في الوقت الذي ينتظر فيه العالم أن تكون إعادة إعمار غزة فرصة لتضميد جراح شعب أنهكته الحروب، تكشّف الواقع عن وجه آخر مليء بالاستغلال والانتهازية. تقارير متزايدة تشير إلى أن عملية الإعمار التي طالما حُلم بها سكان القطاع باتت رهينة في أيدي رجال أعمال مشبوهين، أبرزهم إبراهيم العرجاني، رجل السلطة المقرب من النظام المصري.
لكن القصة لا تقف عند حدود الفساد المالي، بل تتجاوزها إلى لعبة سياسية كبرى تستغل معاناة الفلسطينيين لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية فاضحة، في مشهد يعكس استغلالاً غير مسبوق للأزمات الإنسانية.
“شركات العرجاني… إمبراطورية الفساد في غزة”
إبراهيم العرجاني، اسم ارتبط منذ سنوات بمعبر رفح كرمز للفساد واستغلال الفلسطينيين. شركاته، التي تحكمت في حركة البضائع والأفراد، فرضت رسومًا خيالية على سكان غزة، ليُحكم قبضته على كل شريان حياة يمر عبر الحدود المصرية.
اليوم، يعود العرجاني للواجهة، ليس كمسهل لعبور البضائع، بل كمن يريد احتكار إعادة الإعمار. تشير تقارير ميدانية إلى أن شركاته حصلت على عقود لتوريد كرفانات ومعدات بأسعار مضاعفة عن قيمتها الحقيقية، في الوقت الذي يعاني فيه سكان القطاع من فقر مدقع.
“النظام المصري… وسيط أم مستفيد رئيسي؟”
رغم التصريحات المصرية التي تدّعي الحرص على دعم غزة، فإن الواقع يشير إلى أن القاهرة حولت ملف إعادة الإعمار إلى مشروع ربحي يخدم مصالح النظام وشركائه المقربين.
مصادر مطلعة تؤكد أن الحكومة المصرية أقامت تحالفات مع رجال أعمال، وعلى رأسهم العرجاني، للاستحواذ على عقود إعادة الإعمار. الخطط لم تشمل أي شراكة حقيقية مع المؤسسات الفلسطينية المحلية، مما يطرح سؤالاً: هل الإعمار لخدمة السكان أم لتعظيم أرباح النظام؟
دعت القاهرة لاستضافة مؤتمرًا لدعم إعادة إعمار غزة. لكن الكواليس تكشف عن غياب أي آليات لضمان الشفافية، وظهور هيمنة واضحة لشركات مصرية بعينها على المشهد.
هذا المؤتمر ليس سوى واجهة لتلميع النظام المصري، بينما استُبعدت المؤسسات الفلسطينية والمجتمع الدولي من المشاركة الفعالة. بل إن بعض التقارير تشير إلى ضغوط مورست لإبعاد أي شركات أجنبية يمكن أن تنافس شبكات الفساد التي تديرها السلطة.
“أموال الإعمار… لمن تُخصص؟”
المثير للدهشة أن أموال إعادة الإعمار التي جمعتها الدول المانحة قد تجد طريقها إلى جيوب الشركات المقربة من النظام المصري، بدلاً من الوصول إلى السكان المحتاجين في غزة.
شركات العرجاني، التي تورد مواد بأسعار خيالية، هي نموذج صارخ لهذا الفساد. الكرفانات التي كان يمكن أن تكون حلاً مؤقتًا أصبحت تجارة رابحة، تُباع بأضعاف قيمتها الحقيقية، بينما يظل أهل غزة بلا مأوى.
النظام المصري لا ينظر إلى غزة كمأساة إنسانية بل كفرصة سياسية واقتصادية. في الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون إعادة الإعمار مبادرة عربية موحدة، تحولت العملية إلى ورقة ضغط سياسية تُستخدم لتحقيق مكاسب مادية فاحشة.
“فضائح متتالية… والنظام يتستر”
الفساد في عملية إعادة الإعمار لم يعد سرًا. التسريبات من داخل أروقة الشركات المصرية تؤكد أن العملية تدار بعيدًا عن الشفافية، مع غياب أي رقابة دولية حقيقية.
إبراهيم العرجاني وشركاته ليسوا سوى قمة جبل الجليد، حيث تكشف التقارير عن شبكات واسعة من التواطؤ تضم مسؤولين حكوميين ورجال أعمال.
إعادة إعمار غزة، التي كان يُفترض أن تكون بوابة للسلام والاستقرار، باتت أداة للاستغلال السياسي والاقتصادي. شركات العرجاني والنظام المصري يسرقون الأمل من شعب دُمرت حياته، في مشهد يُظهر كيف يمكن أن تتحول المأساة إلى فرصة للفساد.
اضف تعليقا