جلال إدريس

على ما يبدو أن دولة الإمارات التي دخلت مع السعودية في تحالف ضد الحوثيين في اليمن قبل عدة أعوام، قررت التعامل مع اليمن كدولة ستحتلها لسنوات عدة، وتفرض عليها أجندتها الخاصة، بغض النظر عن الأهداف السعودية من تلك الحرب.

الإمارات التي توسع نفوذها الاقتصادي والسياسي في اليمن، أخذت قبل عدة أشهر في التوسع العسكري أيضًا عن طريق تجنيد قوات خاصة موالية لها، يتكون أفرادها من بقايا الجيش اليمني السابق، وبعض المرتزقة من اليمنيين وغيرهم، الذين دفعتهم الظروف الاقتصادية الصعبة للقتال بأجر من أجل الحفاظ على مصالح اليمن.

ومؤخرًا ذكرت تقارير صحفية أن الإمارات قررت  الاستعانة بقوات من أوغندا لتعزيز عملياتها العسكرية في اليمن، وهو ما يبدو أنه يثير قلقًا حاليًا في السعودية التي لم يتم التنسيق معها سلفًا بهذا الصدد، وذلك حسب معلومات كشفها مصدر وثيق الاطلاع في اليمن، ونشرتها صحف عربية وخليجية.

فما حقيقة تلك المعلومات؟ ولماذا تقدم الإمارات على خطوة كهذه؟ وأين القوات السوادانية التي تستعين بها السعودية في تلك الحرب؟ وما هي المهام التي ستوكلها الإمارات لتلك القوات الأوغاندية؟ وما عدد تلك القوات التي ستستعين بها أبوظبي.

8 آلاف مقاتل من أوغندا

بحسب المعلومات المتداولة، فإن ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، يعتزم القيام بزيارة إلى أوغندا لتوقيع عدد من الاتفاقيات، ومن بين الاتفاقيات التي سيتم توقيعها مع الرئيس يوري موسيفيني، اتفاقية تلتزم فيها أوغندا بتأمين عشرة آلاف مقاتل أوغندي، يتواجد منهم ألفان في الصومال والبقية سيتم إرسالهم إلى اليمن، وذلك لدعم القوات الإماراتية هناك.

وفي هذا الإطار فقد أكدت مصادر مطلعة أن مستشارة الرئيس الأوغندي الدكتورة “نجوى قدح الدم”، والتي تلعب أدوارًا سياسية في دول حوض النيل هي التي قامت بالترتيب للاتفاقية التي سيناقشها محمد بن زايد مع الرئيس الأوغندي.

وبين الحين والآخر تعلن دولة الإمارات عن تقديمها مساعدت مالية ضخمة لـ”أوغندا” ودول إفريقية أخرى، بهدف توسيع النفوذ الإماراتي في إفريقيا، غير أن دول إفريقيا بدأت في الاستفاقة مؤخرا وفهم نوايا الإمارات من تلك المساعدات، فتصعدت العلاقات الإماراتية مع بعض الدول الإفريقية أبرزهم “الصومال وجيبوتي”.

ومن  بين المساعدات التي حاولت الإمارات شراء رضا الساسة في أوغندا به “ما أعلنته ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، قبل عدة أشهر عن تعهد دولة الإمارات بمبلغ 18.4 مليون درهم (5 ملايين دولار أمريكي) لدعم أزمة اللاجئين في أوغندا، بناءً على توجيهات القيادة الرشيدة للدولة.

بديل للانسحاب السوداني

ويرى مراقبون أن  السبب الرئيسي في الاستعانة الإماراتية بقوات من أوغندا يعود إلى المخاوف من أن تسحب السودان قواتها المشاركة في التحالف العربي باليمن.

ومؤخرًا تحدثت تقارير عدة عن اعتزام السودان سحب قواتها المشاركة في التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، بأسباب تتعلق بمواقف خارجية وضغوط داخلية يمارسها معاضون وبرلمانيون، حيث تعدد المطالب للرئيس السوداني عمر البشير بسحب القوات السودانية من هذا التحالف.

وكان قرر السودان بالمشاركة في التحالف -الذي شكّلته السعودية يوم 26 مارس 2015- قد استند إلى شق سياسي وآخر عقدي وثالث اقتصادي، غير أن النواحي الثلاثة لم تعد موجودة.

فمن جهة، كان السودانيون ينظرون بتقدير واحترام إلى المكانة السياسية الكبيرة التي تحتلها السعودية باعتبار مكانتها الدينية فضلا عن ثقلها الاقتصادي،  غير أن تلك المكانة التي استند إليها السعوديون في دعوتهم لتشكيل التحالف ضد الحوثيين بدأت تهتز بصورة كبيرة في الشارع السوداني، بعد التغيرات الأخيرة التي أقدم عليها محمد بن سلمان.

أيضًا، فإن الخرطوم لم تعد تستطيع إقناع جنودها بأن مشاركتهم في الحرب من أجل السعودية ضد “الحوثيين” تستند  على مبرر عقدي، بسبب تغييرات “بن سلمان” من جهة، ومحاربته للعلماء والمفكرين الإسلاميين وحديثه المتكرر عن حق دولة إسرائيل في الوجود من جهة أخرى.

كما أن الكثير من السودانيين  باتوا ينظرون إلى أن دولة الإمارات بدأت تأخذ الحرب في اليمن  بعيدًا عن أستعادة الشرعية فيها، وهو الهدف الذي أقيمت من أجله الحرب، حيث بدأت الإمارات تقيم دولة داخل الدولة اليمنية وتتعامل وكأنها تحتل اليمن.

أيضًا، فإن التطورات الإقليمية اللاحقة بما في ذلك الأزمة الخليجية؛ جعلت من مشاركة القوات السودانية في اليمن محاصرة بعدد من الأسئلة والاستفهامات، خصوصًا أن  مصر وباكستان ودولًا أخرى تربطها بالسعودية علاقات إستراتيجية لم تشارك بنفس القدر.

تقوية الحزام الأمني وقوات النخبة

وفي هذا الإطار لا يمكن إغفال الاتهامات التي توجه إلى دولة الإمارات مؤخرًا، والتي تتعلق بسعيها لتكوين جيوش مناطقية وقبلية في اليمن، خصوصًا في المناطق المحررة، وهو ما يعني أن القوات الأوغاندية الجديدة ستقوي بها الإمارات قوات الحزام الأمني والنخبة الشبوانية التابعة لها والمنتشرة باليمن.

وكان وزير النقل بالحكومة اليمنية “صالح الجبواني”، قد وجه اتهامات واضحة وموثقة  للإمارات في هذا الشأن،  حيث عقد مؤتمرًا صحفيًّا قبل عدة أسابيع اتهم فيها الإمارات، بإنشاء “جيوش مناطقية وقبلية وعصابات تعمل على تفكيك البلاد”، داعيًا إلى تغيير شكل العلاقة بين حكومة بلاده الشرعية والإمارات.

الوزير أكد أن التحالف العربي بقيادة السعودية حينما جاء لمساندة الشرعية، كان الهدف إسقاط الانقلاب (الحوثي) في صنعاء، واستعادة الدولة اليمنية، لكن الإمارات تقوم بإنشاء جيوش قبلية من العصابات والمرتزقة، وحتى القاعدة، في كل محافظة يتم تحريرها.

كما أكد الوزير أن الإمارات شكلت في محافظة “شبوة” ما عرف باسم “قوات النخبة الشبوانية”، مؤكدًا أن تلك القوات تمارس أداورًا مريبة ومثيرة، حيث منعت وفدًا حكوميًّا رفيع المستوى من المرور من أحد الحواجز الأمنية التابعة لها، في مديرية حبان جنوب شرق محافظة “شبوة” جنوب (شرق).

وبين أن قوات “النخبة الشبوانية”، التي قال إنها “تتبع الإمارات”، اعترضت موكبه في منطقة “حبان” بـ”شبوة”، بالدبابات والمدرعات العسكرية، وحالت دون وصوله لوضع حجر أساس لميناء قنا.

السيطرة على مقدرات اليمن

تصريحات الوزير واتهاماته للإمارات وقتها أثارت جدلا واسعا حول حقيقة الدور الذي باتت تلعبه الإمارات في اليمن، خصوصًا في المحافظات المحررة، وطبيعة الموقف السعودي من تلك التجاوزات، وأسباب صمتها، والمساعي الحقيقة للإمارات من تلك العمليات !.

لكن شيئا فشيئا، اتضح الهدف الرئيسي من عملية نشر الإمارات قوات “النخبة” في “شبوة”، وهو تحقيق عدة مكاسب؛ أهمها التحكم في الخط الدولي الرابط بين “شبوة” والسعودية، لإضعاف الدور السعودي في المحافظة، بسبب تحالف الرياض مع الحكومة اليمنية الشرعية، والسيطرة على مقدرات اليمن النفطية، والتحكم في ثروات المناطق المحررة، وهو ما استدعى من الإمارات التعاقد على جلب قوات جديدة تضمن لها الولاء في اليمن.

فيما ذهبت ادعاءات الإمارات بأنها تسعى للحفاظ على مقدرات اليمن، هباءً منثورًا بعد انتشار القوات الموالية للإمارات في اليمن، حيث مكنت تلك القوات الإمارات من التوغل والعمل على أجندتها في السيطرة على الساحل العربي، وميناء عدن، والخليج العربي، وسقطرى.

 

كما بدأت الإمارات في الضغط على “هادي” وحكومته لتوقيع اتفاقيات تصب في صالح الإمارات وفقط، من بينها توقيع اتفاقية تقضي بتأجير جزيرة سقطرى وموانئ عدن لـ99 عامًا، إلا أنهما اختلفا على البنود والتفاصيل الأخرى.