كشفت منظمة العفو الدولية عن استخدام معدات عسكرية فرنسية في المركبات المدرعة التي تُصنَّع في الإمارات لدعم قوات الدعم السريع في السودان، مما يُعد انتهاكًا صارخًا لحظر توريد الأسلحة المفروض على دارفور منذ عام 2004.

وذكرت المنظمة أن هذه المركبات، مثل ناقلات الجند “نمر عجبان”، مجهزة بنظام الحماية “غاليكس” المصمم في فرنسا، والذي يُستخدم على أرض المعركة لتحييد الأفراد بشكل فعال.

هذه الأدلة تعزز الاتهامات ضد الإمارات بأنها شريك في تغذية الحرب الأهلية التي خلفت آلاف القتلى وملايين النازحين.  

على الرغم من النفي المتكرر من أبو ظبي لتورطها في تسليح قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، فإن الأدلة تُظهر دورًا خفيًا للإمارات في تأجيج الصراع لتحقيق مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية. 

تحالف الشر 

استثمرت الإمارات ما يزيد عن 6 مليارات دولار في السودان منذ عام 2018، تشمل مشاريع زراعية، وميناء على البحر الأحمر، ودعم البنك المركزي السوداني. كما تجنّد الإمارات مقاتلين سودانيين، أغلبهم من قوات الدعم السريع، لخدمة مصالحها العسكرية في صراعات أخرى، أبرزها اليمن.  

في خطوة لزيادة سيطرتها على الموارد السودانية، تعاونت الإمارات مع مجموعة فاغنر الروسية، التي تنشط في استخراج الذهب وغيره من الموارد في السودان، لكن تقارير أممية أشارت إلى عمليات لوجستية تديرها الإمارات لإرسال الأسلحة لقوات الدعم السريع عبر دول مجاورة مثل ليبيا وتشاد، في انتهاك صريح للحظر الأممي. 

هذا التحالف يبرز رغبة الإمارات في استغلال الأوضاع غير المستقرة في السودان لتحقيق مكاسبها الاقتصادية، خاصة في تجارة الذهب التي جعلتها مركزًا عالميًا لغسل الذهب المهرب.  

السودانيون بين المجاعة والنزوح

في ظل استمرار الحرب، بات السودان يواجه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع نزوح أكثر من 11 مليون شخص داخليًا وخارجيًا. وأصبح السودان، الذي يُعرف بـ”سلة غذاء أفريقيا”، على شفا مجاعة كارثية، نتيجة الحروب وتدهور الزراعة. 

دور الإمارات في إطالة أمد النزاع عبر دعمها لقوات الدعم السريع يعمّق هذه الأزمة الإنسانية، مما يجعلها شريكًا أساسيًا في الكارثة السودانية، فيما أكدت تقارير أن حاجة الإمارات إلى الأمن الغذائي، دفعتها إلى الطمع بالأراضي الزراعية السودانية. 

لكن شركتان إماراتيتان تعملان على زراعة 50 ألف هكتار في شمال السودان، وتخططان لتوسيع هذه المساحات. ورغم أهمية هذه الاستثمارات، فإن الإمارات تستخدم قوات الدعم السريع لحماية مصالحها الزراعية، مما يجعلها جزءًا من الصراع بدلاً من أن تكون عاملًا للتنمية.  

التدخل الإماراتي في السودان يثير انتقادات دولية متزايدة. منظمات حقوقية، مثل منظمة العفو الدولية، دعت باريس لوقف توريد أنظمة الأسلحة للإمارات، بينما تصاعدت الأصوات المنددة بممارسات أبو ظبي، بما في ذلك إلغاء مغني الراب الأمريكي ماكليمور حفله في دبي احتجاجًا على دور الإمارات في “الإبادة الجماعية” بالسودان.  

الخلاصة أن النظام الإماراتي في السودان يعكس نمطًا متكررًا لسياستها الخارجية، حيث تستخدم التحالفات المحلية لتعزيز مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، ولو على حساب الشعوب. 

وكذلك فإن الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع، سواء بالسلاح أو بالدعم اللوجستي، يؤكد أن أبو ظبي لا تتوانى عن الانخراط في الصراعات لتحقيق أهدافها، مما يُلقي بظلاله على مستقبل السودان والمنطقة بأسرها.

اقرأ أيضًا : زبانية بن زايد يتلذذون بتعذيب المعتقلين وقتلهم بالبطيء.. هذا ما كشفته المنظمات الحقوقية