تناول مركز “أوراسيا ريفيو Eurasia Review” الأمريكي للدراسات والبحوث، في تحليل مطول، زيارة الملك السعودي سلمان بن العزيز التي وصفها الجانبان بالتاريخية، موضحا الأسباب التي دفعت سلمان  لكي يصبح أول ملك سعودي يزور موسكو.

وذكر التحليل الذي كتبه الباحث، فينسنت لوفاسو، المتخصص في الملفات الجيوسياسية والأمنية، أن هناك العديد من الأسباب دفعت المملكة إلى الذهاب إلى روسيا مؤكدا أن الزيارة كانت بمثابة ضرورة ملحة بالنسبة للمملكة .

وأضاف الكاتب أن المملكة لديها مشاكلها الخاصة في الداخل والخارج، فالرياض تواجه حاليا عجزا ماليا خطيرا، وتحتاج إلى شريك مثل “روسيا” لتحقيق الاستقرار في سوق النفط الذي توليه المملكة أهمية قصوى.

وأكد الكاتب أنه اتضح على مدار السنوات الماضية، أن السعوديين لا يستطيعون الخروج من دوامة هبوط أسعار النفط، ولو على المدى الذي اعتقد الناس أن السعوديين قادرون على تنفيذه.

مقامرة

وأشار إلى أن المملكة تشهد تراجعا فيما يتعلق بسياستها الخارجية، حيث أقدمت على مقامرة غير محسوبة ورمت بثقلها بشكل كبير وراء محاولة تغيير النظام في سوريا، وفشلت في نهاية المطاف في تحقيق أي شيء يذكر في هذا الصدد.

ولفت إلى أن السعودية ورطت نفسها في حملة عسكرية طال انتظار حسمها، في اليمن ولم تسر الأمور بالشكل الذي كانت تريده المملكة.

وقال الكاتب إنه بدلا من قيام المملكة بمغامرات جديدة تتعلق بسياستها الخارجية في المنطقة، أو لعب دور المهيمن، فإن المملكة تحتاج إلى البدء في إعادة التفكير في أهداف سياستها الخارجية والبحث عن “شركاء” يمكنها التحدث معهم لتصحيح أخطائها.

وتابع بأنه يمكن أن تكون “روسيا” هذا الشريك، أو واحدة من هذه الدول التي تعتمد عليها المملكة، وهذا هو السبب الذي جعل الملك سلمان يصبح أول ملك سعودي يقوم بتلك الزيارة التاريخية لروسيا، والتي أصبحت قوة عالمية، يتعاظم تأثيرها في منطقة الشرق الأوسط.

ونبه الكاتب إلى أن روسيا يمكن أن تساعد السعوديين أيضا في قضايا مثل النفط والحرب في سوريا والعلاقات المستقبلية مع الدول الأخرى في المنطقة التي تواجه فيها المملكة الكثير من الصعوبات.

ورأى أن ماحدث في سوريا هو أن السعودية وجدت نفسها في مواجهة روسيا وإيران، واعترف السعوديون أنهم لم يحققوا هدفهم في الإطاحة بحكومة بشار الأسد، ولم تكن مباحثات أستانة أمرا يريد السعوديون رؤيته، ولكنه ظهر مرارا وتكرارا

وأشار الكاتب إلى أن المسؤولين في المملكة يحتاجون إلى تعلم دروس سوريا واليمن، والتوصل إلى نهج واقعي للقضاء على الحركات الوهابية، في المنطقة وفي داخل المملكة فضلا عن العمل على تحقيق السلام بالشرق الأوسط عبر التقارب النهائي بين الرياض وطهران، وإيجاد أرضية مشتركة للتعاون بين الطرفين.

هل تقدر روسيا؟

ويجيب الكاتب عن السؤال الأهم الذي يقول إنه يتردد على كثير من ألسنة المحللين السياسيين، وهو هل يمكن لروسيا أن تلعب هذه الأدوار وتحمل على عاتقها مستقبل الشرق الأوسط.

وقال الكاتب إنه على أرض الواقع تحظى روسيا حاليا بثقة الكثير من الدول في الشرق الأوسط، ولديها الكثير من الشراكات في المنطقة رغم تداخل المصالح الجيوسياسية والجيوستراتيجية.

وتابع أنه يمكن لروسيا أن تلعب دورا في تضيق الخلافات ولها مصلحة في حل القضايا الشائكة في الصراع (الإيراني / السعودي) والحرب السورية والصراع (الإسرائيلي / الفلسطيني).

ونتيجة للدور الذي قامت به روسيا في المنطقة، وفقا للكاتب، يبحث اللاعبون الإقليميون عن بدائل بعيدا عن الغرب، يمكنهم من خلالها إعادة الميزان للمنطقة، وهذا هو السبب في تراجع دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وأكد أن الروس يحاولون إقامة اتصالات مع جميع الأطراف والتحدث إلى كل من يشارك في صراعات المنطقة، فعلى سبيل المثال، في سوريا، تحدثت روسيا مع إيران وسوريا وتركيا خلال محادثات أستانة، بل إن الروس تحدثوا مع حلفاء أمريكا المقربين مثل السعودية وإسرائيل، لأن الروس لديهم القدرة العالية على المناروة والاستماع إلى جميع اللاعبين في المنطقة.