اتخذ المجلس العسكرى السوداني إجراءات تصعيدية ضد الرئيس المعزول ” عمر البشير” ونظامه، بعد تولية إدارة البلاد لفترة انتقالية.

 

وأعلن المتحدث العسكري السوداني أن المجلس العسكري اعتقل اثنين من أشقاء “البشير”.

 

قال الناطق باسم المجلس العسكرى الفريق “شمس الدين كباشي” في مؤتمر صحفي، “إنه جرى اعتقال “عبد الله” و”عباس” شقيقي “البشير”، في إطار حملة الاعتقالات الجارية لرموز النظام السابق.

 

جاء اعتقال شقيقي ” البشير” ضمن إجراءات التطهير التى يعمل عليها المجلس العسكرى، ويعتبر الشقيقين من رموز النظام السابق ويعملان رجال أعمال.

 

وأعلن “كباشي” أن المجلس أصدر قرارا وضعت بموجبه “منسقيات الدفاع الشعبي والخدمة الوطنية والشرطة الشعبية” – وهي قوات غير نظامية موالية للحزب الحاكم سابقا- تحت سلطة القادة العسكريين تمهيدا لضمها للقيادات العسكرية.

 

اعتقالات

وشملت إجرات التطهير اعتقال العديد من مساعديه وقيادات النظام وأحالتهم إلى سجن كوبر المركزي في العاصمة الخرطوم.

وطالت الاعتقالات رئيس البرلمان المنحل “إبراهيم أحمد عمر” ووالي الخرطوم الأسبق “عبد الرحمن الخضر”، ورجل الأعمال البارز “جمال الوالي”.

 

كما اعتقل رجلي الأعمال “عبد الباسط حمزة” و”جمال زمقان” ووزير الدفاع الأسبق “عبد الرحيم محمد حسين” والأمين العام الأسبق لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج “حاج ماجد سوار”.

 

وأصدر رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق أول الركن “عبد الفتاح البرهان” أمس الأربعاء قرارا خاصا بإجراءات محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين.

 

ونص القرار على مراجعة حركة الأموال اعتبارا من الأول من أبريل/نيسان الجاري بواسطة بنك السودان المركزي، والإبلاغ عن أي حركة كبيرة أو مشبوهة للأموال عن طريق المقاصة أو التحويلات.

 

ووجه القرار المسجل التجاري العام بوقف نقل ملكية أي أسهم إلى حين إشعار آخر، مع الإبلاغ عن أي نقل لأسهم أو شركات بصورة كبيرة.

 

وألزم القرار الوزارات والهيئات والمؤسسات والشركات والكيانات الحكومية وجميع الجهات التي تمتلك حكومة السودان فيها حصة بأن تتقدم بالبينات اللازمة بشأن الحسابات المصرفية والإيداعات والأوراق المالية والمبالغ النقدية أو أي معادن نفيسة أو مجوهرات داخل السودان وخارجه.

 

لجوء البشير

وفي اطار التصعيدات، نقل المجلس العسكرى “البشير” إلى سجن كوبر في العاصمة السودانية الخرطوم، وكان الرئيس السابق محتجزا حتى وقت قريب في القصر الرئاسي تحت حراسة مشددة، ويشار إلى أنه معزول في حبس انفرادي ومحاط بإجراءات أمنية مشددة.

 

ومنذ الإطاحة ” بالبشير” لم يكن مكانه معلوما، وقال عوض بن عوف رئيس المجلس العسكري الانتقالي السابق آنذاك “إن البشير كان محتجزا في مكان آمن”.

 

وعلى جانب آخر، تبحث أوغندا منح ” البشير” حق اللجوء بها، و قال وزير الدولة الأوغندي للشؤون الخارجية “أوكيلو أوريم” “إن أوغندا ستبحث منح حق اللجوء للرئيس المعزول”، رغم اتهامات موجهة إليه من المحكمة الجنائية الدولية.

 

والجدير بالذكرأن أوغندا عضوا في المحكمة  الجنائية الدولية، وبذلك يفرض عليها تسليم “البشير” للمحكمة حال وصوله إليها، فيما لم يرد تعليق من جانب المحكمة حتى الآن.

ويذكر أن ” البشير” يواجه اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية في “لاهاي”، وأصدرت أمرا باعتقاله لارتكابه جرائم حرب في منطقة دارفور بالسودان.

وذلك أثناء تمرد بدأ في عام 2003 وأودى بحياة ما يقدر بنحو 300 ألف شخص.

 

سجن كوبر

شيد  الإنجليز سجن “كوبر” الواقع بالعاصمة السودانية الخرطوم منذ 116 عاما،وذلك بتعليمات من الجنرال “كتشنر” خلال احتلالهم للسودان.

 

حسب الروايات أطلق عليه اسم “كوبر” نسبة للجنرال الإنجليزي “كوبر” الذي تولى مهمة القائم بأعمال إدارة السجن، وعرف بصرامته وقسوته، وأطلق اسمه على المنطقة التي بني بها السجن بعد ذلك، وسميت بحي كوبر.

 

اشتهر السجن بضمه لمعتقلى الرأى والمعارضين السياسين، وشهد السجن عمليات إعدام للمعارضين في انقلاب 1971، وزج فيه الرئيس السوداني “البشير” بجميع معارضيه عقب استيلائه على الحكم في العام 1989.

ويتسع السجن، المحاط بأسوار خرسانية مرتفعة، لإيواء مئات السجناء، لكن يقال إن مساحة زنازينه ضيقة بالفعل.

 

وكان العديد من المحتجين وقادة المعارضة ممن خرجوا إلى الشوارع مطالبين باستقالة “البشير” قد حبسوا خلف قضبانه، ويدار القسم السياسي في السجن من قبل جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وليس الشرطة.

 

وذكر أحد السجناء السابقين فيه لوكالة فرانس برس للأنباء، والذي كان قد احتجز في يناير/ كانون الثاني العام الماضي لمشاركته في احتجاجات مناهضة لـ”البشير”، أنه يجري احتجاز ما يصل إلى سبعة سجناء في كل زنزانة تقريبا، ومعظمهم من المدانين في قضايا جنائية بسيطة.

 

برنامج انتقالي

وفي سياق متصل، طالبت قوى الحرية والتغيير الممثلة للحراك الشعبي ببرنامج انتقالي سلمت نسخة منه للمجلس العسكري.

ويتحدث البرنامج عن تكوين مجلس رئاسي من ممثلي قوى الثورة، يتكون من تسعة أشخاص من بينهم ممثل للجيش.

 

وتضمن المقترح تشكيل مجلس وزراء مكون من سبعة عشر وزيرا من بينهم رئيس الوزراء على أن تتولى القوات النظامية حقيبتي الدفاع والداخلية.

 

واقترح التحالف تشكيل مجلس تشريعي مكون من مائة وعشرين عضوا على أن يكون تمثيل المرأة فيه بنسبة 40%.

 

وقال التحالف أن وزراء الحكومة يجب أن يكونوا من أصحاب الكفاءات المشهود لهم بالنزاهة، وأن يتم تعيينهم بالتشاور معهم.

 

وأوضحت قيادات المعارضة أنهم في انتظار المجلس العسكري للموافقة على المقترحات، قبل أن تسلم أسماء المرشحين للمناصب.

 

وتتواصل الاعتصامات والاحتجاجات المطالبة باستكمال الثورة وتسليم السلطة للمدنيين ومحاسبة المسؤولين الضالعين في القمع والفساد.

 

وتعهد المتظاهرون بالبقاء معتصمين في الشوارع إلى أن يتم الخضوع لمطلبهم الرئيسي المتمثل في انتقال فوري للسلطة إلى حكومة مدنية.

 

ويشار إلى أن الجيش السوداني أعلن في 11 من أبريل/نيسان الجاري عزل “البشير” من الرئاسة بعد احتجاجات عارمة ضد حكمه الذي استمر ثلاثين عاما.