بين ليلة وضحاها، انقلب الحال رأسًا على عقب في إمارة دبي الإماراتية، فبعد أن كانت تتهيأ لاستقبال أكثر من 25 مليون سائح من مختلف دول العالم خلال العام الجاري بفضل معرض “إكسبو 2020″، باتت تواجه شبح الخراب، لتتحول أحلامها إلى سراب على امتداد صحراء الإمارات.
في تحليل لمحللين اقتصاديين ألمان، أشاروا إلى أن إمارة دبي باتت بشكل وشيك على حافة الدمار، بعد توقف أنشطتها الاقتصادية المرتبطة بمعرض “إكسبو 2020″، الذي كانت تعول عليه الإمارة بشكل كبير بعد أن أنفقت أموالا طائلة في التجهيز والتسويق له.
وكانت دائرة المالية بإماراة دبي، قد أبلغت جميع الهيئات الحكومية عبر وثيقة رسمية بخفض الإنفاق الرأسمالي بواقع النصف على الأقل، وتقليص النفقات الإدارية والعامة بما لا يقل عن 20% ووقف التعيينات الجديدة حتى إشعار آخر، وتمديد إغلاق الأنشطة التجارية، استجابة لتفشي فيروس “كورونا”.
فيما كانت الإماراة حتى وقت قريب، تتأهب، لتنظيم حدث عالمي من الطراز الأول، المعرض العالمي إكسبو 2020، واستعدت لاستقبال 25 مليون سائح من مختلف أنحاء العالم طيلة فعاليات المعرض الممتدة على مدى ستة أشهر، غير أن كل الأحلام تبددت بعد تأجيل المعرض إلى خريف 2021 بسبب كورونا.
وفي هذا الصدد، قال “ماتياس بوغمان”، رئيس الشؤون الدولية في صحيفة “هندلسبلات” الاقتصادية الألمانية، إن ما نراه اليوم “ليس إلا المؤشر الأكثر بروزا بأن إمارة الأضواء تقف على حافة الخراب، وهي التي كادت أن تنجح، حتى الأمس القريب، من الاستقلال النهائي عن النفط”.
لكن “محمد إبراهيم”، خبير الشؤون الاقتصادية في “دوتشه فيلله” ذهب إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن الأمر مرتبط باختلالات نموذج التنمية الذي انتهجته دبي والقائم جزئياً على “الريع العقاري”.
وقال إبراهيم: “حقيقة أن دبي تواجه منافسة قوية وحامية من جيرانها وأشقائها وخاصة في السعودية وقطر، فالنجاح الذي حققته دبي يثير لعاب الجيران منذ سنوات، ومع تراجع أسعار النفط يريد الجميع تنويع مصادر الدخل من خلال استنساخ تجربة دبي والإمارات بشكل أو بآخر”.
وتابع: “فالسعودية تتخذ المزيد من خطوات الانفتاح على العالم تعمل على تطوير مشاريع سياحية عملاقة على جزرها في البحر الأحمر وبناء مشروع نيوم العصري لاستقطاب السياح والمستثمرين والعلماء من مختلف أنحاء العالم بشروط مغرية”.
القشة التي قصمت اقتصاد دبي
فيما رأى “ميخائيل فارزه”، محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “لوتسرنه تسايتونغ” الناطقة بالألمانية والصادرة في سويسرا، أن كورونا كانت بمثابة “القشة التي قصمت اقتصاد دبي، فالإمارة تغرق تحت جبل من ديون تتجاوز 160 مليار دولار، وليست جارتها الغنية، أبوظبي، هي من سينقذها هذه المرة، في ظل الانهيار الحالي لأسعار النفط”.
وفي السياق، تحدث موقع “تريند تسوكنفت” (اتجاهات المستقبل) الاقتصادي الألماني، عن كيفية إنقاذ أبوظبي لشقيقتها الصغرى دبي عام 2009 بضخ 20 مليار دولار، في سياق الأزمة المالية التي هزت العالم آنذاك.
وأضاف الموقع أن “دبي تطورت بشكل رائع في السنوات التي تلت الأزمة، واستطاعت جذب المزيد من السياح، وأضحت الإمارة مثالاً ونموذجاً مغرياً لدول الخليج الأخرى لبناء اقتصاد متنوع مستقل عن النفط”.
وخلُص الموقع إلى أن فيروس كورونا على وشك نسف ما بنته دبي على مدى السنوات والعقود الماضية.
ووفق إذاعة “دويتشه فيلله“، فإن دبي علقت كل آمالها على المعرض العالمي 2020، الذي أجلته لخريف عام 2021، ولكن “لا أحد يعلم كيف سيكون عليه عالم ما بعد كورونا، بمن فيهم الإماراتيين”، لا سيما أن خبراء الاتحاد الدولي للنقل الجوي، أكدوا أن الأزمة الحالية قد تؤدي إلى تبخر ما لا يقل عن 347 ألف وظيفة في قطاع النقل الجوي وخسارة قد تصل إلى سبع مليار يورو في منطقة الخليج.
وبحسب الإذاعة، فإنه بتصفح الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الألمانية يمكن تلمس الأهمية التي تعطيها برلين لعلاقاتها الاقتصادية مع الإمارات العربية بشكل عام، كأهم شريك تجاري لألمانيا في المنطقة العربية بعد السعودية.
كما أن هناك ما لا يقل عن 400 شركة ألمانية تعمل في الإمارات في القطاعات الحيوية، ودبي، بموقعها الجغرافي وبنيتها التحتية الحديثة أصبحت مركزاً مالياً وتجارياً حيوياً بين أوروبا وأفريقيا وآسيا، غير أن الأدوار السياسية، المثيرة أحياناً للجدل، التي تلعبها الإمارات سواء في اليمن أو غيرها، ألقت بظلالها على أجندة العلاقات بين البلدين، كما ظهر ذلك إثر الأزمة الخليجية ومقاطعة قطر.
شاهد أيضًا: المعرض المنتظر تــفـــ ـتـــك به كورونا .. ما هو مستقبل اكسبو2020 بعد هذه الأزمة ؟
اضف تعليقا