قبل أسابيع قليلة، انتقد المواطن الأمريكي من أصل مصري شريف عثمان النظام المصري بسبب سجله السيء في مجال حقوق الإنسان، ودعا إلى احتجاجات في الولايات المتحدة ضد COP27 حيث التقى الرئيس بايدن بالزعيم المصري المستبد.

لم يتوقع المواطن الأمريكي أن يدفع ثمن انتقاده للسيسي ونظامه بهذه السرعة، إذ قبض عليه أثناء زيارته للإمارات العربية المتحدة، ويواجه الآن خطر التسليم إلى وطنه الأصلي مصر.

كان شريف عثمان، 46 عامًا، وهو مصري أمريكي مزدوج الجنسية، واحدًا من عدد كبير من المصريين في الخارج الذين يحثون الناس على تنظيم مظاهرات خلال قمة المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني في مدينة شرم الشيخ الساحلية وحضرها قادة العالم بمن فيهم الرئيس بايدن.

على قناته على YouTube، قال السيد عثمان في 18 أكتوبر / تشرين الأول: “على الناس أن يستيقظوا وينزلوا إلى الشوارع”، حصل الفيديو على 110 آلاف مشاهدة وهو واحد من عشرات الفيديوهات التي نشرها في الأسابيع الأخيرة تنتقد الحكومة المصرية.

ولد السيد عثمان في مصر، ولكنه هاجر إلى الولايات المتحدة ولم يعد إلى مصر منذ فترة طويلة، من قبل ثورة 2011 التي أطاحت بحسني مبارك.

جاء السيسي، وهو جنرال عسكري، إلى السلطة في انقلاب عام 2013 ضد رئيس منتخب ديمقراطيًا من جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي، ومنذ ذلك الحين تعاني البلاد من قبضة أمنية مشددة ضد أي نوع من المعارضة، بدعم وتأييد من دولة الإمارات.

قال مسؤول إماراتي إن السيد عثمان اعتقل في 6 نوفمبر/تشرين الثاني بناء على طلب من كيان تابع لجامعة الدول العربية ينسق بين الدول الأعضاء بشأن إنفاذ القانون والأمن القومي.

قال شخص مطلع على القضية إن طلب الاعتقال من مصر، وهو أمر أكدته خطيبة السيد شريف، سايجا فيرتا، إذ قالت إنه يتوافق مع ما أخبرتها به السفارة الأمريكية والسلطات الإماراتية والسيد عثمان.

سفارة الولايات المتحدة في دولة الإمارات العربية المتحدة على علم باعتقال السيد عثمان وتحدث معه ضباط قنصليون في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، حسبما قال متحدث.

كان السيد عثمان يزور دبي لتقديم السيدة فيرتا إلى شقيقته ووالدته، اللتين كان من المقرر أن تسافرا من مصر، ولكن سلطات مطار القاهرة رفضت السماح لهما بالمغادرة دون تفسير.

اعتقل السيد عثمان بعد وصوله إلى دبي بحوالي يومين، إذ أُلقي القبض عليه من الشارع خارج أحد مطاعم دبي، تحدث معه رجلان يرتديان ملابس مدنية قبل أن يطلبوا منه ركوب سيارة لا تحمل أي علامات، كما قالت السيدة فيرتا، التي كانت برفقته في ذلك الوقت.

ينتقد السيد عثمان النظام المصري منذ سنوات، وفي عام 2019، ظهر في مقاطع فيديو خاصة بمحمد علي، المقاول المصري السابق المقيم في إسبانيا، والذي اتهم السيد السيسي والجيش بإساءة استخدام أموال الدولة.

ساعدت مقاطع الفيديو في إثارة الاحتجاجات في ذلك العام في مصر وبسببها أصبح السيد علي مطلوب من قبل السلطات المصرية.

في فيديو السيد عثمان في 18 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، قال إنه كان ينسق مع السيد محمد علي للدعوة للاحتجاجات في مصر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني.

في تصريح لـ رادها ستيرلنغ، التي أسست منظمة “محتجز في دبي” لدعم الأجانب المعتقلين في الإمارات العربية المتحدة، قالت إن الجهود الدبلوماسية ضرورية لإطلاق سراحه، مضيفة “إذا لم يتم التوصل إلى حل، فمن المحتمل أن يتم تسليم شريف وتعريضه لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.

يقدر المدافعون عن حقوق الإنسان أن حكومة السيسي سجنت عشرات الآلاف من الأشخاص لأسباب سياسية، في الشهر الذي سبق وأثناء مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، الذي بدأ في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، احتجزت السلطات مئات الأشخاص في جميع أنحاء البلاد، وفقًا لجماعات حقوق الإنسان المصرية.

 لا يزال العديد من هؤلاء الأشخاص رهن الاحتجاز، وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو التاريخ الذي دعا فيه المصريون للاحتجاجات في السنوات الماضية والذي تزامن مع زيارة الرئيس بايدن لشرم الشيخ، قام ضباط الشرطة المصرية بدوريات وسط القاهرة وأجروا عمليات بحث على الهواتف المحمولة الخاصة بالأشخاص، بحسب مواطنين.

في تصريح له، قال محمد لطفي مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات في القاهرة إن قلة من الناس غامروا بالخروج في ذلك اليوم، مضيفًا أنه على الرغم من مرور 11 نوفمبر/تشرين الثاني دون حدوث احتجاجات واضحة، لا يزال السيد عثمان يواجه احتمالية كبيرة للتسليم نظرًا للعلاقة الوثيقة بين مصر والإمارات العربية المتحدة، موضحًا “الكل يعلم أنه من الخطر معارضة أي نظام من الإمارات”.

الجدير بالذكر أنه في عام 2018، قامت دولة الإمارات العربية المتحدة باحتجاز وترحيل رئيس الوزراء المصري السابق أحمد شفيق إلى مصر، بعد أن أعلن عن نيته خوض الانتخابات ضد السيد السيسي، وبعد وصوله لمصر أعلن شفيق تراجعه عن القرار.

تقدم الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار من المساعدات العسكرية لمصر كل عام، وعلى مدار العامين الماضيين، حجبت وزارة الخارجية 130 مليون دولار لمعاقبة القاهرة لسجلها العام في مجال حقوق الإنسان، كما حجب مجلس الشيوخ الأمريكي 75 مليون دولار إضافية من التمويل العسكري هذا العام، مشيرًا إلى التقدم غير الكافي في معاملة البلاد للسجناء السياسيين.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا