كارثة اقتصادية
الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ خريف العام 2019، طالت جنود الجيش؛ الأمر الي أثار مخاوف الدول الأوربية في ظل انهيار مالي بهذا البلد مع تصاعد الدين الوطني وارتفاع معدلات البطالة.
وقالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إنه من بين البيانات الصادرة عن الجيش اللبناني التي تتحدث عن عمليات ميدانية أو تبرعات بمعدات عسكرية، يبرز إعلان غير عادي مفاده: اتفاق تم التوصل إليه يوم الإثنين 15 فبراير/ شباط الجاري يقضي بإمداد السفارة الفرنسية في بيروت الجيش بحصص غذائية.
وأوضحت أن باريس تبرعت بـ 2000 حصة غذائية للجيش اللبناني، مخصصة للجنود وعائلاتهم كجزء من إجراءات الدعم الفرنسية وهي مساعدة تظل رمزيةـ، حيث تم استلام أكثر من 2000 عبوة تحتوي على زيت أو أرز.
وأشارت إلى أنه ستكون هناك حاجة إلى المزيد لإطعام القوات المكونة من حوالي 70 ألف رجل، إذ أكد مصدر عسكري لبناني أن هذه التبرعات “سيستفيد منها عائلات الجنود الأشد احتياجاً. وأن هناك أزمة تجاه تلبية الكثير من الحاجات العسكرية “.
وذكرت الصحيفة الفرنسية أن العديد من شركاء لبنان الأوروبيين يشعرون بالقلق من أن تؤدي الكارثة الاقتصادية تدريجياً إلى تراجع عدد افراد الجيش او احتمال إضعافه حيث يُنظر إلى الجيش اللبناني على أنه العمود الفقري للبلاد وانهياره سيؤدي حتما إلى تسريع فوضى.
وشددت على أن جنود الجيش اللبناني ينحدرون من عائلات فقيرة وقد تم تجنيدهم بضمان تغطية تكاليفهم الصحية وجزء من تعليم أطفالهم، حيث يظلون مؤمنين في الوقت الحال مثل جميع موظفي القطاع العام الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية، وهؤلاء يعانون من انخفاض قيمة العملة المحلية؛ فأسعار المواد الغذائية، ومعظمها مستوردة، آخذة في الارتفاع.
ولفتت إلى أن الدخل الأساسي للجندي الآن يبلغ نحو 120 يورو فقط، مقارنة بأكثر من 660 يورو في 2019، قبل اندلاع الأزمة المالية وهبوط الليرة اللبنانية أمام الدولار.
زلزال اجتماعي
وبحسب “لوموند” فبينما يؤثر انخفاض العملة على جميع المؤسسات، يحرص الجيش على عدم التحدث علنًا عن الصعوبات التي يواجهها، لكن في صيف 2020، ظهرت لافتة تعلن عن إلغاء اللحوم من وجبات الجيش نتيجة الأزمة الاقتصادية.
ونقلت عن أحد المراقبين المطلعين على الدوائر الأمنية القول: ” أعلن الجيش بشكل متكرر عن صعوبات في التعامل مع الوضع الاقتصادي الذي من شأنه أن يعرض قدرته التشغيلية للخطر”، مضيفا “تعريض هذا النظام للخطر سيكون له تأثير كبير، خاصة وأن الجيش في حالة نشاط شديد بسبب الأحداث التي يشهدها لبنان. “
ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أنه منذ الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في أكتوبر/ تشرين أول 2019، تم حشد الجيش من أجل حفظ الأمن خلال الاحتجاجات ومظاهرات الغضب التي تجتاح لبنان، كما طُلب منه توزيع مساعدات إنسانية بعد الانفجار المزدوج في مرفأ بيروت في أغسطس/ آب 2020.
ورغم الثقة التي يتمتع بها الجيش اللبناني، فقد تعرض خلال المظاهرات الأخيرة التي شهدتها مدينة طرابلس وتخللها عنف وأعمال تخريب، بسبب التدهور الاجتماعي الذي تفاقم نتيجة لإغلاق العام لمكافحة فيروس كورونا المستجد، لانتقادات منتظمة من قبل مؤيدي الانتفاضة الذين يتهمونه بالاستخدام المفرط للقوة والاعتقالات التعسفية.
وتشير مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية، إلى أن الخطر يكمن في أن قوات الجيش قد تجد نفسها ” تجسد فشل الدولة، وتعوض غياب السياسيين والنخبة الحاكمة، من خلال السيطرة على السكان الذين يشاركونهم مظالمهم”.
وترى “لوموند” أنه في مواجهة ما وصفته بـ”الزلزال الاجتماعي” الذي يشهده لبنان، أصبحت حكومة حسان دياب عاجزة، حيث يقود دياب الحكومة في دور تصريف الأعمال فيما لا يزال السياسيون المتشائمون في البلاد غير قادرين على الاتفاق على إدارة جديدة منذ استقالته في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/ آب الماضي.
وبينت كذلك أنه بما أن القوى السياسية الحقيقية – الأحزاب – متورطة في الخلافات أصبحت المساعدات الدولية التي من شأنها إعادة تمويل الاقتصاد اللبناني مشروطة بالإصلاحات.
كما أكدت الصحيفة كذلك على أن خروج لبنان من الأزمة التي يمر بها مرتبط أيضًا بقضايا خارجية، وفقًا للعديد من المراقبين، مثل المفاوضات المتوقعة بين طهران وواشنطن حول الاتفاق النووي.
ويعاني لبنان من انهيار مالي مع تصاعد الدين الوطني وارتفاع معدلات البطالة على وقع أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها هذه البلد منذ خريف العام 2019، مأ أدى إلى خسارة العملة المحلية أكثر من ثمانين في المئة من قيمتها مقابل الدولار في السوق الموازية بينما السعر الرسمي ما زال على حاله.
وارتفعت الأسعار بنسبة 144 في المئة، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، وبات أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر، فيما خسر عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم.
وأثارت إجراءات الإغلاق العام المشددة لمكافحة فيروس كورونا المستمرة حتى الثامن من الشهر الحالي، الخشية على مصير عائلات تعاني أساساً أوضاعا اقتصادية هشّة في بلد يحتاج 75 في المئة من سكانه الى المساعدة.
وبدأ لبنان في 8 فبراير/ شباط التخفيف تدريجيا من القيود المفروضة لاحتواء فيروس كورونا، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الإجراءات الصارمة التي فُرضت لوقف زيادة الإصابات وتخفيف العبء عن المستشفيات المكتظّة.
وزادت السلطات عدد الأسرّة في المستشفيات لمرضى كوفيد-19، لكن كل المرافق الطبية شبه ممتلئة، حيث تبلغ معدلات إشغال وحدات العناية المركزة نحو 88,6 بالمئة في كل أنحاء البلاد و96,3 بالمئة في بيروت، وفق أرقام نشرتها منظمة الصحة العالمية.
وتم تسجيل ما يزيد عن 340 ألف حالة إصابة بفيروس “كوفيد-19” وأكثر من 2600 حالة وفاة في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 6 ملايين نسمة.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اقرأ المزيد : قتل خاشقجي… العلاقات الأمريكية السعودية على موعد مع أزمة جديدة
اضف تعليقا