قالت مصادر مصرية وإثيوبية، إن أديس أبابا تدرس بجدية هذه المرة مقترحا مصريا جرى تقديمه خلال الاجتماع الأول من سلسلة الاجتماعات الحاسمة الأربعة المتفق على عقدها بين وزراء المياه في الدول الثلاث لدراسة الحلول الفنية المقترحة لأزمة ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
ويتضمن المقترح المصري تخفيض كمية المياه الواصلة إلى مصر سنوياً إلى ما بين 35 و38 مليار متر مكعب من المياه، ما يعني تخلي مصر عن تمسكها القديم باتفاقيات النيل التاريخية.
وكانت الاتفاقيات التاريخية تنص على حصول مصر على 55 مليار متر مكعب سنويا من مياه النيل، بحسب “العربي الجديد”.
كما يعتبر المقترح الجديد تخليا أيضا من جانب القاهرة عن مقترحها السابق بضمان تدفق ما لا يقل عن 40 مليار متر مكعب سنويا.
وتقول المصادر إن المقترح الجديد الذي يعتمد على هيدرولوجيا النيل الأزرق سيفتح الباب لاستفادة مصر ببواقي الفيضان، وذلك بعد استفادة إثيوبيا من المياه المطلوبة لملء الخزان الرئيسي للسد.
لكن المشكلة الرئيسية في هذا المقترح وفقاً للجانب الإثيوبي أنه سيتطلب عملا مشتركا على تقييم أثر الفيضان في فترات الرخاء والجفاف، وهو ما يصطدم برفض إثيوبي مبدئي لفكرة الإدارة المشتركة لعمل السد في فترة الملء والتشغيل الأولى.
وأوضحت المصادر أنه على الرغم من ذلك الرفض الإثيوبي، فإن المسؤولين المصريين متفائلون بأن أديس أبابا تدرك أن موافقتها على هذا المقترح تعتبر بمثابة إنقاذ للموقف من خلال السبيل الوحيد الممكن لضمان عدم تفاقم الأزمة، والوصول إلى حل قابل للتنفيذ قبل منتصف يناير/كانون الثاني المقبل، من دون الاضطرار لفكرة إدخال وساطة ملزمة، والتي لا تود إثيوبيا الوصول إليها.
ويشير المسؤولون المصريون أيضا إلى أن إثيوبيا لم تعد تثق بشكل كامل في الموقف السوداني الذي بدأ يميل تدريجياً إلى الموقف المصري المطالب بحسم حل للقضية من دون تعنت، في ظل مرور السودان بمرحلة سياسية حساسة تتطلب تحسين علاقات الدولة بالكيانات الدولية الكبرى.
واعتبرت المصادر أن هذا المقترح لا يحمل فقط رسالة مصرية بالحرص على التوصل إلى حل مناسب سريع، ولكنه أيضاً يعكس عدم رغبة مصر في افتعال مشاكل أو استفزاز الإثيوبيين، لأن مسألة قياس الفيضان والوقوف على تفاصيله ستتم بشكل كامل في الأراضي الإثيوبية، وليس كما كانت مصر تقترح سابقاً على الأراضي المصرية بالنسبة لقياس منسوب المياه في بحيرة ناصر.
وتتمسك أديس أبابا بأن الحفاظ على منسوب المياه في بحيرة ناصر عند 165 أو 170 متراً قد يؤدي إلى حرمانها من إمكانية الملء لشهور عديدة متتابعة، نظراً لتدني مستوى الفيضان في بعض الأحيان إلى أقل من 30 مليار متر مكعب، وبالتالي فهي تتشبث بأن المحددات لا يمكن أن تقاس بأي مؤشر في دولة المصب، مقابل المقترح المصري الجديد الذي يعتمد على محددات في دولة المنبع.
وتقول المصادر الإثيوبية إن هناك تمهيداً إعلامياً وسياسياً في أوساط الحزب الحاكم لضرورة التوصل إلى اتفاق بشمل عاجل دون استدعاء طرف رابع للتوفيق أو الوساطة.
ورغم أن وزير الطاقة والري “سيليشي بيكيلي” من أشد المتحفظين على كل المقترحات المصرية والسودانية السابقة، لكنه دعا أخيراً إلى دراسة المقترح المصري بجدية.
اضف تعليقا