في خطوة أثارت غضبًا واسعًا بين معارضي النظام السعودي، أعيد تفعيل حساب سعود القحطاني على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) بعد تعليقه لعدة سنوات يُعتبر القحطاني أحد أبرز المقربين من ولي العهد محمد بن سلمان وأحد المشتبه بهم الرئيسيين في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018.

هذه الخطوة أثارت تساؤلات حول نفوذ النظام السعودي وتأثيره العميق في المنصات الرقمية، ومحاولة جديدة لإعادة تأهيل شخصيات مسؤولة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

سعود القحطاني، المستشار السابق لمحمد بن سلمان، لم يكن مجرد موظف عادي في النظام السعودي، بل لعب دورًا رئيسيًا في تعزيز قبضة ولي العهد على السلطة من خلال الحملات الإعلامية والتحكم في الأصوات المعارضة داخل وخارج المملكة. 

وقد تورط القحطاني بشكل مباشر في مقتل الصحفي جمال خاشقجي، حسب تقييم استخباراتي أمريكي صدر عن إدارة بايدن في 2021، والذي أشار إلى موافقة بن سلمان على عملية قتل خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول.

قائد عملية الاغتيال

التقرير الاستخباراتي أظهر أن القحطاني أشرف على فريق مكون من 15 فردًا، جميعهم مسؤولون في الدولة ويعملون في مؤسسات تحت قيادته مثل المركز السعودي للدراسات والشؤون الإعلامية (CSMARC). هذا المركز، الذي ترأسه القحطاني، لم يكن مجرد مركز إعلامي، بل أصبح آلة قمعية توجه الحملة الدعائية للنظام وتعمل على إسكات الأصوات المعارضة.

على الرغم من تعليق حساب القحطاني منذ عام 2019 بسبب سياسات التلاعب بمنصة “إكس”، جاءت إعادة تنشيطه لتعيد تسليط الضوء على التواطؤ بين الشركات الكبرى والنظام السعودي. 

بعد ساعات من إعادة تفعيل الحساب، نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرًا عن هذه الخطوة، مما أدى إلى تعليق الحساب مرة أخرى إلا أن إعادة التفعيل لم تكن صدفة أو خطأ عابر، بل تعكس مدى النفوذ السعودي في المنصات العالمية، خاصة مع استثمار المملكة الكبير في شركة “إكس” من خلال شركة المملكة القابضة التي يسيطر عليها الأمير الوليد بن طلال.

إعادة تفعيل حساب القحطاني قد لا تكون مجرد خطأ تقني، بل قد تكون جزءًا من حملة أوسع بقيادة إيلون ماسك لإعادة تنشيط المستخدمين المحظورين، وخاصة الشخصيات المثيرة للجدل والتي تمتلك علاقات قوية مع الأنظمة السلطوية. في حين أن ماسك أعاد تفعيل حسابات أخرى مثيرة للجدل، مثل حسابات السياسيين المحافظين في الولايات المتحدة، فإن إعادة حساب شخصية متورطة في جريمة قتل وحملات قمعية داخل السعودية تثير تساؤلات حول استقلالية هذه الشركات وتأثير الأموال السعودية في قراراتها.

النفوذ السعودي على منصة “إكس”

التحقيقات التي أجريت على مدار السنوات الماضية أظهرت أن هناك شبكة واسعة من الحسابات المؤيدة للسعودية التي تعمل بشكل منظم لتلميع صورة النظام السعودي وقيادته. 

في عام 2023، توصلت DFRLab، وهي مؤسسة متخصصة في مكافحة المعلومات المضللة، إلى وجود شبكة مكونة من 28 حسابًا كانت تحاول بشكل منظم إجبار إيلون ماسك على إعادة تفعيل حساب القحطاني. هذه الحسابات استغلت التغيرات التي طرأت على قيادة “إكس” بعد استحواذ ماسك عليها، وبدأت في الترويج للمملكة وبرامجها وسياساتها الدولية، مثل الوساطة في أوكرانيا واستضافة معرض إكسبو 2030.

ماسك، الذي ارتبط اسمه بدعم شخصيات مثيرة للجدل مثل دونالد ترامب، يبدو أنه يسير في اتجاه فتح الأبواب مجددًا أمام الأنظمة السلطوية لاستخدام المنصات الرقمية كأداة للتأثير والتلاعب بالرأي العام. إعادة تفعيل حساب القحطاني يعكس هذا النهج، حيث تحاول السعودية من خلاله تحسين صورتها الدولية واستعادة ثقة العالم بعد جريمة خاشقجي التي ألحقت أضرارًا جسيمة بسمعتها.

الخلاصة إن إعادة تنشيط حساب سعود القحطاني، حتى وإن كان لفترة قصيرة، يعد دليلًا على استمرار محاولات النظام السعودي لفرض نفوذه على المنصات العالمية واستغلالها في تبييض صورته.

في ظل التواطؤ بين المال والسياسة، تبرز السعودية كأحد أكبر المستثمرين في “إكس”، مما يتيح لها التأثير في قرارات الشركة ويعزز من فرصها في التحكم بالرواية الإعلامية العالمية.

اقرأ أيضًا : بعد قبول دعوته من قبل المحكمة العليا في لندن.. هل ينجح عسيري في الضغط على بن سلمان لإطلاق سراح معتقلي الرأي؟