لم يكن عام 2025 بداية موفقة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث يواجه مشروع “نيوم” الضخم، الذي تبلغ قيمته التقديرية 1.5 تريليون دولار، تحديات تهدد بإفشال رؤيته المستقبلية. آخر هذه العقبات جاء مع إعلان إفلاس شركة “فولوكوبتر”، الشريك الأساسي لمشروع النقل الجوي الكهربائي في “نيوم”.
رغم الجهود الهائلة والدعاية التي حظي بها مشروع “نيوم”، إلا أن إفلاس “فولوكوبتر” يكشف عن هشاشة الأسس المالية والإدارية للمشروع. فالشركة الألمانية، التي كانت أحد أعمدة رؤية “نيوم” لنقل جوي مستدام وخالٍ من الانبعاثات، لم تستطع تأمين تمويل جديد لمواصلة عملياتها، رغم دعمها من شركات عالمية مثل “مرسيدس بنز”، “إنتل”، و”ميتسوي سوميتومو”.
تمثل هذه الانتكاسة ضربة قوية لخطط “نيوم”، خصوصًا أن المدينة تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا المتقدمة في مشاريعها الفرعية مثل “ذا لاين”، “تروجينا”، و”أوكساجون”. وكانت “فولوكوبتر” بمثابة حجر الزاوية لتحقيق هذه الرؤية من خلال تقديم حلول مبتكرة للتنقل الجوي الحضري.
الإفلاس وانعكاساته على “نيوم”
استثمار “نيوم” البالغ 175 مليون دولار في “فولوكوبتر” عام 2022 يعكس مدى اعتماد المدينة على نجاح الشركة. تعيين “ماجد مفتي”، الرئيس التنفيذي لصندوق استثمارات نيوم، في المجلس الاستشاري للشركة كان يُفترض أن يمنح المشروع ميزة استراتيجية، إلا أن إفلاس “فولوكوبتر” يضع تساؤلات حول فعالية إدارة هذه الاستثمارات وطريقة اختيار الشركاء.
ورغم إعلان الشركة عن استمرار عملياتها خلال إجراءات الإفلاس وسعيها لجذب مستثمرين جدد، فإن الشكوك حول قدرتها على التعافي تثير قلقًا كبيرًا بشأن مستقبل مشروع “نيوم”. هذا الإفلاس يأتي في وقت تسعى فيه المملكة لتحقيق قفزة نوعية في مجال الابتكار والتكنولوجيا، لكن التحديات المالية تضع طموحاتها على المحك.
مشروع “نيوم”، الذي يتم تسويقه على أنه نموذج للمدن المستقبلية، قد يتحول إلى عبء مالي كبير على المملكة. تصف تقارير اقتصادية المشروع بأنه “الأكثر إسرافًا وغرابة”، حيث يتطلب تمويلًا هائلًا قد يؤدي إلى استنزاف الموارد السعودية.
وبينما تحاول الرياض استقطاب استثمارات أجنبية وتطوير طرق إبداعية لجمع الأموال، تظل الحقيقة أن “نيوم” يعتمد بشكل كبير على أموال الدولة. هذا الأسلوب يهدد بتضخم ديون المملكة، مع محاولات متعمدة لإخفاء الديون عن الميزانية الرسمية، ما يعكس أزمة مالية قد تتفاقم مع مرور الوقت.
مغامرات على حساب الشعب
مشروع “نيوم” ليس سوى جزء من سلسلة مشاريع عملاقة تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز اقتصادي عالمي. لكن هذه الطموحات تأتي بتكلفة باهظة تُثقل كاهل الاقتصاد السعودي.
إفلاس “فولوكوبتر” ليس مجرد حادثة فردية؛ بل هو مؤشر على وجود خلل أكبر في تخطيط وتنفيذ هذه المشاريع، إذا لم تتمكن المملكة من مواجهة هذه التحديات بفعالية، فقد يتحول حلم “نيوم” إلى كابوس اقتصادي يضعف الاستقرار المالي للسعودية ويهدد مستقبلها.
الخلاصة هل ستتمكن الرياض من تحقيق هذه الرؤية الطموحة دون التضحية بمقدراتها الاقتصادية، أم أن المشروع مجرد وهم يُخفي أزمات أكبر تحت السطح؟
اقرأ أيضًا :بلاد النفط تواجه خطر الإفلاس في عهد محمد بن سلمان
اضف تعليقا