خلال الأسابيع المقبلة، سيقول القاضي جون بيتس كلمته الأخيرة والفيصل في الدعوى المدنية التي رفعتها خديجة جنكيز -خطيبة الراحل جمال خاشقجي- ضد الأمير محمد بن سلمان وعدد من رجاله بتهمة التواطؤ والتخطيط لقتل جمال، إذ سيحدد القاضي الأمريكي ما إذا كانت الدعوى ستسمر أو ستُرفض من الأساس.
وكانت التركية خديجة جنكيز بالتعاون مع منظمة “الديموقراطية الآن للعالم العربي DAWN” -المنظمة التي أسسها خاشقجي قبل وفاته- رفعا دعوى ضد ولي العهد السعودي وحاشيته أمام محكمة المقاطعة في واشنطن من أجل الحصول على تعويضات عن اغتيال خاشقجي قبل أربع سنوات في قنصلية بلاده في إسطنبول.
يعتمد قرار القاضي على جواب -طال انتظاره- من الإدارة الأمريكية، إذ طلب منها القاضي تحديد إذا كان يجب أن يتمتع محمد بن سلمان بالحصانة السيادية ولا يُحاكم أمام المحاكم الأمريكية، وبناء عليه سيُتخذ القرار النهائي بشأن استمرار الدعوى.
الكثير من المحللين جادلوا بأن محمد بن سلمان -الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه الحاكم الفعلي للمملكة- لا يجب أن يُمنح حق الحصانة السيادية كونه لم يصبح “الملك” بعد، لكن وبعد حصوله مؤخرًا على منصب رئيس الوزراء قد يختلف الأمر بالنسبة إليه إذ أن الملوك والرؤساء ورؤساء الوزراء يُمنحون -بطبيعة مناصبهم- هذا الحق.
إذا استأنف القاضي الدعوى، فمن المؤكد أن يُكشف النقاب عن تفاصيل حساسة حول اغتيال خاشقجي، بخاصة وأن الاستخبارات الأمريكية وجدت في تقريريها أن عملية الاغتيال تمت بموافقته، كما تنتشر تقارير تشير أن شقيقه خالد، الذي كان السفير السعودي لدى الولايات المتحدة وقت القتل، على صلة بالجريمة.
إذا رفض الوريث السعودي التعاون مع القضاء، يمكن للمحكمة أن تصدر حكمًا مستعجلًا لصالح جنكيز ومنظمة DAWN، والذي قد يؤدي إلى الاستيلاء على أصول الأمير -التي تقدر بالمليارات- في جميع أنحاء العالم.
حسب التغيرات الأخيرة في العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية -والتي تزداد توترًا-، يرى خبراء ومحللون أن الإدارة الأمريكية ستنحاز إلى كافة جنكيز وDAWN، لأنه ببساطة، أي تحرك أمريكي لصالح ولي العهد سيمنحه “رخصة بقتل المعارضين”، وسيُنظر إليه على أنه خيانة من قبل الرئيس جو بايدن، الذي وعد بالمساءلة عن مقتل خاشقجي.
يمثل جنكيز وDAWN فريق قانوني أمريكي بقيادة كيث هاربر، المسؤول السابق في إدارة أوباما والذي عمل كسفير للولايات المتحدة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي كان – بصفته عضوًا في أمة الشيروكي – أول أمريكي أصلي يخدم في هذا المنصب.
في مذكرة سلمها الأسبوع الماضي، قال هاربر إن القاضي بيتس يجب أن يسمح لجنكيز و Dawn برفع قضيتهما بموجب قانون حماية ضحايا التعذيب الأمريكي، الذي يفرض المسؤولية المدنية على أي شخص يُعرِّض فردًا للتعذيب أو القتل خارج نطاق القضاء، مما يسمح للأفراد برفع الدعوى.
في سياق متصل، انتقد هاربر تعيين السعودية ولي العهد في منصب رئيس الوزراء، واصفًا هذه الخطوة بأنها “محاولة للتلاعب باختصاص المحكمة”، مضيفًا أن هذا المنصب لا يجب أن يعف محمد بن سلمان من مسؤولية مقتل خاشقجي أو يمنحه حق التمتع بالحصانة السيادية، وذلك لأن والده الملك سلمان لا يزال الملك المتحكم في الأمور -حسب القانون السعودي، وأن منصب الملك في السعودية وصلاحياته مختلف تمامًا عن منصب وصلاحيات الملك في المملكة المتحدة على سبيل المثال.
وتابع هاربر أنه بموجب ذلك لا يمكن اعتبار محمد بن سلمان وكأنه “الملك” ومنحه حصانة على منصب تبرز أهميته عند غياب والده فقط، إذ أن الملك يحتفظ بسلطة الموافقة على إجراءات مجلس وزرائه ورفضها.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا