كالت صحيفة إسرائيلية المدح الشديد لولي العهد أبوظبي “محمد بن زايد”، حيث أرجعت التطور الكبير الذي طرأ على العلاقات الإماراتية الإسرائيلية إليه، وذلك منذ توليه مقاليد الحكم “فعليًا” في الإمارات.
وذلك حسب تحقيق نشرته مجلة “كالكاليست” الإسرائيلية، والذي قالت فيه إن “بن زايد” يقف وراء كل مظاهر التطبيع بين الإمارات وإسرائيل.
بل زاد “دورون باسكين” خبير الشؤون العربية في تحقيقه الذي نشرته المجلة، حيث وصف “بن زايد” بأنه “أمير الظلال، فهو يشن على إسرائيل هجوما بالابتسامات.
مضيفًا أنه يجيد التعامل مع حلفائه، حيث يدير علاقته بالسعوديين من وراء الكواليس، ويواجه الإيرانيين من خلال مشتريات أمنية ضخمة، أما في مصر فقد عمل من أجل الإطاحة بمرسي واستبدال النظام هناك”.
وأشار “باسكين” إلى أن بن زايد يحكم سيطرته الكاملة على الإمارات، ويستغل عاصمته بشكل حازم ليصبح الزعيم الأكثر نفوذا في الشرق الأوسط.
في الوقت الذي يكلف فيه وزيره للشؤون الخارجية “أنور قرقاش” لبث رسائله الإيجابية نحو إسرائيل، وآخرها قوله إن الإمارات العربية المتحدة قد تختلف مع إسرائيل في القضايا السياسية، لكنها تتعاون معها في جائحة كورونا والتكنولوجيا”.
وأضاف “باسكين” أنه “إذا لم يكن ذلك كافيا، فيمكن الإشارة إلى أن قرقاش، مبعوث بن زيد، تحدث هذا العام في المؤتمر السنوي للّجنة اليهودية الأمريكية AJC، ما جعله أكبر عضو عربي يتحدث إلى جمهور يهودي، وكان هذا الخطاب تتويجا لشن حملة إعلامية محسوبة تقوم بها الإمارات تجاه إسرائيل، ثم تبعه نشر مقال في صحيفة يديعوت أحرونوت للسفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة، دعا فيه لتوثيق العلاقات بين الدولتين”.
فيما أوضح الخبير الإسرائيلي مدير شركة كونكورد لدراسات الشرق الأوسط، أنه “قبل ذلك ببضعة أيام، هبطت طائرة إماراتية في (إسرائيل)، وافتتح معهد لدراسة التلمود والتوراة للأطفال اليهود في الإمارات، ومثل هذه التطورات لا تحدث بمفردها في الإمارات، لأنها جميعا تؤدي لشخص واحد، هو بن زايد نائب القائد العام للقوات المسلحة الإماراتية”.
وأشار إلى أن “حملة بن زايد المؤيدة لإسرائيل تأتي نتيجة نظرته هذه نحو العالم، صحيح أن الإمارات منذ تأسيسها عام 1971، لعبت دورا محايدا في الشرق الأوسط، وامتنعت عن التدخل في نزاعات المنطقة، وركزت على بناء اقتصادها، لكن الفراغ القيادي الذي أحداث الربيع العربي جذب بن زايد، كونه صاحب طموحات شخصية، كي يستغل هذا النجاح الاقتصادي ليصبح لاعبا رئيسيا في السياسة الإقليمية”.
تعزيز التعاون الأمني
وأضاف أن “بن زايد يميل ليكون أكثر سرية، فهو يفضل تجنب الأضواء قدر الإمكان، ويبتعد عن المقابلات، ويجد الصحفيون صعوبة بالعثور على تصريحات رسمية له، لكنه من خلال هذه السرية نسج مسلسل العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، وهما دولتان تقاومان بعناد النفوذ الإيراني والإسلام السياسي، ولهذا الغرض تعززان تعاونهما الأمني”.
ونقل عن “بن زايد في أحد تصريحاته النادرة، قوله لوفد من يهود الولايات المتحدة الذين زاروا أبوظبي أنه “في الحرب ضد إيران، فإن إسرائيل والإمارات تقاتلان جنبًا إلى جنب”.
وأوضح أن “تجربة بن زايد التكوينية بدأت في سن الـ14، عندما أرسله والده الشيخ زايد خارج البلاد عقابًا له بعد أن اشتكت عائلات محترمة في الإمارات من سعيه الدائم للتقرب من بناتها بالقوة، فأرسله والده للدراسة في المغرب بهوية مزورة، كمواطن مغربي، دون إبلاغ السلطات المحلية بذلك، وواجه هناك صعوبات الحياة؛ فبجانب دراسته، عمل نادلا، وعاش حياة سيئة”.
وأشار أنه “بعد عودة بن زايد من المغرب، أرسل لمدرسة جوردونستون الثانوية في أسكتلندا، وبدأ تدريبه بمنصب رفيع، وفي 1979، أكمل دراسته في ساندهيرست، الأكاديمية العسكرية البريطانية، وعند عودته للإمارات، بدأ صقله الفكري على يد مستشار والده الثقافي عز الدين إبراهيم، المستثمر المصري بأبوظبي، ورغم أنه شخصية بارزة بجماعة الإخوان المسلمين، وأسس فرعها الليبي، لكن الشيخ زايد لم يعتبره تهديدًا لتعليم ابنه”.
وأكد أن “بن زيد اتخذ وجهة النظر المعاكسة لمعلمه الإسلامي، فبدأ تحوله الداخلي بعد هجمات سبتمبر/أيلول 2001، وتورط إماراتيين فيها، وكان حينها رئيس أركان الجيش، ما شكل أزمة مع الولايات المتحدة، وأدت الهجمات لرد فعل فوري بالإمارات، شملت موجة اعتقالات واسعة لألفي مواطن ومقيم يشتبه بارتباطهم بالحركات الإسلامية، وإخراج العشرات من الجنود والضباط المتعاطفين مع الإخوان المسلمون من الجيش”.
الانقلاب العسكري في مصر
وكشف النقاب أن “بن زايد اعتبر أن انتخاب محمد مرسي، رئيسا لمصر، رجل الإخوان المسلمون في انتخابات ديمقراطية في 2012، مصدر قلق رئيسيا له، ولذلك فقد تصرف لثني مرسي عن سياسته، وتعزيز بديل لحكمه، وضخ ملايين الدولارات للمعارضة المصرية، وشن حملة إعلامية تهدف لتقويض شرعية مرسي”.
وأشار أنه “في 2013، عندما تمت الإطاحة بمرسي على يد عبد الفتاح السيسي، كانت أبوظبي أول عاصمة عربية ترحب بالانقلاب، بعد ذلك مباشرة، أعلنت بجانب السعودية والكويت عن تحويل 23 مليار دولار كمساعدة لنظام السيسي، وفي السنوات السبع الأخيرة، ضخت أبوظبي عشرات مليارات الدولارات في خزائن مصر لدعم السيسي”.
كراهية جماعات الإسلام السياسي
وأوضح أن “بن زايد لا يخفي كراهيته لمن ينتمون لجماعات الإسلام السياسي، ومن ضمنها حركات حماس والجهاد الإسلامي، ولم يتردد في زيادة التدخل العسكري لبلاده في نقاط الاحتكاك الإقليمية لمواجهة القوى الإسلامية، سواء في اليمن أو ليبيا، حيث تدعم أبوظبي الجنرال خليفة حفتر”.
وكشف النقاب عن أن “بن زايد أبلغ وفداً أمريكياً بأنه “يرى حزب الله أخطر من تنظيم القاعدة”، وأعرب عن قلقه من حيازة إيران للسلاح النووي لأنه سيمهد الطريق لوصول أسلحة الدمار الشامل للمنظمات الإسلامية، وشدد علاقاته مع الولايات المتحدة، خاصة منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، وعزز قدراته العسكرية”.
السعودية مصدر قلق
ولفت الكاتب إلى أنه “بجانب إيران، فإن السعودية مصدر قلق بن زايد الأكبر، وحذر في محادثات مغلقة في وقت مبكر من بداية الألفية الثالثة، أن “سقوط المملكة من قبل الإسلاميين سيكون خطرًا أكبر من وجود الأسلحة النووية الإيرانية”، وبالنظر لضعف القيادة السعودية المسنة، يمكن للمسؤولين المحافظين والجيش السيطرة على الدولة، وتحويلها مملكة تنشر الفكر الإسلامي”.
وأشار أن “بن زايد أدرك أن السعودية بحاجة لإصلاحات واسعة النطاق، ودماء جديدة في القيادة لإبعاد شبابها عن التيارات الإسلامية”.
وتابع: “بات تأثير بن زايد على بن سلمان هائلا، ودفعه للقيام بسلسلة واسعة من الإصلاحات كالسماح للنساء بقيادة السيارات، وفتح المسارح، والاستثمار الضخم في المشاريع الترفيهية”.
وأشار أن “بن زايد وجه بن سلمان أواخر عام 2017 للقيام بحملة اعتقالات واسعة النطاق وغير مسبوقة ضد كبار الأمراء ورجال الأعمال السعوديين، ويبدو أن الاثنين متفقان على قائمة طويلة من القضايا، بما في ذلك الحاجة لتقييد خطوات إيران، وكرههما للحركات الإسلامية، وفي السنوات الأخيرة، شرعا في مغامرات مشتركة، مثل مقاطعة قطر 2017، وحرب اليمن في 2015 ضد الحوثيين”.
وأوضح أنه “في جميع الحالات، وضع بن زايد بن سلمان في المقدمة، واكتفى بتحريك الملفات خلف الكواليس، وقد غطت شراكة المصالح على اختلاف أسلوبهما بإدارة السياسة الداخلية والخارجية، محمد بن سلمان مولع بالأضواء، ما يجعله عرضة لقرارات متهورة، كاغتيال الصحفي جمال خاشقجي، أما بن زايد فأكثر تعقيدا وخبرة، وهذا الصبر لا يعكس التردد، بل الهدوء، رغم أنه لا يبدي هوادة حين يتعلق الأمر بمصالح عائلته ونظامه”.
وأكد أن “بن زايد لم يتردد في إدارة ظهره لحرب اليمن، بعد أن وصلت لطريق مسدود، وقدرت تكلفتها بمليار دولار شهريًا، وبعد أن أمر قواته بالانسحاب من هناك، ترك السعودية وحدها في الحملة”.
وختم بالقول إنه “بالنسبة لـ(إسرائيل)، فقد اختار بن زايد شن هجوم عليها بالابتسامات في بادرة غير مسبوقة لزعيم ليس له علاقات رسمية معها، واختار مناشدة الجمهور الإسرائيلي وقادته، ولذلك يمكن للإسرائيليين الافتراض أنهم سيستمرون في سماع هذه المخاطبات الإماراتية قريبا”.
والخميس، أعلنت الإمارات إطلاق مشاريع مشتركة في المجال الطبي ومكافحة فيروس كورونا مع شركات إسرائيلية.
جاء ذلك بعد تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، الخميس، كشف فيها عن “تعاون” مع الإمارات، في مجال مكافحة الفيروس التاجي.
ولا توجد علاقات دبلوماسية رسمية بين الإمارات و(إسرائيل)، لكن هناك تحالفا سريا وعمليات تطبيع قوية قائمة منذ سنوات بين الجانبين.
لكن الإمارات، تحاول استغلال جائحة كورونا لزيادة وتيرة تطبيعها مع (إسرائيل) على حساب القضية الفلسطينية التي تمر في مرحلة هي الأصعب في تاريخها منذ نكبة عام 1948.
وخلال الأسابيع الماضية، حطت طائرتان إماراتيتان في مطار “بن جوريون” بمدينة تل أبيب وسط (إسرائيل)، بزعم نقلهما مساعدات للفلسطينيين، إلا أن السلطة الفلسطينية رفضت استقبالها لعدم التنسيق معها مسبقا.
كما كشفت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية (خاصة)، عبر موقعها الإلكتروني، أن طائرة إماراتية محملة بـ100 ألف جهاز فحص “كورونا”، حطت في (تل أبيب)، يوم 26 مارس/آذار الماضي.
اقرأ أيضاً: الإمارات تعلن التطبيع رسميا.. حين سقطت ورقة التوت عن عورة بن زايد
اضف تعليقا