العدسة_ موسى العتيبي

قصف إسرائيلي جديد على قطاع غزة، في توقيت حساس، أسفر عن استشهاد 9 مقاومين بينهم قياديان بارزان من سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) وقائد ميداني من كتائب عز الدين القسام (الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”)، فضلا عن جرح آخرين.

القصف الذي استهدف نفقا للمقاومة شرق خان يونس (جنوب قطاع غزة) ربما يكون له أهداف عدة ومتنوعة، أبرزها إفشال المصالحة الفلسطينية، أو على الأقل وضعها في حرج بالغ.

مراقبون سارعوا بطرح تساؤلات عقب القصف، أبرزها كيف سترد حماس على هذا القصف؟ وكيف ستتعامل السلطة معه؟ وأين ستتجه بوصلة الموقف المصري، خصوصا وأن القصف وضعها في موقف حرج للغاية؟!

القصف يزيد العقبات

للوهلة الأولى يتضح أن القصف سيزيد من العقبات أمام المصالحة بين حماس والسلطة  الفلسطينية، إذ أن سلاح المقاومة هو أبرز القضايا التي تعمل “حماس” جاهدة على تجنب الخوض فيها في إطار عملية المصالحة.

ووفقا  للكاتب السياسي طلال عوكل، فإن “إسرائيل تمثل تحديًا وعقبة كبيرة في وجه المصالحة الفلسطينية، لسعيها المتواصل للإبقاء على حالة الانقسام التي استفادت منها خلال السنوات الماضية، على جميع المستويات”.

ولأن  “إسرائيل استفادت كثيرًا من حالة الانقسام الفلسطيني المتواصلة، فإنها تسعى لعرقلة المصالحة من خلال عمليات القصف تلك، حيث يضع القصف على غزة، المقاومة أمام خيارين كلاهما صعب.

الخيار الأول يتمثل في أن ترد حماس والمقاومة على القصف بقصف مماثل، وبالتالي فإن السلطة الفلسطينية ستعتبر هذا القصف انتهاكا للمصالحة، حيث أنه سيعد تصرفا من جانب واحد.

أما الخيار الثاني فهو أن تتوقف حماس وتصمت على القصف الإسرائيلي للقطاع، ومن ثم فإنها ستخسر قاعدة شعبية كبيرة لها في القطاع كانت ترى أنها جهة المقاومة الحقيقية، وصاحبة المشروع القائم على استراتيجية المقاومة…

وبالتالي فإن إخضاع قرار المقاومة لحسابات العملية السياسية سيدخل حماس إلى بوتقة السياسة اكثر، وتفقد مع الوقت ثوابت مشروعها المقاوم وتتحول إلى نموذج آخر من “فتح”… هكذا يقول أصحاب هذا الرأي..

إحراج للموقف المصري

الموقف المصري أيضا سيكون في غاية الحرج إن استمرت إسرائيل بقصف القطاع، حيث إن القاهرة سيتوجب عليها أن يكون لها موقف واضح ضد استمرار القصف الإسرائيلي لغزة، لحفظ مكانتها في المصالحة، كما أنها أيضا ستعمل على أن لاتغضب إسرائيل الحليف الهام لها في الفترة الحالية.

وبحسب  الرئيس السابق لشعبة الأبحاث بوزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية كوبي ميخائيل فإن مصر ضغطت كثيرا على حماس لحل لجنتها الإدارية والعودة لمحادثات المصالحة.

ميخائيل اعتبر أن مصر سعت من وراء المصالحة بين حماس وفتح إلى تحقيق أهداف عدة، أهمها عودتها للعب موقف ريادي في العالم العربي ووسيط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وعليه فإن مصر ستحاول جاهدة أن تحافظ على عدم فشل تلك المصالحة لأن في ذلك حفظ للمكاسب التي حققتها..

ضغط من أجل الأسرى

ربما يكون القصف الإسرائيلي الأخير هو محاولة اسرائيلية لاستغلال الأوضاع الحالية في غزة، لإرغام حماس على الكشف عن معلومات بشأن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس.

وكان يحي السنوار رئيس حركة حماس، قد أعلن في وقت سابق أن حماس جاهزة لعقد صفقة جديدة، بشأن الأسرى الإسرائليين لديها، دون أن يفصح عن معلومات بشأن هؤلاء الأسرى.

وكانت كتائب القسام الجناح المسلح لحماس قد أعلنت مطلع أبريل 2015، لأول مرة، عن وجود “أربعة جنود إسرائيليين أسرى لديها”، دون أن تكشف بشكل رسمي إن كانوا أحياءً أم أمواتا.

كما لم تكشف عن أسماء الإسرائيليين الأسرى لديها، باستثناء الجندي “شاؤول أرون”، الذي أعلن المتحدث باسم “القسام”، “أبو عبيدة”، في 20 يوليو 2014، عن أسره، خلال تصدي مقاتلي حماس لتوغل بري للجيش الإسرائيلي، في حي التفاح، شرقي مدينة غزة.

وفي وقت سابق أعلنت الحكومة الإسرائيلية، عن فقدان جثتي جنديين في قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية (بدأت في 8 يوليو 2014 وانتهت في 26 أغسطس من العام نفسه) هما “شاؤول أرون”، و”هدار جولدن”، لكن وزارة الدفاع عادت وصنفتهما، مؤخرا، على أنهما “مفقودان وأسيران”.

لكن إسرائيل ترفض التفاوض مع حماس بشأن هؤلاء الأسرى، وسط تحليلات تؤكد أنها تستغل مساعي حماس للمضي قدما في ملف المصالحة مع السلطة الفلسطينة، وتقوم بالضغط على مصر وعلى حماس للإدلاء بمعلومات بشأن هؤلاء الأسرى، وربما إبرام صفقة لصالح الإفراج عنهم بشروط إسرائيلية.

وإضافة إلى الجنديين، تتحدث إسرائيل، عن فقدان إسرائيليين اثنين أحدهما من أصل إثيوبي، والآخر إسرائيلي من أصل عربي، دخلا غزة بصورة غير قانونية.