انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية مقاطع فيديو وصور كالنار في الهشيم تكشف وجود مستودع للذخيرة والصواريخ الإماراتية في مدينة ود مدني بالسودان، بعد أن تمكنت القوات المسلحة السودانية من السيطرة على المدينة الاستراتيجية التي كانت تحت قبضة قوات الدعم السريع.

يذكر أنه في مقاطع الفيديو، يظهر جنود سودانيون وهم يتجولون داخل المستودع المليء بصناديق كبيرة من الذخيرة والصواريخ وأكد أحد الجنود أن جميع الأسلحة الموجودة مصدرها الإمارات.

تلك الفيديوهات أثارت تساؤلات حول طبيعة الدعم الذي تقدمه أبوظبي لطرفي الصراع يأتي هذا في وقت صرحت فيه القوات المسلحة السودانية بأنها استعادت السيطرة على المدينة بالتعاون مع جماعات مسلحة متحالفة معها.

كشف الأدوار الخفية الخبيثة

مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع لمدة عام كامل، منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023. ومع إعلان قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، خسارة المدينة، لم يتردد في التلويح بعودة السيطرة عليها في المستقبل، ما يشير إلى استمرار التصعيد.

تشير التقارير إلى أن الإمارات لعبت دورًا محوريًا في استمرار الصراع من خلال تقديم دعم عسكري لقوات الدعم السريع. ووفقًا لمصادر دبلوماسية، فإن هذا الدعم ساهم في إطالة أمد الحرب ومنح قوات الدعم السريع القدرة على مواصلة القتال.

وكشف تقرير لوكالة “رويترز” في ديسمبر الماضي عن هبوط عشرات الرحلات الجوية القادمة من الإمارات في مطار يقع على الحدود التشادية، حيث تم استخدامه لنقل الأسلحة إلى السودان. وفي يناير 2024، أكدت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة وجود أدلة موثوقة تشير إلى أن الإمارات قدمت إمدادات عسكرية عبر هذا المطار، ما يعكس تورطها العميق في الأزمة.

ورغم ذلك، تظل الاستجابة الدولية إزاء هذا الدور خجولة. حيث وصفت بعض المصادر الغربية الإمارات بأنها “الممكنة” للحرب في السودان، لكن الانشغال الأمريكي بقضايا أخرى حال دون ممارسة ضغوط جدية على أبو ظبي.

نتائج كارثية

أدى الصراع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة. فبحسب الأمم المتحدة، نزح أكثر من 11 مليون شخص، فيما يقف أكثر من 8 ملايين على حافة المجاعة. 

ومع إعلان الولايات المتحدة عن وقوع إبادة جماعية في السودان، تم فرض عقوبات على حميدتي وأقاربه، لكن هذه الإجراءات لم تحاصر الأطراف الإقليمية التي تؤجج الصراع.

واتُهمت قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، لكن اللافت أن طرفي الصراع استفادا من الحرب من خلال تهريب وبيع السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود والأدوية.

بن زايد شيطان العرب

لا يمكن النظر إلى دور الإمارات في السودان بمعزل عن سياساتها الإقليمية. فمن الواضح أن أبو ظبي تستغل حالة الفوضى لتعزيز نفوذها الجيوسياسي، سواء عبر دعم الفصائل المسلحة أو استغلال الثروات الطبيعية في مناطق الصراع.

وما الكشف عن المستودعات العسكرية إلا دليل على نواياها الحقيقية، حيث لا يقتصر دعمها على الجانب اللوجستي فقط، بل يمتد إلى خلق بيئة تسمح باستمرار الفوضى لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.

مع تصاعد الانتقادات للدور الإماراتي في السودان، تزداد المطالب بضرورة محاسبة الدول المتورطة في تأجيج الصراعات. فاستمرار الحرب لا يعني فقط معاناة الشعب السوداني، بل يشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي، وعلى المجتمع الدولي أن يتجاوز مرحلة الإدانة اللفظية إلى اتخاذ خطوات ملموسة لكبح التدخلات الخارجية، بما فيها الإمارات.

الخلاصة إن الدور الإماراتي في الصراع السوداني يمثل نموذجًا واضحًا لكيفية استغلال الحروب لتحقيق مكاسب ضيقة على حساب الشعوب، وما لم يتم وضع حد لهذه السياسات، ستظل المنطقة بأكملها رهينة للفوضى التي تصنعها القوى الطامعة.

اقرأ أيضًا : البداية من درعا.. كيف يخطط محمد بن زايد لإفشال الثورة السورية ؟