العدسة- معتز أشرف:

بدعم عربي من المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر والبحرين والأردن، بحسب المراقبين، يواصل الكيان الصهيوني تفعيل أجندة عدوانه على الحقوق والثوابت العربية، وفي هذا الإطار يأتي العدوان المتكرّر ضد قطاع غزة، والعديد من الإجراءات في المنطقة.

“العدسة” يرصد أبرز 5 أهداف للكيان الصهيوني في الفترة المقبلة.

صفقة القرن وغزة!

تحتل التسوية الأمريكية التي تعرف بصفقة القرن، أولوية في الأهداف الصهيونية في الفترة الحالية والمقبلة، بحسب مراقبين، وجاء قصف غزة الأخير ليعزِّز خارطة التفكير الصهيوني في صفقة القرن كأولوية على الحرب على غزة، وهو ما أكده تقدير موقف مركز القدس لدراسات الشأن “الإسرائيلي” والفلسطيني السبت 21 يوليو الجاري.

وعلّق المركز على الحديث الدائر على احتمالية شنّ حرب على غزة، قائلًا: “الحراك الأمريكي فيما يعرف “بصفقة القرن” أو الرؤية الأمريكية- الصهيونية لحلّ الصراع- على حد وصفهم- تُلْزِم “إسرائيل” بعدم خوض حرب في هذه المرحلة، حتى يتم تطبيق ما خُطّط ورُسم له بمساعدة عربية يصب في تصفية القضية الفلسطينية”. مضيفًا أن: “ما يجري على الأرض الآن هو عبارة عن “لكمات نار” وجولات مواجهة محدودة الأدوات والتوقيت، ولكن تبقى مسألة الحرب ضمن دائرة المصالح السياسية، ففي اللحظة التي ترى فيها “إسرائيل” أنها سوف تحقّق مكاسب ومصالح سياسية من وراء الحرب سوف تخوض غمارها بلا شك، وإن كانت تعلم علم اليقين بأنها ستدفع ثمنًا على الأرض أكثر من أي وقتٍ مضى”.

في هذا السياق، أكدت صحيفة “ذا هيل” الأمريكية، أنَّ صفقة القرن تحتل أولوية في سلم التفكير الصهيوني وزادت من شعبية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في دولة الاحتلال الصهيوني؛ حيث انتشرت ملصقات تؤيّده على الجدران والأعمدة حول القدس الغربية.

تهويد القدس

تبني الكنيست الصهيوني لقانون (الدولة القومية للشعب اليهودي)، والذي ينصّ على أن إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي الذي يعود له حصرًا حق تقرير المصير، أبرز الاهتمام الصهيوني الحالي والمتصاعد حيال تهويد القدس، وهو ما اعتبره حلفاء للكيان الصهيوني مؤسفًا؛ حيث سارعت السلطات المصرية الداعمة بوضوح للكيان تحت واقع الإحراج إلى التنديد بالقرار، معتبرة أن ما نصَّ عليه القانون بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لـ”إسرائيل”، له تداعيات خطيرة على مستقبل التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية، وعملية السلام، فيما تقدمت السلطات المصرية عمليًا والسعودية والإمارات بشكوى في وقت سابق ضد التواجد التركي في القدس الذي يستهدف حماية البُعد العربي والإسلامي.

ويشير مراقبون إلى خطورة عام 2018 في أجندة التهويد للقدس؛ حيث يواصل الكيان الصهيوني منذ مطلع العام تنفيذ مئات المخططات التهويدية الاستيطانية التي تستهدف تنفيذ أكبر عدد من المشاريع التهويدية، ومسارعة الزمن في العام الجديد للوصول إلى مخططات القدس الكبرى 2020 (القدس الكبرى)، وشكلت أحداث “الخان الأحمر” مثالًا بارزًا على ذلك، واعتبرته وكالة وفا الرسمية أنه “الحلقة الأخيرة في تهويد القدس”، ضمن سياسات سلطات الاحتلال تجاه التجمعات البدوية التي يقع معظمها في المناطق المصنفة “ج”، التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية، بغرض التوصُّل إلى نتيجة واحدة، وهي إفراغ هذه الأراضي من سكّانها الأصليين.

تقويض إيران

حساسية الساحة الشمالية واستمرار شبح الانتشار الإيراني على الحدود في سوريا، من  المسائل التي تتربّع على سلم أولويات “إسرائيل” الاستراتيجية بحسب مراقبين، وصرّح رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في مايو الماضي أنّه سيكون من الأفضل مواجهة إيران عاجلًا وليس آجلًا إذا لزم الأمر.

ووسط تصعيد كلامي ضد إيران أكد رئيس الوزراء الصهيوني بحسب ما ذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية تصميمه “على تقويض عدوان إيران في مراحله المبكرة، حتى لو كان ذلك ينطوي على صراع، وأضاف: “من الأفضل أن يكون عاجلًا وليس آجلًا. الدول التي لم ترغب في التصرف في الوقت المناسب ضد العدوان القاتل، دفعت في وقتٍ لاحق ثمنًا أثقل بكثير. لا نريد تصعيدًا، لكننا مستعدون لأي سيناريو”.

المرصد السياسي لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى المقرَّب من دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة رجَّح المواجهة المحتملة بين الكيان الصهيوني وإيران بسبب سوريا على وجه التحديد، واعتبرها تشكل هاجسًا مقلقًا لدى دولة الاحتلال، وفي تقدير موقف أكد المرصد تزايد خطر وقوع مواجهة بين إسرائيل والمعسكر الذي تقوده إيران في هذا المسرح، مشيرًا إلى وجود الضوء الأخضر الأمريكي للردّ على ما أسماه “موقف إيران العدائي في سوريا”.

وفي الجهة الأخرى، تبادل إيران الكيان الصهيوني المواجهة وتضعه في المرتبة الأولى لها، وهو ما رصده مايكل آيزنشتات مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن بقوله في تقرير مطوَّل قبل أيام: “منذ عام 2017، قللت إيران من جهودها لاختبار القوات الأمريكية في سوريا والخليج، ربما بسبب عدم يقينها من نوايا إدارة ترامب، وفي الوقت نفسه زادت أنشطتها ضد إسرائيل والسعودية، ربما لفرض تكاليف على حلفاء واشنطن عندما يتعذّر عليها معاقبة الولايات المتحدة مباشرةً”.

 

التطبيع الكامل

ويشغل بال قادة الكيان الصهيوني، بحسب المتابعين للشأن الفلسطيني، فرض التطبيع الكامل مع الدول العربية في هذه الفترة التي تشهد حصارًا واسعًا تحت حكم ما يعرف بالخريف الربيع، وتحدثت مجلة فورين أفيرز الأمريكية مطلع العام عن الاهتمام الصهيوني بهذا الأمر، مؤكدة أنَّ الظروف الحالية خلقت فرصة تاريخية لتعزيز العلاقات بين تل أبيب والدول العربية، بالتزامن مع إقرار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بضرورة التطبيع وحق الشعب اليهودي بـ”أرض خاصة بهم”، بحسب زعمه.

وفي دراسة صهيونية حديثة ترجمها المركز الديمقراطي العربي تحت عنوان “إسرائيل والدول العربية– هل ثمة فرصة لتطبيع العلاقات؟”، أوضحت أنّه منذ عقدٍ واحدٍ مضى لم يكن من الوارد أن يقوم رئيس هيئة الأركان العامة لجيش الكيان الصهيوني بإجراء مقابلة حصرية لوسائل الإعلام السعودية، كما فعل الفريق غادي أيزنكوت في وقت سابق، والذي أكد أنه في مسائل معينة “هناك اتفاق كامل بيننا وبين المملكة العربية السعودية”.

وأوضحت الدراسة الداعمين البارزين للأهداف الصهيونية، مشيرة إلى أنه في عام 2016، حاولت مصر، والأردن، والسعودية والإمارات تعزيز المصالحة بين عباس ومحمد دحلان (القيادي السابق في حركة فتح الذي طرده عباس في عام 2011)، وكان ذلك مُقدرًا ليكون الخطوة الأولى نحو عملية مصالحة إقليمية شاملة بين فتح وحماس، وحتى في نهاية المطاف للتوصل إلى تسوية مع إسرائيل، فيما اعتبرت الدراسة ما وصفته بـ”القرار الاستراتيجي المصري بإعادة جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية في عام 2016″ مثال بارز للتطبيع بين المنطقة العربية و”إسرائيل”.

مركز (أطلس) للدراسات الصهيونية بدوره، يرى في تقرير حديث له أنَّ التقاء المصالح المتزايد والتقارب الاستراتيجي والتعاون السري بين” إسرائيل” وبين الكثير من الدول العربية يعتبر واقعًا، كما باتت إسرائيل بعيدة عن رأس سلم الأولويات الأمني كعدو بالنسبة للقادة العرب الذين يتقاسمون معها المخاوف العميقة فيما يخص إيران والإسلام المتطرف وعدم الاستقرار الإقليمي.

 

مواجهة أردوغان

وبات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كشخص وتركيا كدولة، محطَّ ترتيب متقدم في الأجندة الصهيونية في المواجهة مؤخرًا، وهو ما عبّر عنه عضو لجنة الشؤون الخارجية والأمن بالكنيست التابع لدولة الاحتلال، عنات باركو حيث قال عن دعم أردوغان ونشاط الأتراك لصالح القدس: “إنهم يؤجّجون النفوس في جبل الهيكل (الأقصى)، هنا نرى انقلابًا لجماعة الإخوان المسلمين بقيادة أردوغان بهدف تحقيق الأسلمة التركية”، فيما وصف الأنشطة التركية في القدس بالتآمر السياسي، بحسب زعمه، وهو ما تحدثت عنه باستضافة دراسة حديثة صادرة عن “المعهد الأورشليمي لشؤون الجمهور والدولة” الإسرائيلي.

جهات في المنظومة الأمنية الصهيونية كشفت لصحيفة “هآرتس” عن أنَّ دولة الكيان الصهيوني تراقب ظاهرة التمدد التركي في الأحياء العربية في القدس بدعم أردوغان وتعمل على اجتثاثها، على حد قولها، مشيرة إلى أنَّ تركيا تحاول الحصول على موقع تمركز في القدس الشرقية معروفة للقوى الأمنية “الإسرائيلية” منذ سنوات، كما نقل دبلوماسيّون “إسرائيليون” لـ”هآرتس” أن الأردن بدأ يُعرِب عن قلقه من هذه الظاهرة منذ العام الماضي، حتى إنه أشار إلى أنه في مرحلة معينة غضب مسؤولون أردنيون من إسرائيل، لأنها تسهّل لأردوغان أهدافه.