طرح الكاتب “غلين كيسلر”، سؤالاً في مقال نشره بصحيفة “واشنطن بوست”، تسائل فيه: هل حقا ستدفع الرياض كلفة نشر القوات الأمريكية بالسعودية؟

المقال الذي كتبه تحت عنوان “ترامب يزعم أن السعوديين سيدفعون 100% من الثمن”، مشككا في صدقية ما أعلنه الرئيس الأمريكي بهذا الشأن.

في الوقت الذي يرى فيه “كيسلر” أن “ترامب لديه نقطة ضعف باتجاه السعودية، ولهذا السبب اختارها لأن تكون أول محطة له في زيارته الخارجية بعد توليه الرئاسة، وعمل أيضا على إعادة تأهيل حاكم المملكة الفعلي، ولي العهد “محمد بن سلمان”، على المسرح الدولي بعدما توصلت المخابرات المركزية (CIA) إلى أنه متورط في جريمة مقتل الصحفي “جمال خاشقجي” أكتوبر عام 2018.

وأضاف: “ما أثار انتباهنا هو زعم الرئيس أن السعودية ستدفع الكلفة كلها (100%) بما في ذلك (كلفة جنودنا)، واتهم النقاد الرئيس ترامب بأنه يحول القوات الأمريكية إلى قوات مرتزقة جاهزة لمن يدفع السعر الأعلى، ولأن الرئيس لديه تاريخ في المبالغة بما يفترض أنه تفاوض به مع السعوديين، فاعتقدنا أنه يجب علينا التحقيق”.

وأشار الكاتب، في مقاله، إلى أن “ترامب” تحدث عن إنجاز تفاوضه مع السعوديين بشأن دفع تكلفة نشر الجنود الأمريكيين في المملكة خلال فترة قصيرة (حوالي 35 ثانية)، لكن البيت الأبيض لم يقدم تفسيرات حول سبب ذلك، رغم أنه عادة ما يقدم ملخصا لما جرى في المفاوضات مع الرئيس.

ويقول الكاتب إنه حاول التأكد من كلام الرئيس والاتصال بوزارة الدفاع، التي حاولت تجنب السؤال وحولته إلى وزارة الخارجية، مشيرا إلى أن “غياب الجواب الواضح يعني، كما علمتنا التجربة، أن الصفقة لا تزال قيد المفاوضات، وإلا لكانت وزارة الدفاع سعيدة بمناقشة الموضوع مع الصحفيين، وما حصلت عليه الصحيفة لاحقا هو بيان كتب بلغة حذرة أكدت الانطباع بأن كلام الرئيس غير دقيق”.

ونوه المقال إلى أن مجمل ما جاء في البيان هو ما قاله المتحدث باسم الخارجية، وهو أن الوزارة لا تعلق على الاتفاقيات الدفاعية المشتركة، وأن الولايات المتحدة تشجع على التشارك في تحمل العبء في المجال الأمني المشترك، بما في ذلك الدفاع عن دول الخليج العربي”.

ووصف الكاتب هذا الرد بأنه “كلام فارغ”، مضيفا: “(التشجيع على تحمل العبء) هو في النهاية نوع من الطموح وليس نتيجة مفاوضات.. الخارجية لا تتحدث عن (اتفاقيات دفاع ثنائية) مع أن الرئيس نفسه يكشف عنها”.

وذكر “كيسلر” أن “واشنطن بوست” لم تعثر على جواب من اللجان المعنية في مجلسي الشيوخ والنواب، تشير إلى أن هناك اتفاقا قد تم، مشيرا إلى أن السفارة السعودية في واشنطن لم ترد على طلب التوضيح.

وأشار إلى أن شبكة NBC نشرت خبرا في يوليو/تموز الماضي، عن نشر قوات أمريكية في قاعدة الأمير سلطان الجوية، ونقلت عن مصدر أمريكي، لم يكشف عن هويته، قوله: “وافقت السعودية على دفع جزء من الكلفة المتعلقة بوجود قوات أمريكية وأرصدة هناك”، أي أقل من “100%” التي تحدث عنها “ترامب”.

وفي السياق، نقل “كيسلر” عن المحلل السابق في CIA والباحث حاليا في معهد بروكينغز “بروس ريدل”، قوله: “لقد ساعدت في التفاوض على الاتفاق عندما تم نقل القوات إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية عام 1996، بعد عملية الخبر.. لقد وافق السعوديون على بناء الثكنات العسكرية والبنى الأخرى للقاعدة، التي كانت ملكهم بالطبع، لكنهم قاموا بعمل التغييرات المناسبة لسلاح الجو الأمريكي والسلاح الجوي الملكي البريطاني والطاقم الجوي الفرنسي، ولم يسددوا أي نفقات”.

كما نقل الكاتب عن الباحث البارز في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية “أنتوني كوردسمان”، قوله: “لا يوجد هناك تعريف رسمي (للتشارك في العبء)، وقد يكون توفير المنشآت والخدمات للقوات الأمريكية مجانا أو بأسعار مخفضة وشراء أسلحة أو مقايضة أو تحويلات مالية مباشرة وغير مباشرة، ولا يوجد هناك إشراف مالي، ولا تقارير، ويتم منح بعض البرامج صفة السرية، وبناء على هذا فإنه يمكن للرئيس قول ما يريد، وبطريقة مبالغ فيها، كما فعل بشأن صفقات السلاح السعودية”.

وأشار “كوردسمان” إلى أن “فاتورة ضخمة لم يدفعها السعوديون، تبلغ قيمتها 181 مليون دولار لقاء عمليات توفير الوقود لمقاتلات المملكة في الجو أثناء عمليات القصف لليمن”.

المتحدثة باسم البنتاغون “ريبيكا ريباريتش”، قالت إن السعوديين حققوا تقدما من خلال دفع جزء من الفاتورة المستحقة عليهم، مشيرة إلى أن “عملية سداد الدين مستمرة، ونتوقع سداد المبلغ الكامل لقاء توفير الوقود”، وفقا لما نقله “كيسلر”.

وخلص المقال إلى أن “جزءا من كلام ترامب (بشأن تكاليف نشر الجنود الأمريكيين بالسعودية) حقيقي لكن تمت البالغة فيه”.