العدسة – معتز أشرف

يبدو أن قطارالرشاوي السلمانية انطلق ولن يتوقف في بلاد العم سام، وكانت أولى محطاته لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأمير السعودي الطائش محمد بن سلمان، ليخرج الحديث بعدها من الكواليس إلى العلن بحديث ترامب عن ضرورة المشاركة في ثروات البقرة الحلوب، وهو ما نحاول رصده في ظل الإصرار الأمريكي على حلب السعودية حتى آخر ريال سعودي.

7 محطات للرشاوي!

في أسبوعين من المقرر أن تواصل دبلوماسية الشيكات السعودية دورها في أمريكا، بحسب المراقبين؛ حيث تتوقف في سبع محطات بدأت بلقاء “ترامب” لمناقشة العديد من المحاور الهامة التي تهم البلدين، منها التصدّي للفوضى الإيرانية، بحسب وصف دوائر الإعلامي السعودي الرسمي، وصفقة القرن، والمستجدات في سوريا خاصة دور روسيا، يتبعها لقاءات بحسب البرنامج السعودي المعلن في بورصة نيويورك وجامعتي هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا خلال زيارته إلى بوسطن والمديرين التنفيذيين من جنرال إلكتريك للحديث عن تطوير محطات الطاقة النووية في المملكة، حيث تسعى المملكة لتوطين صناعتها الدفاعية، ومقر شركتي أمازون وبيونج العملاقة، بجانب زيارة عاصمة النفط الأمريكية – مدينة هيوستن بولاية تكساس – كما لدى شركة أرامكو العملاق السعودي فرع في هيوستن، ويتوقع أن يلتقي بعدة شركات نفطية شهيرة إلى جانب عدد آخر من الشركات العملاقة الموجودة في وادي السيليكون، مع اجتماعات مع شركات ومستثمرين في مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا.

وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الامريكية، فإن المملكة من خلال الجولة تسعى لتحسين صورتها لدى المستثمرين والشركات الأجنبية بعد توقيف حوالي 350 من نخبة رجال الأعمال في السعودية عقب حملة مكافحة الفساد التي أطلقتها مطلع نوفمبر الماضي، وتعتزم الرياض عبر الاستثمارات الأجنبية، حسب الصحيفة، تنويع اقتصادها والابتعاد عن النفط في إطار خطة للتحول الاقتصادي تتضمن طرح جزءٍ من عملاق النفط السعودي “أرامكو” للاكتتاب العام، مؤكدةً أنّ هذا الطرح يعدّ أحد محاور زيارة محمد بن سلمان.

كم يدفع؟!

إنها زيارة مدفوعة الثمن، بحسب موقع “ذا أمريكان كونسرفاتيف” الأمريكي البحثي الذي كشف عن أنَّ اللوبي السعودي في أمريكا كثف نشاطه من أجل تمهيد الطريق أمام زيارة ولي العهد محمد بن سلمان وسخر الموقع من الطريقة التي يتوقع أن تستقبل بها المؤسسات الأمريكية ابن سلمان”، وقال: “سيسير بقدميه على السجادة الحمراء التي طرحها البيت الأبيض والكونجرس ومؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن”، متسائلا: ولمَ لا؟”، ويجيب “لقد دفع ابن سلمان ثمن تلك السجادة بالفعل”، وذلك في إشارة إلى الصفقات التي عقدتها الإدارة الأمريكية مع السعودية في مايو الماضي خلال زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى المملكة التي بلغت قيمتها ما يقارب 400 مليار دولار، مضيفًا أنه “لا يوجد زعيم في العالم على قيد الحياة أنفق مليارات الدولارات في واشنطن على شركات وجماعات الضغط، ومراكز الأبحاث، مثلما فعل ابن سلمان“.

المبلغ الأول في المشهد كشفه الرئيس الامريكي دونالد ترامب، خلال المأدبة التي عقدها للأمير السعودي في البيت الأبيض؛ حيث قال ترامب: “شرف لنا أن نلتقي بالوفد السعودي الذي التقيت أغلب أفراده في مايو الماضي حينما وعدتنا السعودية بـ400 مليار دولار لشراء معداتنا العسكرية وأشياء أخرى”، مضيفًا أنّ السعودية دولة ثرية جدًا.. وستعطينا جزءًا من هذه الثروة في شكل وظائف أو شراء معدات عسكرية، كما نأمل “.

ووفق مسؤول رفيع من إدارة الرئيس ترامب فإنه “خلال الأشهر التسعة الماضية، وافق الكونجرس على بيع أسلحة بقيمة 54 مليار دولار أمريكي إلى المملكة، وتابعت وزارة الدفاع عدة برامج لبناء قدراتها وإمكانياتها، كما كشف عن أن “تعد السعودية ثالث أكبر مَصْدَرٍ للاستثمارات الأجنبية من الشرق الأوسط في الولايات المتحدة، بعد إسرائيل والإمارات، بقيمة بلغت 12.3 مليار دولار في العام 2016، ودعمت أكثر من 10 آلاف وظيفة أمريكية”، موضحًا أنّ إحدى أسباب زيارة ولي العهد ستكون: “من أجل دعم صفقات تجارية مع الشركات الأمريكية، بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار، من شأنها أن تخلق 120 ألف وظيفة جديدة في أمريكيا”، كما ينتظر أن تستثمر السعودية في البنية التحتية الأمريكية، بقيمة 20 مليار دولار.

أجندة المليارات

وينتظر ابن سلمان دفاتر شيكات كثيرة، ووفقا لواشنطن بوست، فإن مورين شومان، المتحدثة باسم شركة “لوكهيد مارتن” العسكرية الأمريكية قالت: “أكبر صفقة سيتم إبرامها مع السعودية ستكون بقيمة 28 مليار دولار، وستكون مخصصة للدفاع الجوي المتكامل، وأبرزها الصواريخ الدفاعية والسفن القتالية والطائرات التكتيكية، وتابعت “معظم تلك الاتفاقيات تم التوافق عليها خلال زيارة ترامب إلى المملكة، ونعمل في الوقت الحالي على إتمامها من خلال موافقة كلا الحكومتين”.

وأوضحت الصحيفة أنَّ الخارجية الأمريكية أبلغت الكونجرس في 6 أكتوبر من العام الماضي، أنها وافقت على بيع محتمل لحكومة السعودية للنظام الصاروخي المضاد للصواريخ الباليستية المعروف باسم منظومة “ثاد”، مقابل ما يقدر بـ15 مليار دولار أمريكي، أضافت “واشنطن بوست”: “لكن لا يزال العقد غير مفعل، فيما أوضحت “لوكهيد مارتن” أنها اتفقت على مشروع مشترك مع السعودية لتشييد مصنع يمكنه بناء نحو 150 مروحية “بلاك هوك إس-70” في المملكة، وهو ما سيوفر نحو 450 وظيفة في السعودية.

شركة “جنرال إلكتريك” الأمريكية، تبحث كذلك عن توقيع صفقة متأخرة منذ زيارة ترامب للسعودية تقدر بقيمة 15 مليار دولار، وقال ممثل شركة “جنرال إلكتريك” للصحيفة الأمريكية: “ننخرط في حوار بناء مع الجهات الحكومية السعودية ذات الصلة”، وكشف أن الرئيس التنفيذي لجنرال إلكتريك أجرى عددًا من التطويرات بالشركة وغير ثلثي كبار المسؤولين التنفيذيين فيها خلال الأشهر التسعة الماضية، وسيسافر عدد كبير منهم إلى المملكة هذا الأسبوع لإبرام عدد من الاتفاقات.

مقابل متعثر

عقدة ايران حاضرة في دفاتر الشيكات السعودية، حيث تطرق الاجتماع مع الرئيس الأمريكي إلى الاتفاق النووي الذي عقدته القوى الكبرى مع إيران في عام 2015، واستمع ترامب إلى “وجهة نظر بن سلمان فيما يتعلق بانعكاسات هذا الاتفاق على المنطقة”، بحسب ما قال المصدر من البيت الأبيض، ويشكل الاتفاق النووي الإيراني مصدر قلق كبير للسعودية وإسرائيل؛ حيث يندد بن سلمان ونتنياهو بالاتفاق منذ وقت طويل ويبرران ذلك بأن الاتفاق قصير الأجل ولا يشمل بنودًا حول برنامج إيران للصواريخ البالستية أو دعمها لمسلحين مناهضين لإسرائيل في المنطقة. وسبق لنتنياهو أن وصف الاتفاق بـ “الخطأ التاريخي”.

ووفقًا لصحيفة “واشنطن بوست ” الأمريكية فإنَّ من أهم “العقبات”، التي تنتظر محمد بن سلمان، خلال لقائه مع كبار المستثمرين الأمريكيين، تتعلق بتقديمه تفسيرًا واضحًا للحرب على الفساد، والصراع المزعوم مع عددٍ من الأمراء البارزين في المملكة، كما سيكون إنقاذ السعودية من مستنقع اليمن،  الحاضر الثالث في دفاتر المقابل المالي، ومن المقرر أن يكون اللقاء مع أعضاء في الكونجرس للرد على التنديد بالدور السعودي في هذه الأزمة، إذ يعتزم أعضاء من الكونجرس الحدّ من الدعم العسكري الأمريكي للرياض بسبب النزاع اليمني، لكن مسؤولًا أمريكيًا قال: “دون التوصل إلى حل لإنهاء الحرب اليمنية فإنَّ أفضل ما يمكننا القيام به هو التهدئة”.

أزمة سوريا حضرت في دفاتر المقابل، حيث كشف مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية، أن الرئيس دونالد ترامب، سيبحث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كيفية “إجبار روسيا على دفع ثمن” إجراءاتها في سوريا ودعمها لإيران، إلا أنَّ الكرملين رد بقسوة وسريعا بقوله : “سددنا ونسدد دائما حساباتنا ولن نسدد حسابات الآخرين”.