العدسة – معتز أشرف

في 15 من أبريل الجاري تعقد في السعودية قمة عربية بالغة الأهمية والتعقيد والحساسية في ظل أوضاع خطيرة في المنطقة تتقدمها القدس وسوريا واليمن وليبيا، لكن يبقى ملف المصالحة الخليجية في ظل الحصار الرباعي ضد دولة قطر ذا بريق خاص، في ظل الحديث المتواتر عن حضور الأمير تميم بن حمد بنفسه للقمة، نتوقف عند سيناريوهات الحضور القطري بكل مستوياته في قمة يتحكم فيها الأمير السعودي الطائش محمد بن سلمان.

قمة مؤجلة!

في الرياض انطلقت الثلاثاء أعمال الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية فى دورتها التاسعة والعشرين برئاسة السعودية خلفًا للمملكة الأردنية الهاشمية، وذلك باجتماع المندوبين الدائمين وكبار المسئولين بالدول الأعضاء بجامعة الدول العربية للإعداد لاجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة الخميس، لإعداد مشروع جدول أعمال القمة العربية ومناقشة بنوده، بالإضافة إلى مناقشة مشاريع القرارات للبنود المدرجة على مشروع جدول أعمال القمة.

وسبق هذا الاجتماع اجتماع لهيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات على مستوى المندوبين الدائمين بمشاركة الدول الأعضاء فى الهيئة، وهى (الأردن وموريتانيا والسعودية وجيبوتى والسودان)، وذلك لمراجعة تقرير المتابعة الختامي لمتابعة تنفيذ قرارات قمة عمّان 2017 بالمملكة الأردنية الهاشمية، كما من المقرر أن يعقد كبار المسئولين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي اجتماعا الأربعاء؛ لإعداد الملفات الاقتصادية والاجتماعية التي ستطرح على مشروع جدول أعمال القمة، تمهيدًا لرفعها إلى الاجتماع التحضيري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري صباح الخميس.

وكانت القمة العربية مقرر عقدها في مارس الماضي، إلا أنه تم تأجيلها نظرًا لتعارض تاريخ انعقادها مع تاريخ الانتخابات الرئاسية في مصر، وأكدت مصادر سياسية أن القمة العربية ستنقل من العاصمة الرياض إلى مدينة الدمام، في حين ستتم جميع الإجراءات التحضيرية للقمة في العاصمة الرياض كإجراء احترازي لتهديدات الصواريخ الحوثية التي سبق واستهدفت العاصمة السعودية الرياض بأكثر من صاروخ باليستي.

وكانت الإمارات من جانبها قدمت العام الماضي اعتذارا عن عدم استضافة القمة العربية الـ29 لعام 2018، في حين رحبت المملكة العربية السعودية باستضافتها في الرياض، لتكون ثالث دولة تعتذر على التوالي، بعد اعتذار اليمن عن استضافة القمة الحالية، نظراً للأوضاع الأمنية والسياسية التي يعيشها منذ أكثر من عامين، لتحل محلها الأردن، كما اعتذرت المملكة المغربية عن استضافة القمة الـ27 لتعقد في موريتانيا العام الماضي، وستكون القمة العربية المقبلة هي الثانية التي تستضيفها السعودية خلال 11 عاماً، بعد القمة التي استضافتها عام 2007، كما ستكون أول قمة عربية تعقد في عهد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز منذ توليه الحكم في 23 يناير 2015.

مفاجأة قطر!

ورغم عدم إعلان تصريح واضح، إلا أن صحيفةالرايالكويتية، نقلت عن مصدر دبلوماسي عربي، أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد سيرأس وفد بلاده إلى القمة العربية، فيما قالت لولوة الخاطر، المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية، لوكالة الأناضول التركية إن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وجّه دعوة رسمية إلى بلادها للمشاركة في القمة، وسنشارك ولكن لم نحدد بعد مستوى المشاركة”، والتسريبات الكويتية قد تكون لها اعتبار مع ما يقوم به أمير الكويت من مساعي وساطة بين قطر ودول الحصار المفروض عليها منذ الخامس من يونيو الماضي، حتى وصل إلى الإعلان عن قناة سلوى البحرية لتغيير جغرافيا الدوحة.

ملف الأزمة بحسب وزارة الخارجية القطرية لن يكون مطروحًا ضمن برنامج عمل القمة، خاصة أن الجدول مازال طيّ الإعداد لكن لا يوجد مؤشرات على ذلك، ولكن يتحدث مراقبون أن حضور الأمير تميم بذاته سيكون مفاجأة القمة وسيعطيها زخما واسعا قد يجهض الاستهداف المستمر من دول الحصار التي تعقد القمة على أرض واحدة منها.

تمهيد ممكن!

في ظل الوضع الحالي الذي يضع مراقبون فيه زيارتي الأمير تميم بن حمد أمير قطر، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان لواشنطن في سياق ملف المصالحة الخليجية، وهو ما تحدثت عنه وكالةرويترز نقلا عن مسؤول أمريكي كبير- لم تسمه- حيث رجحت أوساط إعلامية أن تكون تلك الزيارات كإجراءات تمهيدية لعقد قمة خليجية أمريكية في مايو القادم، وهو ما يجعل القمة العربية في السعودية مؤشرا على ما دار في الغرف المغلقة في واشنطن، خاصة مع حضور الأمير تميم بنفسه للقمة، بحسب ما هو متواتر حتى الآن، والسيناريو الأول هكذا مرتبط بإحداث نقلة في القمة في اتجاه المصالحة، وهو على الأقل متصل بمنع أي توتر قد يشعل الأجواء المتأزمة مع إظهار دبلوماسية عالية في التعامل وعند إلقاء الخطابات.

صحيفة نيويورك تايمزالأمريكية أكدت أن “قطر قد تحرز انتصارا مهما في حال قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأمير دولة قطر، إنه يرى أن منافسي قطر هم من يماطلون في التوصل إلى حل الأزمة، وبحسب الصحيفة، يستضيف الرئيس الأمريكي أمير دولة قطر، الأمير تميم بن حمد آل ثاني، في البيت الأبيض، “الأمر الذي يمثل تحولا في الأزمة القطرية؛ حيث بدأت نظرة الرئيس الأمريكي في التحول من اعتبار قطر ممولة للإرهاب إلى ما وصفه مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية بأنه تعاطف مع الدوحة في أزمتها المستمرة منذ يونيو الماضي”، مضيفة أن “الرئيس الأمريكي حريص على التوصل إلى حل لحالة العداء بين الدول الأربع وقطر، تزامنا مع تزايد الأزمات في الشرق الأوسط”.

وكان ترامب قد أكد ضرورة إنهاء الخلاف الخليجي، في اتصال له بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الأسبوع الماضي، وقال البيت الأبيض: إن ترامب أشاد بالتزام أمير قطر بالمساعدة في إعادة وحدة مجلس التعاون الخليجي، مؤكدا ضرورة إنهاء الخلاف.

احتمال التصعيد

السيناريو الثاني مرتبط بالتصعيد والتشويش، في ظل آخر قرارات السعودية نفسها بحفر قناة سلوى البحرية، والذي يستهدف حصار قطر بالدرجة الأولى، وبالتالي وفق هذا السيناريو فقد تشهد جلسات القمة تراشقات وتجاوزات خارج سياق اللغة الدبلوماسية خاصة أن السعودية في ظل الأمير السعودي الطائش لا تعرف قواعد مسلّما بها، وهو ما شهدته أزمة احتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ومن قبلها أزمة احتجاز كبار رجال الأعمال والأمراء، وقطر في هذا السياق بما لديها من معلومات واضحة من سياق مواجتها للحصار إذا استشعرت خرقا أو غدًا، فمن المرجح أن تستبعد حضور الأمير تميم حتى ولو في اللحظات الأخيرة.

وفي القمة الأخيرة بالأردن، سيطرت واقعة مغادرة الديكتاتور المصري عبد الفتاح السيسي أثناء كلمة أمير قطر على شكل القمة؛ حيث شبه البعض تصرف السيسي بتصرفات ” الأطفال”، قائلين إنه “قلل من مكانة مصر وأضعف من سياستها” و”انتقاص في حق ملك الأردن والملك سلمان وكافة رؤساء الدول العربية الحاضرين”، وسخر العديد منهم من السيسي فكتب أحدهم يقول إنه “هرب من أمام الأسد الضرغام تميم”، مضيفين أن “وجود مصر في القمة أو عدم وجودها لا يغير شيئا”، وظهر هاشتاج #حين_يخرج_السيسي في أكثر من 7 آلاف تغريدة.

التجاهل موجود!

السيناريو الثالث مرتبط بالاتفاق على عدم تمرير القمة دون دخول في تراشقات من دول الحصار في مواجهة قطر والتركيز علي إيران في ظل الهجوم الحوثي المستمر علي الرياض، وهذا السيناريو مرتبط بحضور وزاري من قبل قطر، ويعتمد على تصعيد القمة بشكل كبير في وجه إيران وحصر قطر بين خانتين إما الوقوف بحسم ضد طهران أو الاصطفاف معها، وهذا السيناريو مرتبط بقمة الرياض في مايو 2017 ، الذي أعلن عزل النظام الإيراني عالميا، وبحسب الإعلام السعودي الرسمي فإن “الدبلوماسية السعودية تعمل حاليا على محاور إستراتيجية سياسية متوافقة مع إستراتيجية إدارة ترمب ليكونوا شركاء وحلفاء إستراتيجيين لإحلال السلام ولجم الإرهاب وتعزيز السلم العالمي والتصدي لإيران”، وهو ما ردت عليه طهران بقولها: “إنها قمة الإيرانوفوبيا.. وأمريكا تحلب السعودية” لكن الملك سلمان بن عبدالعزيز قال في المقابل: “فاض بنا الكيل من ممارسات إيران العدوانية”.