العدسة – أحمد عبد العزيز
فجرت الأزمة الحالية في دولة بيرو، القضية الجدلية التي لا تفتأ تشغل الوسط الرياضي العالمي بين الحين والآخر، والمتمثلة في التدخلات السياسية وفرض وجهة نظر السلطة الحاكمة على الرياضة وتحكمها في الشأن الرياضي، وهو أمر يحاول الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” مواجهته بكل السبل المتاحة.
بدأت الأزمة عندما تقدم أحد أعضاء البرلمان في ذلك البلد الجنوب أمريكي الصغير، بمشروع قانون جديد للرياضة، يسمح بتدخل الحكومة في الشأن الكروي، وإطلاق يدها فيما يتعلق بالرياضيين والحكام والمباريات.
وهو ما دفع الاتحاد الدولي إلى الإسراع بإصدار إنذار للسلطات البيرونية أكد فيه أنه يراقب الموقف في بيرو، محذرا من أي محاولات للتدخل في شأن كرة القدم من جانب السلطات الحاكمة.
وقالت تقارير رياضية، إن بيرو باتت مهددة بالاستبعاد من المشاركة في كأس العالم في روسيا 2018، حال إقرار هذا القانون، وسوف يتم تصعيد فريق آخر غيرها، والذي سيكون في أغلب الظن هو المنتخب الإيطالي، حيث يأتي أولا في تصنيف الفرق غير المتأهلة.
مطالب بسحب المونديال
التدخلات السياسية المتعلقة بمونديال روسيا 2018، لم تظهر فقط في أزمة بيرو، بل سبقتها أزمة كبرى، عندما طالبت بعض الأطراف بسحب تنظيم المونديال من روسيا لأسباب سياسية.
فقد دعت العديد من الشخصيات العامة والسياسيين إلى مقاطعة كأس العالم في روسيا، وعلى رأس هؤلاء الرئيس الأوكراني بيرو بوروشينكو، الذي دعا إلى سحب التنظيم من موسكو، بدعوى أنها لا تستحق مثل هذا الشرف في الوقت الذي تعتدي فيه على أراضي الآخرين، على خلفية أزمة إقليم القرم.
ودعا وزير الرياضة الروسي فيتالي موتكو، الفيفا لإصدار بيان عن عدم جواز التدخل (السياسي) في استقلالية الرياضة، مع الأخذ بعين الاعتبار وضع بطولة كأس العالم 2018 في روسيا.
واستجاب الفيفا لطلب وزير الرياضة الروسي، حيث أصدر بيانا عبر موقعه الرسمي على الإنترنت قال فيه “ردا على حالات مختلفة من التدخل السياسي، نطالب بإظهار الاحترام للشؤون الداخلية للمنظمة، ووقف التدخل السياسي في شؤون كرة القدم”.
تجميد النشاط في السودان
وشهدت دولة السودان، أزمة كبيرة خلال الأشهر الماضية، بسبب ما اعتبره الفيفا تدخلات سافرة وواضحة من قبل السلطات السودانية في الشأن الكروي، وهو ما انتهى إلى اتخاذ الاتحاد الدولي لكرة القدم قرارا بتجميد نشاط الكرة السودانية.
وقال الفيفا حينها إنه اتخذ هذا القرار بسبب عدم إلغاء قرار صدر عن وزارة العدل السودانية بإخلاء مبنى الاتحاد السوداني لكرة القدم، بالإضافة إلى إعاقة السلطات لعمل إدارة الاتحاد بقيادة معتصم جعفر.
وبناء على هذا القرار، بات الاتحاد السوداني لكرة القدم فاقدًا كل عضويته، ولا يحق لأنديته المشاركة في منافسة دولية إلا بعد رفع التعليق، كما لا يمكن له أو لأي من أعضائه أو مسؤوليه الاستفادة من أي برنامج تطوير أو تدريب من الفيفا أو من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم “كاف”.
وترى وسائل إعلام سودانية، أن قرار الفيفا لم يكن ظالما، فقد بات مألوفا في الوسط الكروي السوداني تدخل الساسة عن طريق قيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم في شؤون الناديين الأكثر شعبية في البلاد، الهلال والمريخ.
وعابت وسائل الإعلام، انتشار الشعارات السياسية التي تمجد الرئيس السوداني عمر البشير وحزبه الحاكم داخل الإستادات وفي المدرجات، بل إن قادة الناديين أعلنوا خلال فترة الانتخابات انحياز الجماهير لصالح البشير، وهو ما تسبب في إصابة الجماهير بشيء من اللامبالاة تجاه مباريات الدوري، حتى باتت المدرجات خاوية في الفترة الأخيرة نتيجة هيمنة الحزب الحاكم على مفاصل الوسط الرياضي.
عقاب الرياضة الكويتية
أزمة شبيهة كانت قد عصفت بالنشاط الرياضي في الكويت قبل نحو عامين، بعدما أعلن فيفا إيقاف الاتحاد الكويتي لكرة القدم بعد انتهاء المهلة التي منحها للحكومة لتغيير قانون رياضي اعتبر الفيفا أنه يشكل تدخلا في شؤون اللعبة الشعبية في الدولة الخليجية، ولكن دون استجابة.
وقال الفيفا حينها، إنه درس القانون الكويتي الجديد، ووجد أنه يتضمن تدخلا غير مقبول في شؤون الاتحاد الكويتي، بما يتعارض مع لوائح الفيفا التي تنص على أن تدير الاتحادات الأعضاء أمورها باستقلالية من دون تدخل طرف ثالث.
وقال إن الإيقاف سيطبق بصورة فورية على جميع الأنشطة الرياضية، واشترط لرفعه أن يتمكن الاتحاد الكويتي لكرة القدم وأعضاؤه (الأندية) من القيام بأنشطتهم، وتنفيذ التزاماتهم بصورة مستقلة بعيدا عن السلطات الكويتية.
وتسبب هذا القرار في تجميد مشاركة المنتخب الأول في التصفيات المؤهلة لمونديال روسيا 2018 وكأس آسيا 2019 في الإمارات، وأيضا تجميد مشاركة فريقي القادسية والكويت في كأس الاتحاد الآسيوي.
من جانبها، حاولت الهيئة العامة للرياضة الكويتية، غسل يديها من هذه الأزمة، واتهمت اللجنة الأولمبية المحلية بعدم القيام بدورها المنوط بها، للحيلولة دون صدور قرار الإيقاف بحق الرياضة الكويتية، معتبرة أن الأولمبية كانت “السبب الرئيسي” في صدوره.
وزعمت الهيئة حينها، أن الشارع الرياضي الكويتي على قدر كبير من الوعي، ويستطيع التمييز بين من ورط الرياضة والرياضيين الكويتيين لأجل مصالح شخصية ضيقة، ومن يسعى لإعلاء سيادة الدولة والحفاظ على مكتسباتها ورعاية الحركة الرياضية وشبابها، دون أن يتطرق رد الهيئة إلى أي حديث عن القانون سبب الأزمة.
اضف تعليقا