العدسة _ ابراهيم سمعان
سلطت شبكة “آي بي سي نيوز” الأمريكية الضوء على ما وصفته بعمليات القمع الممنهجة التي يمارسها النظام برئاسة عبدالفتاح السيسي بحق الصحفيين ووسائل الإعلام، التي تقدم تقارير تنقد النظام أو الحكومة، مشيرة إلى أن مصير المنتقدين أصبح هو الاتهام بارتكاب خيانة عظمى .
وأشارت الشبكة إلى ما قاله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، أنه: إذا ما قام شخصٌ ما بتشويه سمعة الجيش والشرطة، فإنه يشوه جميع المصريين، هذه ليست حرية تعبير” .
وذكرت الشبكة أن تهديدات الرئيس المصري تأتي قبل شهر من الانتخابات الرئاسة المصرية، التي من المؤكد أن يفوز بها السيسي الذي أجبر خصومه على التنحي أو قبض على بعضهم .
ولفتت الشبكة إلى أن لجنة حماية الصحفيين أكدت أن ما لا يقل عن 20 صحفيا محتجزون لدي الشرطة منذ ديسمبر، فيما يواجه أكثر من نصف المعتقلين اتهامات بنشر أخبار كاذبة، فيما حظرت الحكومة أكثر من 500 موقع إخباري، منذ الصيف الماضي .
ونقلت الشبكة عن أحد الصحفيين العاملين بتلك المواقع المحظورة – الذي تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته خوفا من انتقام السلطات – قوله إنه منذ 2013، أصبح القيام بتقارير ميدانية أمرًا في غاية الصعوبة على الصحفيين، مضيفًا أنه “إذا كنت في المكان الخطأ وفى الوقت الخاطئ، فيمكن بسهولة أن يتم تأطيرك واتهامك باتهامات زائفة أنك عضو في جماعة محظورة”.
وأوضحت الشبكة الأمريكية أن قوات الأمن شنت منذ شهرين تقريبا عملية عسكرية، شملت جميع فروع الجيش المصري والشرطة في محاولة للقضاء على الإرهاب في شمال سيناء، حيث تقاتل قوات الأمن ضد المسلحين الإسلاميين منذ سنوات. كما تمد الحكومة المعركة إلى أجزاء من الصحراء الغربية والدلتا أيضا .
وأفادت الشكبة أن السنوات الأخيرة، شهدت منع الصحفيين من التغطية الصحفية في مناطق الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين، كما اعتبرت الحكومة أن أي انتقاد للشرطة والجيش بمثابة مؤامرة لتقوض كفاحهم ضد الإرهاب .
وقال السيسي: “الجيش والشرطة اللي هم بيمثلوا المصريين يسقط منهم شهداء ومصابين بقالهم دلوقتي أربع سنين أو أكثر… يعني لو حد أساء للجيش والشرطة دا في الآخر بيسيء لكل المصريين”، وأضاف أن أبناء الجيش والشرطة “بيقدموا أرواحهم علشان البلد دي تبقى في أمان وسلام… لا يليق أبدا الإساءة لهم ومش هنسمح به… الإساءة دي تساوي دلوقتي بالنسبة لي خيانة عظمى”.
وذكرت الشبكة أن النيابة العامة في البلاد أمرت الدولة، يوم الأربعاء، باتخاذ الإجراءات الجنائية اللازمة ضد وسائل الإعلام التي تنشر أخبارًا كاذبة تهدف لزعزعة الأمن العام .
وذكر البيان الصادر عن النيابة العامة، اليوم الأربعاء، أن “النائب العام أصدر قرارا بتكليف المحامين العامين، ورؤساء النيابة العامة، -كل في دائرة اختصاصه- بالاستمرار في متابعة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وضبط ما يبث عنها ويصدر عنها عمدًا من أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام، أو إلقاء الرعب في نفوس أفراد المجتمع، أو يترتب عليها إلحاق الضرر بالمصلحة العامة للدولة المصرية، واتخاذ ما يلزم حيالها من إجراءات جنائية”.
وأرجع البيان ذلك إلى “ما تلاحظ مؤخرًا من محاولة قوى الشر النيل من أمن وسلامة الوطن ببث ونشر الأكاذيب والأخبار غير الحقيقية من خلال وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي”.
ويأتي ذلك فيما أصدرت هيئة الاستعلامات الحكومية في مصر قرارا بمقاطعة هيئة الإذاعة البريطانية، بسبب تقرير يفصل مزاعم الاختفاء القسري في مصر، وفقا للصحيفة، اشتمل التقرير على مقابلة مع (أم زبيدة) قالت إن سلطات الشرطة قامت بتعذيب واختطاف ابنتها وبعد وقت قصير، ظهرت البنت على برنامج حواري محلي، ونفت ادعاءات والدتها .
تكتيك مخيف
وقال صحفي يعمل في إصدار صحفي حكومي لـ”ايه بي سي نيوز”، إن وجود المدعين العامين الذي يراقبون مباشرة وسائل الإعلام يعد تكتيكًا مخيفًا من قبل الدولة .
وأضاف أن الأمر يأتي بالفعل في جو يستحيل فيه كتابة أي شيء نقدي، ليس فقط فيما يتعلق بالسياسة، ولكن بالقضايا الاجتماعية.
وفى الأسبوع الماضي ألقي القبض على اثنين من الصحفيين في الإسكندرية لقيامهما بالتصوير بدون ترخيص أثناء عملهم على قصة خبرية بالترام.
وقال الصحفي الحكومي: لا أستطيع أن أكتب شيئا يحمل أي نقد، وإذا قمت بنشر تقارير من المنزل فإنه لن تحمل اسمي؛ خوفا من الملاحقة الأمنية .
ويقول مراسل آخر يعمل في صحيفة أجنبية، خلال حديثه للشبكة الأمريكية، إنه رغم أن قرار النائب العام يعكس الصورة الأكبر في مصر، لكنه لا يزال متفاجئًا من القرار، واتفق الصحفيان (الإصدار الحكومي – والأجنبي) على أن هذا هو أسوء وقت للصحافة في مصر .
وأكدت الصحيفة أنه بالرغم من أن التكتيكات الأمنية تخيف بعض الصحفيين، لكن البعض الآخر لا يزال يكتب عن القضايا المثيرة للجدل .
ونقلت الشبكة عن صحفي آخر قوله: أعتقد أنه من الصعب جدا إسكات الجميع، هذه ليست الطريقة التي من المفترض أن يعمل بها المجتمع .
اضف تعليقا