أُعلن في العاصمة البريطانية لندن عن مبادرة جديدة للتطبيع، سميت بـ”المبادرة العربية للتكامل الإقليمي”، جمعت 30 مندوبا من المجتمع المدني، من 15 دولة عربية بالإضافة إلى يهود غير إسرائيليين.
وبحسب ما نقلت قناة “الحرة” الأمريكية، التي كانت الوحيدة الناطقة بالعربية المخولة تغطية المؤتمر، ناقش المشاركون “مشاريع وأفكار للتعاون وسبل النهوض بمبادئ الوسطية والاعتدال وعدم معاداة السامية”.
وتظهر بنود المبادرة، خطوة جديدة للتطبيع العربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، من بوابة المجتمع المدني، وذلك بعد فشل خطة السلام الأمريكية المعروفة بـ”صفقة القرن”.
وبحسب القناة، فإن هذا الاجتماع هو الأول من نوعه من حيث التنوع في المشاركة وتأثير القائمين عليه في المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
وأكدت أن المؤتمر القادم سيعقد في شهر فبراير/شباط المقبل في العاصمة الأمريكية واشنطن، لتقييم النتائج ورسم أهداف أخرى “من أجل إنهاء حالة الجمود وثقافة الكراهية التي سيطرت على أجزاء كبيرة من المجتمعات العربية حيال السلام مع إسرائيل”.
جسور مع “إسرائيل”
وتستند مبادرة المؤتمر على مبدأ عدم إقصاء أي دولة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بما في ذلك “إسرائيل”، من جهود التكامل والتعاون والشراكة في مختلف المجالات، لاسيما الثقافية والفكرية والاقتصادية.
ونظم المبادرة مركز “اتصالات السلام”، وهو المركز الذي يرأس هيئة مستشاريه، المبعوث الأمريكي السابق للسلام في الشرق الأوسط، “دينيس روس”.
ويشغل الكاتب الأمريكي “جوزيف براودي”، منصب الرئيس التنفيذي للمركز، وتحدث في بداية المؤتمر عن والدته العراقية ورغبته في تحقيق سلام وتعايش وتكامل بين جميع الدول بما فيها “إسرائيل”.
ووصف “روس” الاجتماع بـ”المهم والاستثنائي من حيث نوعية الحضور والمواضيع المطروحة، والتي من شأنها تقريب الرؤى بين مختلف مكونات الشرق الأوسط، بما فيها اسرائيل”.
وأكد “روس” الذي ألقى كلمة عبر الأقمار الصناعية، أن المنطقة بحاجة إلى مبادرات كهذه، بسبب ما تعيشه من مشاكل معقدة في مختلف المجالات.
وقال للحاضرين: “أنتم النخبة التي قررت أن تقول كفى ومن المفيد بناء جسور مع إسرائيل ضمن مسار جديد للتغيير”، واصفا: “المشاركين في مؤتمر لندن بالأمل”
“السادات” أبرز الحاضرين
وكان من أبرز المشاركين، المعارض المصري “محمد أنور السادات”، ابن أخ الرئيس الراحل “أنور السادات”، الذي انتقد “حالة الجمود في المنطقة وعدم تأسيس شراكة متنوعة مع إسرائيل استمرارا وتطويرا لاتفاقات السلام التي وقعتها القاهرة مع تل أبيب”.
وطالب “السادات” الذي كان عمه أول رئيس عربي يدشن اتفاقية سلام مع (إسرائيل)، أيضا بضرورة التوصل إلى تعاون اقتصادي في المنطقة العربية، يتخذ من “إسرائيل” شريكا وطرفا.
وبحسب “الحرة”، ساد المؤتمر “توجها واضحا حول رفض التطرف والتشدد والاٍرهاب، وحمّل كثيرون المسؤولية للقراءة المغلوطة للدين الإسلامي”.
تطبيع بحجة مواجهة “شيطنة الآخر”
كما اتفق المشاركون على أهمية مواجهة ما يسمى بـ”شيطنة الآخر” ورفض التحاور معه أو التعاون معه، في إشارة إلى الطرف الإسرائيلي.
وذهب المشاركون، خصوصا من البحرين وتونس والجزائر، إلى “الإشادة بالدور الاجتماعي والثقافي والتراثي لليهود العرب في بلدانهم سواء في السابق أو في الحاضر”.
ونقلت موقع القناة الأمريكية، أن ممثلين من دول عربية شهدت هجرة يهودية متعددة الدوافع مثل لبنان وليبيا واليمن والجزائر، عبروا عن “أسفهم لفقدان مواطنيهم اليهود الذين كان لهم دور مهم في التنمية والثقافة والاقتصاد في مجتمعاتهم”.
مشاركة كويتية
وترأس وزير الإعلام الكويتي الأسبق “سامي النصف”، عددا من جلسات المؤتمر التأسيسي للمجلس العربي للتكامل الإقليمي في لندن، وأشار إلى ضرورة “إيجاد السبل للتعاون والاتصال بين جميع سكان منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بما في ذلك اسرائيل”.
وحمّل “النصف” مسؤولية الخطاب الديني والقومي المتطرف إلى عدم تحقيق سلام وتكامل في منطقة الشرق الأوسط.
وانتقد الوزير الكويتي الأسبق ما سماه “الاستغلال السياسي السلبي لبعض القيادات العربية لمسألة الصراع العربي الإسرائيلي، واتخاذه ذريعة للاستمرار في السلطة”.
من جهته، اعتبر عدد من المشاركين من أمثال الحقوقية والدبلوماسية التونسية “سيدة العقربي”، ورئيس مركز الدراسات الإسرائيلية في الأردن “عبدالله الصوالحة”، اعتبروا أن “الوقت قد حان لتطوير مشاريع تعاون جديدة بين العرب وإسرائيل لخدمة السلام والتعاون”.
“فرقة موسيقية” في التناغم
ووصف الرئيس التنفيذي لمركز “اتصالات السلام” على هامش المؤتمر، المشاركين بـ”مجموعة من الشجعان” في المجتمع المدني، مشيرا إلى أنهم 30 شخصا من 15 دولة عربية.
وقال “براودي” إنهم يجمعون على الاعتراف بـ”ثقافة التشنج التي سادت منذ 70 عاما، بدءا من تهجير اليهود نحو 900 ألف منهم من معظم الدول العربية”.
وانتقد سياسة المقاطعة التي انتهجتها دول عربية، معتبرا أنها “لم تطبق على استهداف إسرائيل فحسب، وإنما ألهمت مزيدا من المقاطعة حتى داخل الدول العربية نفسها”.
ويعتبر الكاتب الأمريكي أنه تم منع “المجتمعات العربية من ممارسة دور إيجابي بالعلاقات الودية مع الفلسطينيين والإسرائيليين ليؤثروا عليهما بما هو أفضل”.
وعن دور “إسرائيل” في هذه المبادرة، قال إن كافة الدول في المنطقة بحاجة للتعاون “من إسرائيل إلى المغرب إلى السودان مرورا بغيرها من الدول”.
وبرر الحاجة للتكامل مع “إسرائيل”، بسبب “المصير المشترك الذي يجمعها، وعليه يجب أن نجذف بقارب النجاة من الجهتين لننقذ المنطقة من الدمار الذي نراه”.
وختم حديثه باعتبار أن المشاركين في المؤتمر، كانوا كـ”فرقة موسيقية واحدة، حيث ساد نغم التسامح والتآخي والتآلف والمشاركة والمحبة”.
اضف تعليقا