منذ بداية القصف الإسرائيلي على غزة السبت الماضي، سقط أكثر من 900 قتيل في القطاع جراء الهجمات التي استهدفت المدارس والمستشفيات والمنازل حتى أصبح “لا يوجد أي مكان آمن في غزة في الوقت الحالي” حسب العاملون في المجال الإنساني، خاصة مع إسرائيل المعبر الحدودي الوحيد مع مصر، مما يمنع اللاجئين من إيجاد أي ملاذ آمن.
الهجمات الإسرائيلية أصابت المباني السكنية والمستشفيات والمدارس في جميع أنحاء القطاع وسط قلق متزايد بشأن تدمير البنية التحتية المدنية في الوقت الذي تعهدت فيه إسرائيل بفرض حصار كامل.
وحسب وزارة الصحة الفلسطينية فإن أكثر من 900 شخص قتلوا وأصيب 4250 منذ يوم السبت، بينهم مئات الأطفال.
في تصريحات خاصة، قال نضال حمدونة، العامل الإنساني في منظمة Church Aid النرويجية الدنماركية: “أعتقد أن هذا هو التصعيد الأكثر خطورة الذي قابلته خلال فترة عملي… لقد ولدت هنا في غزة، وشهدت التصعيدات السابقة”.
وقال متحدثا من الطرف الشمالي لمدينة غزة: “الوضع الذي نواجهه ينطوي على غارات جوية وقصف مكثف يستهدف مواقع مختلفة في جميع أنحاء قطاع غزة، بما في ذلك الحي الذي أعيش فيه… المشكلة هي أنه لا يوجد مكان آمن للذهاب إليه في غزة في الوقت الحالي.”
وتابع “لقد شهدت حروب 2008 و2014 و2021، لكن الهجوم الحالي شيء فريد من نوعه من حيث الحدة والشراسة… لقد قُتلت عائلات بأكملها… المقلق في الأمر هو عدم وجود مكان آمن يذهب إليه المدنيون”.
قالت منظمة غير حكومية مصرية إن المعبر الحدودي الوحيد لغزة مع مصر، والذي يعتبر نقطة الدخول الوحيدة التي لا تسيطر عليها إسرائيل، تعرض لقصف جوي إسرائيلي يوم الثلاثاء للمرة الثالثة خلال 24 ساعة.
في سياق متصل، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في بيان إن أكثر من 200 ألف شخص نزحوا في غزة، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد، وأضاف البيان أن الغارات الجوية دمرت 790 وحدة سكنية وألحقت أضرارا جسيمة بـ 5330 وحدة سكنية.
ويهدد العدد المتزايد للجرحى بإرهاق ما تبقى من نظام الرعاية الصحية الهش في غزة بعد الحصار الذي فرضته السلطات الإسرائيلية منذ 16 عامًا والذي أدى إلى الحد من تدفق الأشخاص والوقود ومواد البناء والمواد الغذائية.
من جانبه، قال محمود شلبي من منظمة المساعدة الطبية للفلسطينيين: “خرج مستشفى بيت حانون في شمال غزة عن الخدمة بسبب الأضرار الجانبية التي لحقت به نتيجة القصف حوله… كما أن الطرق المحيطة به مدمرة، لذا لا يمكن الوصول إليه الآن”.
وتحدث شلبي عن الأضرار التي لحقت بأكبر مستشفى في غزة، مستشفى الشفاء في مدينة غزة، والذي كان بمثابة نقطة الرعاية المركزية لسكان القطاع، خاصة خلال لحظات الأزمة.
وقال: “تعرضت وحدة الأطفال حديثي الولادة في مستشفى الشفاء، وهو المستشفى المركزي لعلاج الصدمات والأكبر في غزة، لأضرار جزئية بسبب القصف الذي استهدف محيط المستشفى”.
وأضاف أن “الطرق المحيطة بالشفاء تأثرت بشكل كبير، مما يحد من الحركة إليها، في حين تعاني جميع المستشفيات بشكل كبير من نقص الإمدادات والكوادر”، وتابع “أمس، دعت وزارة الصحة كافة الممرضين والممرضات في غزة إلى البدء بالعمل التطوعي في أقرب مستشفى”.
في سياق متصل، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه إزاء التقارير المتزايدة التي تفيد بأن الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي أصاب البنية التحتية المدنية، وأضاف: “بينما أدرك المخاوف الأمنية المشروعة لإسرائيل، فإنني أذكّر إسرائيل أيضًا بأن العمليات العسكرية يجب أن تتم بما يتفق بشكل صارم مع القانون الإنساني الدولي”، وأضاف “يجب احترام المدنيين وحمايتهم في جميع الأوقات. يجب ألا تكون البنية التحتية المدنية هدفًا أبدًا”.
وقال غوتيريش في وقت سابق إنه يشعر “بحزن عميق” بسبب التعهدات الإسرائيلية بفرض “حصار كامل” على غزة وذلك في بيان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي قال إنه “لن يُسمح بدخول الكهرباء ولا الغذاء ولا الماء ولا الوقود” إلى المنطقة المكتظة بالسكان بعد توغل غير مسبوق لمسلحي حماس داخل إسرائيل، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1000 إسرائيلي، وهي أكبر خسارة في الأرواح نتيجة هجوم مسلح في تاريخ إسرائيل.
ونصح المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت الفلسطينيين بـ”الخروج” والهروب من الغارات الجوية عبر المعبر الحدودي الجنوبي مع مصر، قبل أن يصدر مكتبه بيانا توضيحيا بأن المعبر مغلق الآن، ومن الجدير بالذكر أنه لا يوجد في غزة ملاجئ آمنة يذهب إليها المدنيون في حال الخطر.
وقال حمدونة: “هذه المرة هي بالفعل كارثة على سكان غزة بالكامل – أكثر من مليوني شخص يتعرضون لإطلاق النار ويتأثرون بشكل مباشر بهذه الحرب والتصعيد بسبب الحصار الكامل”، متوقعا ارتفاعا حادا في عدد النازحين داخليا.
وتابع “هناك قلق حقيقي بشأن توافر المياه… لديّ ماء ليوم واحد كحد أقصى، ولا أعرف إذا كان بإمكاني الحصول على المزيد… لا أعرف عن مدى توفر الطعام… ولكن هناك أيضًا قيود على الحركة، سواء كان بإمكاني الوصول بأمان إلى السوبر ماركت، أو إلى أي مدى يمكن للشاحنات أن تصل إلى منزلي لنقل مياه الشرب… كل هذه الأمور جعلت الوضع أسوأ بكثير، إضافة إلى الغارات الجوية المكثفة التي استهدفت كل شيء”.
وأضاف “هذا عقاب جماعي لجميع سكان غزة… المدنيون ليسوا آمنين، ولا يمكنهم الوصول إلى احتياجاتهم الأساسية – الماء والغذاء، كما أن القطاع الصحي يتدهور في ظل تزايد أعداد المصابين”.
كما قال حمدونة “لقد تأثر كل جانب من جوانب حياتنا… تعتبر الكهرباء مصدر قلق كبير، لدينا الآن ثلاث ساعات على الأكثر يوميًا، وقد أعلنت محطة الكهرباء في غزة أنه خلال أيام قليلة لن تصلها الكهرباء على الإطلاق… هذا سيؤثر على الوصول إلى الصرف الصحي، وعلى الأمن الغذائي، بالإضافة إلى المزيد من المشاكل المتعلقة بالاتصالات”.
وأضاف: “لا أستطيع حتى فتح جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي لتدوين الملاحظات – فأنا أحاول توفير الكهرباء في المنزل لشحن هاتفي… باعتباري عاملًا في المجال الإنساني، لا أستطيع حتى العمل من منزلي استجابة للأزمة… إنه أمر مرعب… القلق هو ما سيأتي بعد ذلك – نحن على موعد مع كارثة أخرى في الأيام القليلة المقبلة.”
يُذكر أن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه استدعى 300 ألف جندي احتياط وبدأ في تركيب ما وصفه متحدث بأنه “جدار حديدي” من الدبابات والمروحيات حول حدود غزة قبل غزو بري واسع النطاق متوقع للقطاع المحاصر.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا