يبدو أن التراجع عن الوعود الانتخابية التي قطعها على نفسه المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، سيكون السمة الرئيسية المميزة لعهده كرئيس فعلي للولايات المتحدة.

فما يزال العالم يفاجأ بتراجع جديد كل حين من قبل ترامب في مختلف القضايا الداخلية والخارجية، خاصة تلك الحساسة التي شهدت تعهدات قاطعة بقرار ما، لكن الواقع كان مختلفًا بعد أن جلس على عرش البيت الأبيض.

نقل السفارة إلى القدس

أحدث تجليات هذا التراجع، كانت الأحد 8 أكتوبر 2017، عندما أعلن ترامب أنه لن يمضي قدمًا في تعهده بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب عاصمة الاحتلال الإسرائيلي، إلى مدينة القدس المحتلة لأنه يريد أولا “إعطاء فرصة للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.

الموقف المناقض تمامًا كان للمرشح ترامب، الذي أكد لرئيس وزراء الاحتلال، في سبتمبر 2016، أنه سينقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس حال فوزه بالرئاسة، وأنه “سيعلن اعترافه أن القدس هي عاصمة إسرائيل”.

ليس هذا فحسب، بل إن صحيفة “هآرتس” العبرية نقلت يناير الماضي عن مصدر إسرائيلي قوله إن ترامب سيعلن، بعد وقت قصير من تنصيبه، نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وأن الإعلان سيكون في 21 يناير، الماضي.

نووي إيران

الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع أمريكا والقوى الكبرى المعروفة بـ”5+1″ شهد أقوى تراجعات ترامب وأخطرها عن تعهد طالما كرره في مناسبات مختلفة خلال حملته الانتخابية.

ومنها ما قاله في صيف 2015، حين وصف الاتفاق بأنه “أسوأ اتفاق يتم التفاوض بشأنه”، وقال إنه يهدد بحصول “محرقة نووية”.

وفي مارس 2016، قال ترامب أمام اللوبي اليهودي في أمريكا “إيباك”، إنه يضع “في صدر أولوياته إلغاء هذا الاتفاق الكارثي مع إيران، الذي يشكل كارثة بالنسبة إلى إسرائيل والشرق الأوسط”، ووعد بـ”تمزيق” الاتفاق في حال وصل إلى البيت الأبيض.

إلا أن الموقف تغير كثيرًا بعد نحو عام، حيث قرر الرئيس ترامب في يوليو الماضي الإبقاء على الاتفاق ساريًا، مع التهديد بفرض عقوبات تتعلق ببرنامجين عسكريين تطورهما طهران.

اتهام الصين بالتلاعب

في 2 مايو 2016، وقف المرشح دونالد ترامب مزهوًا وسط حشد من أنصاره بولاية إنديانا، لكي يتهم الصين بـ”اغتصاب” الولايات المتحدة، وقال إن بكين مسؤولة عن “أكبر عملية سطو في تاريخ العالم”.

وفي برنامج الحملة الانتخابية، تعهد ترامب “بالتوصل إلى اتفاق جيد مع الصين من شأنه مساعدة الشركات والموظفين الأمريكيين على المنافسة”، وحدد 4 أهداف، أبرزها إعلان الصين على الفور “متلاعبة بالعملة”.

الشخص ذاته، لكن بعد أن أصبح رئيسًا، عكس اتهاماته تمامًا، وقال في مقابلة صحفية إن “الصين لا تمارس تلاعبًا بعملتها للحصول على مكاسب تجارية”.

سوريا.. إعجاب بالأسد ثم ضربه

في مايو من العام الماضي، قال المرشح الجمهوري دونالد ترامب، إنه في حال فوزه لن يحارب رئيس النظام السوري بشار الأسد، وقال: “أمريكا لديها مشاكل أكبر من الأسد، وفي حال فوزي بالانتخابات لن أتدخل في سوريا وأقوم بمحاربة الأسد بمثل هذه الشدة”.

وفي إحدى مقابلاته الصحفية خلال حملته الانتخابية في مطلع نوفمبر الماضي، قال ترامب: “على الولايات المتحدة التركيز على هزيمة تنظيم داعش الإرهابي بدلًا من محاولة إقناع الرئيس السورى بشار الأسد بالتنحي عن منصبه”.

لكن في أبريل الماضي، أطلق الجيش الأمريكي، 59 صاروخًا من طراز “توماهوك” من مدمرتين تابعيتن للبحرية على قاعدة الشعيرات العسكرية الجوية في ريف حمص وسط سوريا.

حلف شمال الأطلسي

المرشح الجمهوري، المحتمل حينها، كثف انتقاداته لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي مثل حجر زاوية في السياسة الخارجية الأمريكية لعشرات السنين، وهدد في مارس 2016، بسحب قواته من اليابان وكوريا الجنوبية، ما لم تدفع الدولتان أكثر لتغطية نفقات إسكان وإطعام هذه القوات.

التراجع كان في أبريل الماضي، عندما أكد الرئيس ترامب أن حلف الناتو “لم يعد أبدًا من الكيانات التي عفا عليها الزمن”.

جدار المكسيك

وكما كشفت المواقف المتعلقة بالشؤون الخارجية لأمريكا وعلاقاتها الدولية تراجعًا، كذلك فإن بعض التعهدات الداخلية لترامب كان سمتها التراجع أيضًا.

فعلى الرغم من ظهور النماذج الأولية من الجدار الأمريكي الحدودي مع المكسيك، فثمة تراجع من قبل ترامب عن تعهداته الانتخابية.

ترامب تعهد ببناء جدار كبير بطول حدود أمريكا والمكسيك، يمتد على مسافة 3,200 كيلومتر ويمر بولايتي كاليفورنيا وتكساس، إلا أنه في يوليو الماضي، قال عن الجدار: “هناك أماكن لا نحتاج أن نبنى بها جدارًا، لأنها تضم جبالًا أو أنهارًا واسعة، ولكننا سنبني جدارًا حقيقيًا لنمنع عبور المخدرات وسنسمح للأشخاص أن يعبروا ولكن بشكل شرعي، وسنوقف ما يحدث فى بلدنا لأنه سيئ”.

أوباما كير

ترامب تراجع عن الوعد الذي أطلقه خلال الحملة الانتخابية بإلغاء برنامج الرعاية الصحية المعروف باسم “أوباما كير”، وقال إنه لا يستبعد “تعديله”، وأكد أنه يعتزم الإبقاء على جزء من البرنامج، الذي بدأ تطبيقه عام 2010.

ميزانية مكافحة المخدرات

وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، في تقرير نشرته مايو الماضي، إن ترامب لديه خطط لتقليص ميزانية مكتب السياسة الوطنية لمكافحة المخدرات بنسبة 95%، وذلك على نقيض وعوده الانتخابية.

وأشارت الصحيفة إلى أن “ترامب” تعهد خلال حملته الانتخابية بتخليص الولايات المتحدة من آفة المخدرات، وتعهد بالقضاء على هذه التجارة داخل الولايات المتحدة، والاستثمار بكثافة في برامج تقضي على الهيروين والأفيون من الشوارع.

ترحيل 3 ملايين مهاجر

كانت تصريحات ترامب عن الهجرة أحد الملامح الرئيسية لحملته الانتخابية، حيث تعهد حين كان مرشحًا في سبتمبر 2016، بترحيل “ملايين المهاجرين بعد ساعة واحدة من تولي منصب الرئيس”.

ولكن منذ انتهاء الانتخابات، تخلى ترامب عن نداءاته بترحيل جميع المهاجرين غير الشرعيين من أمريكا، وبدلاً من ذلك، تعهد في مقابلته التلفزيونية الأولى بعد فوزه بالرئاسة في نوفمبر الماضي أن يُرَحِّل المهاجرين غير الشرعيين الذين لديهم سوابق جنائية.

سجن هيلاري كلينتون

وخلال المناظرة الثانية بينهما في أكتوبر الماضي، توعد المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بالسجن في حال أصبح رئيسًا للولايات المتحدة.

وقال إنه إذا فاز في الانتخابات فسيحيل هيلاري للنائب العام للتحقيق معها، بسبب واقعة استخدامها بريدها الشخصي في المراسلات الرسمية عندما كانت وزيرة للخارجية، وبعدما جرى تسريب آلاف الرسائل من هذا البريد.

وعقب فوزه أكد “ترامب” أن التحقيقات تعثرت، مشيرًا إلى أن التحقيق مع “كلينتون” ليس ضمن قائمة أولوياته الحالية.