرلمانية للشؤون الضريبية، والذي قاد مسيرة طويلة في حزب الاتحاد الديمقراطي الألماني، إن تحركات الاتحاد الأوروبي ضد غسيل الأموال في الإمارات لا يرقى لمستوى القوة المطلوب، لهذا السبب يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى صقل أدواته للقضاء على غسيل الأموال.

من جانبها، أكدت عضو حزب الخضر كيرا م. بيتر هانسن من الدنمارك أن الإمارات العربية المتحدة تسهل غسيل الأموال على نطاق واسع، مشددة على أن “هذا ضار للغاية بالاتحاد الأوروبي ولا يمكن التسامح معه”.

في الأيام المقبلة، قد يتفكك الإعلام الاستقصائي والمشرعون في أوروبا أكثر حول كيفية تأثير دولة خليجية صغيرة مثل الإمارات العربية المتحدة، بناءً على أوامر من محمد بن زايد و شقيقه طحنون، على الاتحاد الأوروبي وتنامي نفوذهم داخل البرلمان من خلال شبكة كبيرة من الوكلاء من الداخل والخارج.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا