بدأت الحكومة الإثيوبية بشكل فعلي في مرحلة الملء الثالث لسد النهضة، ضاربة بموقف البلدين “مصر والسودان” من هذا الملء عرض الحائط، وغير مبالية للعواقب التي ستسفر عنها هذه الخطوة.

من جهته صرح السيسي تصريحاً يتشابه كثيراً مع تصريحاته المعهودة، قائلاً ” لا يستطيع أحد أن يقترب من مياه مصر”، وهو يذكرنا بتصريحه المثير الذي قال فيه لرئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد قل ” والله والله والله لن نقوم بأي ضرر تجاه مصر” ويكأنه ألزم المسؤول الإثيوبي بوثيقة تحمي حقوق مصر في مياه النيل.

علاوة على ذلك فإن تلك الخطوة تعد هي الأخطر من كل المراحل السابقة، حيث أنه طبقاً لتصريحات مسؤول أثيوبي فإن ذلك سيعود بالضرر على دول المصب.. لكن السيسي يكتفي فقط بالتصريحات في مقابل الخطوات الفعلية التي تتخذها إثيوبيا!. 

فكيف سيتسبب هذا الملء في مخاطر كبيرة على مصر؟! ولماذا يُعتبر السيسي نفسه أحد أهم الأسباب في ضياع هبة مصر وشريان حياتها؟!.

السيسي أضاع حق مصر 

أثار تعليق لمدير مشروع سد النهضة الإثيوبي، منذ شهرين حول الملء الثالث للسد والذي سيكون في أغسطس / آب القادم اهتمام الشعبين المصري والسوداني.

خاصة أن كيفلي هورو مدير المشروع قد صرح بشكل علني أن ذلك قد يؤدي إلى احتمالية تضرر مصر والسودان، داعياً البلدين إلى التحلي بالعقلانية على حد قوله.

الحكومة السودانية أعلنت أنها تابعت تصريحات المشروع بقلق بالغ، أما الحكومة المصرية فلم تبد أي تصريحات إلا بعد بدء الملء الثالث وإعلان إثيوبيا لذلك.

حيث قال قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لن يستطيع أحد المساس بحصة مصر من مياه النيل، وهي تصريحات غير مجدية اعتاد عليها المصريين منه خاصة بعدما تبرأ من قضية السد، قائلاً إن السبب في حدوث تلك الأزمة هي ثورة 25 يناير!.

والحقيقة أن السبب الرئيسي في ذلك هو السيسي نفسه، فطبقاً لروايته فقد بدأت إثيوبيا في مشروعها سد النهضة عندما كان السيسي مديراً للمخابرات، فلماذا لم يتحرك حيال ذلك؟!، علاوة على ذلك فإن من أهم أسباب ضياع حق مصر التاريخي في مياه النيل هو اتفاق المبادئ الذي وقعه السيسي عام 2015.

بيد أنه تم استبدال حق مصر التاريخي بكلمة الاستخدام المنصف والمناسب وهي كلمة فضفاضة لا تضمن لمصر حصتها من نهر النيل وقد وقع عليها قائد الانقلاب وأضاع بذلك حق مصر حتى في المطالبة بحقوقها.

علاوة على ذلك فإن السيسي تقاعس في استخدام القوة العسكرية قبل البدء في الملء ما أدى إلى انعدامية فاعليته كحل مقترح لإنهاء الأزمة وبقيت مصر عالقة على ما يبدو إلى زمن ممتد في الدفاع عن حصتها من مياه النيل، ولا يملك قائد الانقلاب إلا التصريحات.

الأضرار على مصر

تصريحات مدير مشروع سد النهضة أن هناك أضرار ستلحق بمصر والسودان جراء الملء الثالث للسد، هي تصريحات مستفزة للشعبين السوداني والمصري لكنها مع الأسف حقيقية.

بيد أن اقتطاع جزء من حصة مصر المائية سيؤدي إلى تآكل الأراضي بنسب متفاوتة، والذي قدرها البعض بثلث الرقعة الزراعية المصرية وهي نسبة كبيرة.

كما أكدت بعض الدراسات على أن موارد مصر المائية، مهددة بالتراجع بمقدار 31 مليار متر مكعب سنوياً، وهو ما يعادل أكثر من ضعف حصة مصر سنوياً من مياه النيل.

علاوة على ذلك فقد يؤدي نقص حصة مصر من مياه النيل، إلى تآكل الدلتا أو حتى اختفاء أجزاء منها، بسبب تراجع منسوب النيل وبالتالي يحل محله مياه البحر الأبيض المتوسط، ما يؤدي لزيادة معدلات ملوحة التربة من ثم بوارها.

إضافة لذلك فقد يؤدي الملء الثالث إلى نضوب مخزون المياه الجوفية، والتي تعتبر أحد أهم مصادر مصر المائية، أما من ناحية الثروة السمكية فهي ستتراجع بالضرورة مع تراجع منسوب النيل.

كما سيتسبب كل ما سبق في دخول البلاد في أزمة بطالة كبيرة، نظراً لبوار الأراضي، ونقص الثروة السمكية، بعيداً عن التهديد المائي الخطير.

الخلاصة أن السيسي أهدر حق مصر التاريخي في نهر النيل، ويتبرأ من فعلته هذه وينسبها لثورة 25 يناير، ولا يعبأ لتهديد عظيم يهدد دولة بحجم مصر، ويتسبب في كل ما أسلفنا من أضرار، لكن الضرر الأخطر على الإطلاق الذي سببه سد النهضة الإثيوبي لمصر، هو سلب الإرادة وتراجع هيبة مصر بين الدول، وخسارة الريادة الإقليمية والمكانة الدولية لأقدم دولة في التاريخ.

اقرأ أيضاً : كيف تسببت عاصمة السيسي الإدارية في أزمات اقتصادية واستراتيجية لمصر؟