كشفت تقارير موثوقة عن وجود أدلة متزايدة تشير إلى تورط الإمارات في دعم أحد أطراف الحرب الأهلية السودانية، متجاوزة بذلك الادعاءات الرسمية حول تقديم المساعدات الإنسانية. 

في ظل استمرار الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف وشرد الملايين، تشير بيانات الأقمار الاصطناعية ورحلات الطيران إلى أن الدعم العسكري لقوات الدعم السريع يأتي عبر مهبط صغير للطائرات في تشاد، مع وجود صلات وثيقة بالإمارات.

منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، رُصدت 86 رحلة على الأقل من الإمارات إلى مهبط “أم جرس” في تشاد. هذه الرحلات تديرها شركات طيران سبق اتهامها بنقل أسلحة إلى ليبيا، مما يثير شكوكاً حول الغرض الحقيقي من هذه العمليات.

 وبينما تصر الإمارات على أن الهدف من هذه الرحلات هو تقديم المساعدات الإنسانية، تظهر مقاطع مصورة وبيانات تحليلية أن الحمولات التي تصل إلى المهبط لا تحمل صفات المساعدات الإنسانية المعروفة.

مساعدات برائحة الدماء

وفقًا لخبراء أمميين، تُظهر الصناديق المعدنية المشبوهة سمات أسلحة وذخائر وليس مواد إغاثية. على الرغم من نفي الإمارات المتكرر، هناك أدلة تشير إلى أن هذه الصناديق تحتوي على معدات عسكرية تستهدف دعم قوات الدعم السريع، التي تُعرف بتاريخها الدموي وانتهاكاتها لحقوق الإنسان.

منذ ثورات الربيع العربي، عملت الإمارات على تعزيز نفوذها الإقليمي عبر التدخل في صراعات مختلفة، مستهدفة الجماعات الإسلامية وأي حركات تعارض سياساتها، يتجلى هذا التدخل في ليبيا واليمن، والآن في السودان، حيث تدعم الإمارات طرفاً على حساب آخر، مما يؤدي إلى تعميق الانقسامات وإطالة أمد الصراعات.

يُعد السودان ساحة مفتوحة للصراع بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع، التي نشأت من ميليشيات الجنجويد سيئة السمعة. دعم الإمارات لهذه القوات يُعتبر تحالفًا مع طرف يسعى لترسيخ نفوذه العسكري والسياسي في السودان على حساب المدنيين. 

التحليلات تشير إلى أن الدعم اللوجستي المستمر عبر تشاد يُعطي الأفضلية لقوات الدعم السريع، مما يُطيل أمد الصراع ويزيد من عدد الضحايا المدنيين.

تفاقم الأزمة بفعل الإمارات

على الرغم من تصريحات الحكومة الإماراتية بأنها أرسلت مئات الأطنان من المساعدات الإنسانية إلى السودان عبر تشاد، تظهر الشهادات والتقارير الميدانية تناقضاً واضحاً. 

فالمنظمات الدولية، مثل الهلال الأحمر والصليب الأحمر، لم تتعرف على الأنشطة الإماراتية المزعومة في مهبط أم جرس أو المستشفى الميداني الذي أُنشئ هناك.

مصادر أمنية وتشادية أكدت أن الحمولات التي تصل إلى أم جرس تشمل معدات عسكرية تُنقل لاحقاً إلى السودان. هذا النمط من السلوك يشير إلى أن الإمارات تستخدم المساعدات الإنسانية كغطاء لنقل الأسلحة ودعم الميليشيات.

تتزايد الانتقادات الدولية تجاه دعم الإمارات لقوات الدعم السريع، خاصة من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا. تقارير استخباراتية أكدت أن الدعم الإماراتي يتم عبر شبكات طيران تستخدم مطارات إقليمية في كينيا، أوغندا، والصومال.

وفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز”، تعمل الإمارات على استغلال ممرات إنسانية مزعومة لنقل طائرات مسيرة وأسلحة حديثة. هذه الخطوات لا تخدم فقط مصالح الإمارات الإقليمية، بل تُفاقم الوضع الإنساني في السودان وتزيد من تعقيد الأوضاع السياسية.

الخلاصة أنه مع تزايد الأدلة على دور الإمارات في تغذية الصراع السوداني، تتضح الحاجة إلى موقف إقليمي ودولي أكثر حزمًا. الصمت الدولي والإقليمي يُشجع على استمرار هذه السياسات، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية وزيادة التوترات.

المطلوب اليوم ليس فقط كشف الحقائق، بل العمل على محاسبة الأطراف المتورطة في تأجيج الصراع، سواء عبر تقديم الدعم العسكري أو استغلال المساعدات الإنسانية كغطاء لتحقيق مكاسب سياسية.

اقرأ أيضًا : كيف حاول نظام بن زايد حماية بشار الأسد في لحظات سقوطه الأخيرة؟