العدسة _ إبراهيم سمعان

قالت مجلة “أتلانتيك” الأمريكية، إن ولاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الثانية ليست أكثر من امتداد لولايته الأولى، موضحة أنه ما لم تكن هناك تغييرات محلية كبيرة بالداخل، فلن يكون هناك أي تغيير على نمط الحكم.

وتابعت: “أفضل طريق للتفكير فيما يخص الولاية الجديدة للسيسي، هي أن الولاية الثانية امتداد للأولى، بسبب الدعم القوي داخل مؤسسات الدولة لصالح منصب الرئيس، لم يكن هناك شك، سواء داخل مصر أو خارجها، في أنه سيبقى رئيسًا”.

وأوضحت أن قليلين فقط من يتوقعون أي تغيير في السياسات، كالدعوة إلى فتح المجال أمام المجتمع المدني، أو تطوير شبكات أمن اجتماعي أكبر لأكثر الأفراد فقرًا في البلاد، لافتة إلى أن أولويات السيسي الثانية لا تزال نفسها أولوياته الأولى؛ الاقتصاد والأمن.

ومضت قائلة: “تعني كلمة ولاية ثانية للسيسي أيضًا، أنه سيبدأ في النظر بجدية فيمن سيخلفه، قد يجهز خليفة، من سيكون هذا الخليفة؟ محل تخمين من أي شخص في الوقت الحالي، أم قد يتقبل بأن يأخذ شخص لا يدعمه مقاليد الأمور؟ من الصعب أيضًا تصور ذلك؛ لأن الإدارة الحالية ضيقت المجال في مصر لخلق بديل سياسي حقيقي، ربما يسعى السيسي لولاية ثالثة، هذا سيتطلب تعديلا في الدستور، الذي يحدد للرئيس ولايتين فقط؛ وهذا بدوره سيستلزم استفتاء عامًّا”.

وأضافت: “كما هو الحال الآن، يبدو أن السيسي يتمتع بالدعم الكافي من نخبة رجال الأعمال في مصر، إلى جانب نسبة كبيرة من شبكات الرئيس السابق حسني مبارك، كما أن معارضة السيسي خارج جهاز الدولة ضعيفة للغاية، لدرجة أنها لا تستطيع معارضة مثل هذه الخطوة.

ونوهت بوجود معارضة من مختلف الجهات الفاعلة، مثل المؤيدين السابقين الساخطين، والنشطاء المؤيدين للثورة، والمجموعات السياسية وأنصار جماعة الإخوان المسلمين، مضيفة: “لكن السؤال المطروح هو ما إذا كان بإمكانهم حشد الدعم الكافي لإحباط أية خطوة لتغيير الدستور”.

وتابعت: “رغم ذلك، لا ينبغي للسيسي أن يكون مرتاحًا للغاية؛ فقد أشار انخفاض نسبة إقبال الناخبين -على الرغم من المحاولات القوية لحشدهم- إلى مستوى كبير من اللامبالاة العامة، هذا أمر ينبغي أن يقلق القاهرة”.

ولفتت إلى أنه على المدى المتوسط إلى المدى الطويل، فإن هذه اللامبالاة يمكنها أن تعطل وجود نظام سياسي صحي.

وأشارت إلى أن المعارضة موجودة في أي بيئة سياسية، لكن كي يتم استيعابها فإنها تتطلب قنوات للتعبير السياسي، مضيفة: “إذا لم تكن هذه السبل موجودة، فإن العواقب يمكن أن تكون غير قابلة للسيطرة بشكل كبير”.

وتابعت: “بالنظر إلى الخارج، فهناك قضايا سياسة خارجية ينبغي أن تزعج نظام السيسي، من بينها المستنقع الليبي، وإنشاء سد النهضة في إثيوبيا، الذي من المقرر أن يكتمل في وقت لاحق من هذا العام، وقد تكون له عواقب وخيمة على وصول مياه النيل إلى مصر”.

وأردفت: “للأسف! بالنسبة للسيسي، فقد قام الرئيس دونالد ترامب بدعمه، ومن غير المحتمل أن يتغير ذلك، على الرغم من وجود بعض القضايا العالقة التي تحتاج إلى معالجة، وعلى وجه الخصوص، لا تتأثر واشنطن بعلاقات مصر الودية مع كوريا الشمالية، وتريد إدارة “ترامب” رؤية السيسي يرفع القيود المفروضة على منظمات المجتمع المدني الأجنبية في مصر، التي أدت إلى إدانة موظفي المنظمات الأمريكية أمام المحاكم المصرية”.

وأضافت: “مهما كانت الصدمات الموجودة في الطريق حاليًا، فمن المرجح أن يجري تلطيفها، لقد كان خطاب “ترامب” فيما يخص السيسي يكيل المديح، كما أن أحدث مستشار للأمن القومي “جون بولتون” داعم أيضًا للسيسي، في واشنطن يُنظر إلى مصر -إلى حد كبير- على أنها جزء من الاستقرار في منطقة مضطربة، وكبلد لازال ملتزمًا باتفاق السلام مع إسرائيل، وهي سمة محركة لدعم أمريكا للقاهرة لعقود من الزمن”.

ومضت تقول: “عندما يتعلق الأمر بعلاقة السيسي مع أوروبا، فالحقيبة مختلطة، ولكن كما هو الحال مع الولايات المتحدة، يتم التغلب على جميع المشاكل من خلال تعاون مصر في الحد من الهجرة والاضطلاع بأمر مجموعات مثل تنظيم “داعش” في القضيتين، ترى معظم الحكومات الأوروبية أن القاهرة هي على “الجانب الصحيح”، على الرغم من أن جميع الحكومات تتلقى بانتظام، والكثيرون ينشرون، تقارير حقوق الإنسان المتعلقة بالانتهاكات التي يُزعم أن القاهرة ارتكبتها”.

وأشارت إلى أن دول الخليج، مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، لديها خلافات مع مصر حول الصراعات في اليمن وسوريا، لكن إلى حد كبير، فالعلاقات جيدة.

وتساءلت المجلة الأمريكية: “هل يجب أن يكون الشركاء الخارجيون للقاهرة أكثر اهتمامًا بتشجيع المواقف والسياسات المختلفة، التي قد تؤدي بدورها إلى إنشاء نظام أكثر استدامة وعدالة؟”.

وأضافت: “إنه سؤال مهم، لكن لم تعرب أية دولة عن مثل هذا الاهتمام بتشجيع مثل هذه الأمور في ولاية السيسي الأولى، ومن المشكوك فيه أن يتغير ذلك في فترة رئاسته الثانية، ومن المشكوك فيه أن يتغير في فترة ولايته الثانية، ما لم تكن هناك تغييرات كبيرة محليًّا في مصر”.