تصدرت القاهرة تصنيف الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان لعدد السجون في البلاد العربية، في تقرير أصدرته المنظمة المستقلة حول ما وصفته بالأوضاع الصعبة في السجون العربية، أشارت فيه إلى تزايد أعداد السجون والسجناء في مصر منذ ثورة يناير 2011، وأكد أن مصر تمتلك وحدها 78 سجنا، بينهم 35 تم بناؤها بعد ثورة يناير.

التقرير الذي جاء تحت عنوان “عن الأوضاع الصعبة للسجناء”، أوضح أن عدد السجون الجديدة التي صدرت قرارات بإنشائها بعد ثورة يناير وحتى الآن، بلغ 35 سجنا، تضاف إلى 43 سجنا رئيسيا قبل ثورة يناير؛ ليصبح عدد السجون الأساسية 78 سجنا.

وعن عدد نزلاء تلك السجون، قدّرت المنظمة الحقوقية عدد السجناء والمحبوسين احتياطيا والمحتجزين في مصر حتى بداية مارس 2021 بنحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي، وحوالي 54 سجين ومحبوس جنائي، ونحو ألف محتجز لم تتوصل لمعرفة أسباب احتجازهم. كما قدرت أن عدد السجناء المحكوم عليهم إجمالا بلغ نحو 82 ألف سجين، فيما يبلغ عدد المحبوسين احتياطيا حوالي 37 ألف محبوس.

استهداف متعمد

بالتوازي مع ذلك، عبرت منظمة العفو الدولية عن قلقها من تصاعد الهجمات على حرية الصحافة في مصر، والاعتقالات بحق الصحفيين، وقالت إنها قلقة للغاية إزاء الهجمات المستمرة على حريات الصحافة في مصر، حيث اعتقل مصر عشرات الصحفيين على الأقل منذ أوائل سبتمبر الماضي، بينما لا يزال آخرين وراء القضبان لمجرد عملهم الصحفي أو تعبيرهم عن آرائهم.

ويقبع بالسجون المصرية حاليا نحو 29 صحفيا، وفق إحصاء أعدته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان التي أوضحت في تقريرها أن وزارة الداخلية المصرية تواصل عبر إدارة السجون ممارسة التمييز بين السجناء، على أساس خلفية السجين وأسباب سجنه، فالسجناء السياسيون المعارضون، ينالهم التنكيل والقمع والحرمان من العديد من الحقوق، التي كفلها لهم الدستور والقانون، مثل الزيارة، أو استقبال الأطعمة، أو حق المكالمة الهاتفية، أو الرعاية الصحية؛ بل وحرمانهم من حضور جلسات تجديد حبسهم.

وتحدث التقرير عن قيام العديد من أسر السجناء برفع قضايا لإلزام وزارة الداخلية بالسماح لهم بزيارة ذويهم السجناء، مثل أسرة المحامي عصام سلطان، والرئيس الراحل محمد مرسي، في المقابل فإن سجناء آخرين مثل الرئيس الأسبق مبارك وأولاده وبعض رموزه، الذين تم سجنهم لفترات بسيطة، كانت تتم زيارتهم سواء من أقاربهم أو من أصدقائهم، كما تم الإفراج عن متهمين بالقتل مثل هشام طلعت مصطفى أو متهمين بالبلطجة مثل صبري نخنوخ.

وأشار إلى عدم اعتراف وزارة الداخلية أو أجهزة الدولة بوجود سجناء سياسيين من الأساس، رغم أن الكثير من السجناء والمحبوسين احتياطيا وبعضهم لمدة سنوات، كان سبب حبسهم مجرد منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أو مقال أو تظاهرة سلمية أو حوار مع قناة فضائية.

استمرار للانتهاكات

ومؤخرا، أصدرت محكمة مصرية حكما بالسجن المؤبد على محمود عزت الذي كان قائما بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بعد أشهر من القبض عليه في شقة بالقاهرة، في أغسطس الماضي خلال مداهمة لشقة سكنية في منطقة التجمع الخامس شرقي القاهرة.

وفيما اعتبر ضربة جديدة للجماعة التي تستهدفها السلطة العسكرية منذ 2013 عندما قاد عبد الفتاح السيسي (وزير الدفاع آنذاك) انقلابا عسكريا عطّل الدستور وعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي كان ينتمي للجماعة، قال مصدر قضائي إن الحكم الصادر على عزت جاء بناء على إدانته في القضية المعروفة إعلاميا بأحداث مكتب الإرشاد، حيث تم اتهامه بعدة اتهامات بينها التحريض على العنف وتوفير أسلحة خلال اشتباكات خارج مقر الجماعة بين أنصارها ومعارضيها عام 2013.

وتتعلق القضية باعتداءات وقعت في 30 يونيو 2013، على مقر مكتب الإرشاد (أعلى هيئة تنفيذية للجماعة)، بضاحية المقطم جنوب شرقي القاهرة، أسفرت عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 91 آخرين. وكانت أحكام بالسجن المؤبد قد صدرت أيضا في قت سابق بحق عدد من قيادات الإخوان المسلمين في ذات القضية.

خارج السجون أيضا

ولم يتوقف الاضطهاد عند المحبوسين وحسب، بل أعلنت هذا الأسبوع السلطات العسكرية المصرية، إدراج 51 عضوا من “جماعة الإخوان المسلمين”، على “قائمة الكيانات الإرهابية” لمدة 5 سنوات. وفي يناير الماضي، ذكرت صحيفة “اليوم السابع” الموالية للنظام العسكري أن عدد المدرجين على “قوائم الإرهاب” في مصر بلغ 6 آلاف و602 شخص و8 جماعات، بينهم قيادات في المعارضة وجماعة الإخوان.

ويضع قانون الإدراج على قوائم الإرهاب مدة زمنية لتوصيف الشخص إرهابيا أو الجماعة إرهابية، مع إمكانية تكراره، ويترتب عليه إجراءات، بينها المنع من السفر ومصادرة الأموال غيما يقول الحقوقيين إن وصف الإرهاب في مصر لم يعد مقتصرا على آلاف المعارضين والكيانات الإسلامية المناهضة للانقلاب، إذ طالت “قوائم الإرهاب” ناشطين ليبراليين ويساريين بارزين، مثل قضية ما عرف بـ”تحالف الأمل” العام الماضي.

حملات متلاحقة

ومنذ الانقلاب على الرئيس محمد مرسي الذي كان أول رئيس مدني منتخب في مصر، واصلت السلطات حملات ملاحقة استهدفت قيادات وكوادر بالجماعة ووجهت إليهم تهما متعلقة بالإرهاب، لكن تقرير المنظمة الحقوقية عاد ولفت إلى أن وزارة الداخلية تسعى إلى التعتيم على القمع ومحاولة إخفائه وتجميل صورتها، مستخدمة مؤسسات حقوقية متواطئة، مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان الحكومي، كما أن السلطة توظف أغلب وسائل الإعلام، التي باتت تحت سيطرتها في تقديم صورة زائفة عن أوضاع السجناء المتردية.

وختم التقرير باتهام السلطات العسكرية باستغلال جائحة كورونا في “ارتكاب مزيد من القمع والانتهاكات، والذي بدوره أدى إلى مزيد من الاحتقان داخل المجتمع المصري من أسر المحتجزين والمهمومين بالحريات والمحتجزين أنفسهم؛ مما أدى لتزايد الخصومة بين السلطات والمهمومين بالحريات وسيادة القانون”.

اقرأ أيضًا: خيارات مصر والسودان في أزمة سد النهضة بعد فشل المفاوضات